حوار / «أثناء الغزو الغاشم انتقلتُ إلى الطائف... وأنتجنا أوبريتات وطنية لتعزيز الإرادة والمقاومة»
فهد المبارك لـ «الراي»: تكريمي من الجامعة العربية... احتفاءٌ بالكويت
| حاوره حمد السهيل |
1 يناير 1970
11:33 ص
كنتُ مديراً للقناة الثانية بتلفزيون الكويت 12 عاماً ثم مديراً لكل القنوات حيث تطور العمل كثيراً
عمدنا إلى تكثيف إنتاج المسلسلات المحلية... وهي نقلة جيدة في المجال التلفزيوني
«التكريم الذي حصلتُ عليه في الجامعة العربية لم يكن لشخصي... بل هو احتفاء بالكويت التي تعطينا الكثير».
بهذه العبارة الموحية تحدث الوكيل المساعد في وزارة الإعلام لشؤون الإذاعة الشيخ فهد المبارك الصباح، عن رحلته الإعلامية التي بلغت ثلاثين عاماً، متوقفاً عند محطاتها المتعددة التي من أهمها انتقاله إلى مدينة الطائف السعودية، أثناء الغزو الغاشم، وعكوفه على إنتاج مواد إعلامية لمساندة الكويتيين، وتعزيز مقاومتهم.
«الراي» اقتربت من القيادي الإعلامي الكبير، الذي أعرب عن إيمانه «بأن الجيل المقبل من شباب وزارة الإعلام سيقود الوزارة إلى مستويات أعلى من العمل والنجاح، وسيبذلون قصارى الجهد والوقت لرفعة اسم الكويت»، مراهناً على «ما يملكه هؤلاء الشباب من إبداع وحماسة وحب لبلدهم».
المبارك فتح النوافذ لـ «الراي»، كي تُطل على مسيرته الإعلامية، كاشفاً عن قصص نجاحه في تطوير التلفزيون ثم الإذاعة، ومتطرقاً إلى دور الكويت التنويري في إثراء فنون المنطقة... إلى جانب تفاصيل أخرى نسردها في هذه السطور:
• الشيخ فهد المبارك الصباح، ماذا لو بدأنا من النشأة والطفولة والخطوات الأولى في الدراسة؟
- نحن من سكان منطقة المسيلة، وأنا الآن أتحدث عن العام 1960 وما بعدها. في ذلك الوقت كانت أقرب المدارس إلينا توجد في منطقة السالمية، ودرستُ في روضة السالمية، وهي حالياً الجامعة الأميركية، ثم كانت دراستي الابتدائية في مدرسة عبدالله الدحيان، التي صارت حالياً «بيت الزكاة»، والمتوسطة في مدرسة السالمية، أما الثانوية فكانت في مدرسة الرميثية وبعدها التحقت بجامعة الكويت «تخصص جغرافيا ومساند إنكليزي»، وتخرجت في بداية العام 1988، ثم توظفتُ في وزارة الإعلام، استجابة لميولي الإعلامية التي أحملها منذ الصغر.
• ولماذا إذاً لم تدرس الإعلام؟
- في الفترة التي التحقت خلالها بالجامعة لم يكن متوافراً تخصص الإعلام، فلذلك اتجهت إلى قسم آخر محبب إلى نفسي، هو قسم الجغرافيا، فأنا محب للاطلاع على عادات وتقاليد الشعوب، وتضاريس البلاد والقارات، وكنتُ من المجتهدين جداً في رسم الخرائط، وفي تاريخ 27 أكتوبر من العام 1988 توظفت في وزارة الإعلام، حينذاك كان الوزير هو سمو رئيس مجلس الوزراء حالياً الشيخ جابر المبارك، وبعد جولة بصحبة المرحوم بدر المضف في أروقة الوزارة، كي أختار القسم الذي أريد الانضمام إليه، استهواني قسم المنوعات.
