... الهروب الكبير

1 يناير 1970 09:52 م
هروب اللاعبين بات أمراً طبيعياً في كرة القدم الكويتية في ظل السياسات الخاطئة التي يسير عليها عدد كبير من الاندية.

الهروب الأخير لحمود ملفي وإبراهيم العتيبي وتوقيعهما للعربي قبل العودة أدراجهما الى الجهراء بسبب خطأ إداري فادح من الاتحاد، كان قراراً لا يُنتقد عليه اللاعبان الساعيان لـ «تأمين» سنوات قليلة متبقية من عمرهما في «المستطيل الأخضر».

ماذا قدم الجهراء أو بقية الأندية لملفي والعتيبي وغيرهما ليستمروا في تقديم الولاء لها؟

لا مال ولا شهرة ولا أي شيء.

على البعض العلم بأن العصر الحجري من سياسات الأندية ولّى، وأن البقاء فيها هو لمن يؤمن للاعب المتطلبات العصرية التي تناسب مكانته وتعادل عطاءه.

انتقال ملفي والعتيبي «العابر» ليس سرقة في وضح النهار، بل كانت نهاية فيلم مأسوي لحال لاعبين يرغبون في الحصول على أبسط الحقوق من أجل الاستمرار وتقديم كل ما لديهم نظير أجر مستحق.

الأمر نفسه ينطبق على نجم القادسية أحمد الظفيري الذي اختصر الدروب وتوجه مباشرة الى السعودية لينضم الى القادسية قائلاً للقيمين على الأخير: «أنا جاهز للانضمام اليكم في الفترة الحالية من دون العودة الى موافقة إدارة فريقي».

لا يلام الظفيري، فقد انتظر موافقة طويلاً رد ناديه على نظيره السعودي، لكن لا حياة لمن تنادي، ففترة الانتقالات الشتوية قصيرة جداً ولا مجال للتفكير.

الظفيري لعب من قلبه مع «الأصفر» ومن دون مقابل، والعطاءات التي كان يحصل عليها أشبه ببقشيش.

الظفيري وملفي والعتيبي اتخذوا في لحظة من اللحظات القرار الصائب في ظل واقع رياضي مميت، من أجل البقاء على قيد الحياة كروياً.

نادي الكويت بطل كأس السوبر وكأس سمو ولي العهد ومتصدر «دوري فيفا»، حصد من عمله الاحترافي الكثير من لاعبيه.

وفّر لهم كل شيء ولم يقصر مع أي منهم، ألغى من تفكيرهم أي مخططات مستقبلية عبر تأمين ما لم يوفره غيره، فجاءت النتائج ايجابية.

يبدو «العميد» في وادٍ وبقية الاندية في وادٍ آخر، لذا لا نستغرب تفوقه واستئثاره بالألقاب.

الجهراء والقادسية وبقية الاندية تدفع ثمن إهمالها وتجاهلها وتصديها لمطال نجومها المستحقة، وقد تشهد الفترة المقبلة هروب عدد آخر منها إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

المادة فى كرة القدم العالمية هي سيدة الموقف، والا لما توجه عدد كبير من النجوم في الفترة الأخيرة الى الدوري الصيني الذي بات أشبه بمغارة علي بابا السحرية حيث تُدفع المبالغ الفلكية.

لقد فضّل عدد كبير من نجوم الصف الأول الصين على البقاء تحت الأضواء في أعتى الدوريات الأوروبية من أجل تأمين عوائد أكبر بالنظر الى قصر عمر اللاعب في كرة القدم.

الظفيري قال «وداعاً» لزمن العطاء من دون مقابل، و»أهلاً وسهلاً» لمستقبل عطاء بمقابل، فيما شارف ملفي والعتيبي على اللحاق به من دون نجاح... وإن إلى حين.