رواق
شيروفوبيا
| ريم الميع |
1 يناير 1970
02:26 م
«الشيروفوبيا» هي حالة نفسية تم إنكارها طويلاً والاعتراف بها أخيراً وهي باختصار الخوف من السعادة، وبحسب الموسوعة الحرة تنتشر هذه الحالة في المجتمعات غير الغربية وكأن «ويكيبيديا» تخجل من ذكر الحقيقة مباشرة كما هي: غير الغربية يعني العربية يا سادة... نحن العرب يا مدعي السعادة.
المجتمعات السعيدة هي مجتمعات عانت طويلاً لكنها قررت تجاوز معاناتها بالتظاهر بالسعادة فعاشت سعيدة، على عكس المجتمعات التي أخفت سعادتها فأصيبت بالاكتئاب الذي يبعث الكآبة ويشيع الطاقة السلبية في أجوائها المحيطة.
في المجتمعات السعيدة يعترفون بهذه الحالة المرضية ويجاهرون بها ويسألونك إن كنت مصاباً بها لدى دخولك الأماكن الترفيهية، وبذلك تجاوزوها عندما اعترفوا بها وعالجوها، أما نحن فزادنا الإنكار بلاءً، والله تعالى لا يغير علينا ولن يُغير «لأن الله لا يُغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، وأنفسنا الله وحده يعلم بما فيها.
اعتاد العرب منذ بدء التاريخ على النوح والعويل علناً عبر تاريخ حافل بالانكسارات والهزائم... أليس منهم رجل سعيد؟
كلما أقبلت السعادة خافوا وارتعبوا وهلعوا فلم يعلنوها كي لا يفسدوها حتى بعد انقضائها بل على العكس قتلوها ودمروها بالقلق والتوتر والتحسب لما سيأتي بعدها ليطلعها من عيونهم «اللهم اجعله خير».
البؤس أن تفرح وحيداً لكننا نفضل البؤس على الفرح الذي نعتبره حالة موقته نسعى للتخلص منها سريعاً، فنجعل من أنفسنا فرجة عند الحزن فندعو الآخرين لمشاهدة أحزاننا حتى جعلنا من أنفسنا «طماشة» دون خوف من شماتة، فحتى الشماتة مقبولة أما الفرح فغير مقبول يأتي ولا يأتي كزائر سريع وثقيل نفشي مروره على استحياء ونبرر عدم مشاركتنا الذين شاركونا همومنا به بأن «كل شي صار بسرعة»، والواقع أننا سرعنا بحصوله وانتهائه هلعاً من عواقبه التي افترضنا أن تكون كل شيء وأي شيء إلا الخير.
أليس عجباً أن يملأ الناس الكون بكل ما أوتوا من وسائل الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي حزناً وألماً وشكوى ثم يحظرون الجميع ويتحولون إلى وسائل التواصل الانطوائي عند التعبير عن سعادتهم.
شخصيا لا أرتبك عندما يعمل شخص لي «بلوك» وأبحث عن جرم ارتكبته بحقه فالأمر غالباً يتعلق به لا بي منذ صار البلوك أو البرمجة «الكوستيوم» يعطينا إشارة بأن هذا الشخص سعيد حالياً، لذلك هو لا يريد لأحد أن يراه... الله يهنيه.
كم أشفق على أشخاص يشفقون علينا من أن نراهم في أحسن حالاتهم، ولا يخجلون من أن نراهم في أسوئها لسبب وحيد هو الخوف من العين التي انشغلوا بها، حتى نسوا أن يفعلوا شيئاً واحداً، شيئاً وحيداً يستحقون أن يحسدوا عليه.
أصل السعادة مشاركة وأصل الحزن انطواء، لكننا قلبنا كل أهرام احتياجاتنا حتى صارت الكماليات ضروريات نضحي بالضروريات من أجلها وأهمها نفس متصالحة مع النفس.
بالمناسبة: الحزن قدر لكن السعادة قرار متى ما قررت ان تكون سعيداً ستعيش سعيداً مطمئن البال أما إن خفت أن تكون سعيداً كي لا يحسدوك على سعادتك فهذه مشكلتك، وأرجوك عالج نفسك سريعاً لأنك مصاب بالشيروفوبيا.
reemalmee@