• وكيف كانت بداياتك في المنوعات، وأنت بدأتَ معداً للبرامج؟
- أعددنا برنامجين في ذلك الوقت، وكان لهما صدى جيد، ثم سمعتُ أن الأستاذ الكبير شادي الخليج كان عنده أوبريت «مواكب الوفاء»، ويجري بروفات في مسرح المعاهد، فطلبتُ أن أشارك في النقل التلفزيوني، رغبةً في تعلم تجربة جديدة، وطموحاً لأكون مساعد مخرج، وفعلاً هذا ما حدث، وكان المخرج هو عبدالله التقي، وبلغت مدة العرض 4 ساعات، وكان برعاية وحضور ولي العهد آنذاك سمو الشيخ سعد العبدالله، وكان ذلك في حفلات 25 فبراير من العام 1990، ثم استهواني تنسيق البرامج، ويوماً بعد يوم أحببت هذا المجال جداً، حتى أصبحت رئيس قسم التنسيق، ثم صرت مراقباً للتنسيق، قبل الغزو الغاشم في أغسطس 1990، وعندما انتقلت الحكومة إلى الطائف، كنتُ واحداً ممن عملوا هناك، وأنتجنا العديد من الأوبريتات الوطنية لأطفالنا الكويتيين الساكنين بالطائف، كما كنا نسجل رسائل شبه يومية للرياض عن عمل الحكومة، وكل ذلك بهدف دعم المقاومة وشحذ الإرادة، وهذا كان عملي أثناء الغزو.
• انتقلت مديراً للقناة الثانية، وهي القناة الأجنبية، حدثنا عن فكرة إنشاء هذه القناة؟
- إنشاؤها كان بمرسوم أميري للعام 1978، وهي كانت بالفرنسية تبث لمدة ساعتين، وكان سمو رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد هو وكيل وزارة الإعلام ذلك الحين، وأنشئت هذه القناة، ثم تغير موضوع القناة إلى محطة أجنبية محدودة ساعات البث، ثم زيدت ساعات بثها. أما كيف انتقلت إلى القناة الثانية فكان وكيل التلفزيون آنذاك الأخ العزيز خالد العنزي مديراً للقناة الثانية في طريقه إلى التقاعد فعرض عليّ أن أكون مسؤولاً عن القناة الثانية، ففضلت أولاً - وقبل الموافقة - أن أجلس مع العاملين هناك، وأطلع على آلية العمل، وسرعان ما اندمجت مع الإخوة العاملين وظللتُ 12 عاماً، وفي العام 2011 / 2012 كنت مديراً لجميع القنوات، وكان وكيل القطاع في التلفزيون الأخ العزيز علي الريس، الذي كان الحمل عليه ثقيلاً جداً، فعرضتُ عليه أن أشاركه في جزء من هذا الحمل، فرحب بالفكرة وفعلاً صدر القرار، وكنتُ مشرفاً لمدة عام تقريباً، وفي بداية 2013 صدر المرسوم الأميري بوكالة التلفزيون، وفي أواخر 2013 عرض عليّ وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود الصباح أن أكون مسؤولاً عن الإذاعة لأطورها مثلما طورتُ التلفزيون، فلم أمانع وتم نقلي إلى الإذاعة.
• في فترة عملك وكيلاً مساعداً لقطاع التلفزيون لاحظ الكثيرون أنك حققتَ مشاهدة عالية، وتحديداً في شهر رمضان، من جراء دقتك في اختيار المسلسلات والبرامج؟
- أول شيء، هذا محصلة جهود فريق عمل كامل، وليس جهدي كفرد، فالعمل الجماعي مهم جداً في كل مجال، وعندما صرتُ وكيلاً للتلفزيون بعد قرابة 30 عاماً في العمل الإعلامي كنتُ أعرف العاملين بالتلفزيون خلال هذه السنوات، وشكَّلنا هذا الفريق، وأول شيء كان تسكين الهيكل، إذ كانت هناك بعض القطاعات التي تحتاج إلى تسكين، ثم شكلنا لجنة المنتج المنفذ، والتي كانت من قبل تشتري الأعمال من الشركات العربية، سواء كانت سورية أو مصرية أو خليجية، ثم بدأنا تكثيف إنتاج المسلسلات المحلية.
