رواق

محروق حلمه

1 يناير 1970 02:20 م
هذا بلد محروق قلبه وقلوب أبنائه. يتطاير الدخان من مبانيه وفي كل يوم يطير دخان من مبنى فيه تتطاير أحلام أبنائه وتتبخر أحلامهم، ويوما بعد يوم تبخرت أحلامهم وطارت مع الدخان حتى صاروا شعبا بلا حلم.

لا يحرق المؤمن من النار نفسها مرتين، لكن الكويتي ورغم إيمانه أشعلت النيران جامعة الشدادية بدل المرة والمرتين سبع مرات متتالية، وهي لم تفتتح بعد، بل انها صارت كحكايات حمارة القايلة في الموروث الشعبي نخيف بها الأطفال، ونخاف معهم ونحن ندرك انها خرافة لكن من يدري اللي يخاف من العفريت يطلع له.

وبالحديث عن الخرافات، اعتقدنا طويلا ان وجود دار أوبرا كويتية خرافة ووهم وضرب من جنون، رحنا الى أبعد من ذلك تندرنا ان المستحيلات ثلاثة: الغول والعنقاء ودار الأوبرا حتى تحقق المستحيل.

فرحنا أخيرا ولم نفسد فرحتنا بانتقاد السلبيات التي تتزايد يوما بعد يوم، لم ننفجر نحن، وحدها دار الأوبرا انفجرت علينا شب فيها حريق ورغم محدوديته وبساطته، فإن منظر النيران وهي تتصاعد ستظل راسخة في ذاكرتنا الى الأبد.

ذاكرتنا التي بالكاد تحررت من حرائق احتملتها سبعة أشهر، لكنها لا تحتمل حريقا لا تتعدى مدته سبع دقائق لأن الذي أضرم النيران ليس غازا ولا معتديا ولا عدوا بل هو حريق شب نفسه بنفسه، دون سبب مقنع لعله الاهمال طال مرافق حيوية كجامعة ومستشفى وسكراب والاهمال أشد من العمد.

الفعل المتعمد نعرف أسبابه ودوافعه ونتعرف على الجاني وينال جزاءه، ويصبح عبرة تردع غيره، لكن تكرار الأفعال المنسوبة للقضاء والقدر وكأننا نقتنع أن ما بأيدينا خلقنا حرقاء!

صرنا على كف دخان والتكرار يعلم التبلد وحين التبلد يلجأ الانسان للسخرية ليتحرر من ألمه حتى لا يعود يتألم، مما سخر منه، وإلا هل سمعتم عن شعب يسخر من حرائقه ويسميها بطولة حرائق الكويت... هذا هو الكويتي؟

وحين نعجز عن تفسير منطقي يرضي عقولنا نذهب للتفسير الدائم الذي يريح ضمائرنا المتعبة من السؤال الملح عن الدوافع والمسببات فنعزي كل شيء للعين وهل عندنا عين أن نقول عيناً أصلا؟

كان لدينا حلم ان تكون لدينا دار أوبرا واليوم حلمنا ألا تحترق مبانينا يكفي أحلامنا احترقت.

reemalmee@