• وماذا عن قطاع الإذاعة؟
- الإذاعة، تشتمل على العديد من القطاعات، وبالطبع تحتضن العديد من المحطات، وقد ارتأيت أن أول شيء أبدأ به هو تنظيم الهيكل الإداري، مثلما فعلت في التلفزيون، فقد قمنا بتثبيت الهياكل وسمينا المسميات، وما زالت المسميات تصدر إلى اليوم لتثبيت العمل واختيار العناصر الجيدة. والحمد لله جهود العاملين بالإذاعة جهود رائعة جداً، ولا أذكر أحداً بعينه ولا قطاعاً بذاته، فالكل مجتهدون، كما أن قطاعي الإذاعة والتلفزيون على المستوى نفسه من الكفاءة، وأنا أشدد على أن العمل الجماعي الحقيقي الخالي من الشوائب والمبني على المحبة يؤدي إلى ارتقاء أي عمل نقوم به. والحمد لله هذا ما حدث بالإذاعة والمهرجانات التي شاركنا فيها وفزنا في العديد من البرامج، هذا كله بجهود الإخوة العاملين في إذاعة دولة الكويت.
• حدثنا عن مشاركتكم باسم دولة الكويت، وأنت رئيس للوفد الكويتي المشارك في المهرجانات الخليجية والعربية والتي حققت دولة الكويت فيها المركزالأول بين الدول المشاركة؟
- أنا لا أنكر - كما قلت لك سابقاً - جهود كل العاملين في مجالي الإذاعة والتلفزيون، وما زالت دولة الكويت وستظل هوليوود الخليج مثلما يسميها إخواننا في دول الخليج، ويميز أعمالنا الإتقان سواء في محتوى العمل والتصوير الجيد، إذا تكلمنا من ناحية التلفزيون والإخراج والإضاءة والممثلين. وعندما نتكلم عن قطاع الإذاعة اختيار البرامج الجيدة والموسيقى المؤثرة والإخراج المتقن والعناصر الممتازة العاملة في الحقل الإذاعي، ما يجعل مسلسلاتنا الإذاعية لا تزال مطلوبة إلى اليوم، ودول الخليج تطلب منا مسلسلات رمضان ليس فقط السابق، ولكن الذي قبله. فهذا دليل على أننا مازلنا في الريادة.
• تم تكريمك من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، فما انعكاسات هذا التكريم في الوسط الإعلامي الكويتي؟
- هذا اليوم لن أنساه، فأنا لم أكن أتوقع التكريم، وعندما وصلنا جمهورية مصر العربية رأينا في جدول الأنشطة أن الافتتاح سوف يكون في جامعة الدول العربية، لكنني لم يدر في خلدي أنه سيكون لي نصيب في التكريم. عندما وصلنا جامعة الدول العربية شاهدنا كراسي في منتصف القاعة التي يجلس فيها وزراء خارجية الدول العربية، فتخيل أنك جالس بمكان تُتخَذ فيه قرارات مهمة لكل الدول العربية، وأن أكون مكرماً أنا وبعض الضيوف المكرمين معي، وكان الموقف مهيباً، حيث كنا جالسين في منتصف القاعة، وكل الوفود حولنا. هذا اليوم أنا لم أتوقع أن يكون التكريم بهذه الطريقة. لكن الأهم أن هذا التكريم لا يُحسب لي، بل يحسب لدولة الكويت التي أعطتنا ولا تزال تعطي، وإذا أعطانا الله العمر والصحة والعافية فسوف نظل نعطي أكثر وأكثر إن شاء الله.
• ما الرسالة التي توجهها إلى الشباب؟
- الشباب هو الجيل القادم، وهو من سيقود وزارة الإعلام. الطاقة عند الشباب شيء هائل، وهناك شباب طموح يحتاج إلى توجيه ودعم، وسوف يبدع في كل المجالات، وأنا أفتخر جداً بقدرات شبابنا، من العاملين بوزارة الإعلام، حتى الموظف الجديد الذي ينضم إلى الوزارة يحب العمل من أول يوم.