رواق
لهم كراسيهم ولنا كراسينا
| ريم الميع |
1 يناير 1970
02:35 م
طالما رددنا «الرجل المناسب في المكان المناسب» والأصح أن نقول «المسؤول المناسب في الكرسي المناسب»، لأن كرسي المسؤول رجلاً كان أم امرأة مثل الثوب مهما كان جميلاً ورائعاً إن لم يأتِ على مقاسك تصبح كارثة لن تتمكن من تفاديها إلا بخيارين فإما بتصليح الفستان ليصبح على قياسك، أو تعديل جسمك ليصبح مقاسك.
والمنصب كالثوب وكما قيل في الأمثال «الأطول منك يعتّك»، و«يعتك» لفظة محلية تعني يتسبب في سقوطك.
****
السقوط من الكرسي أصل المشكلة التي تدربنا على حلها منذ صغرنا بأسلوب خطأ مفاده كي لا أسقط أتسبب في سقوط غيري.
ويتضح ذلك المبدأ جلياً من خلال لعبة الكراسي الموسيقية التي مهدت لنا لعبنا في ساحة الحياة عندما توقفنا عن اللعب في ساحة المدرسة بالتكنيك نفسه بعدد من الكراسي يقل عن عدد اللاعبين بواحد يدورون حولها عندما يرتفع صخب الموسيقى، وعندما يتوقف العزف فجأة يعلو تصفيق الجمهور وهم يخرجون واحداً لم يتمكن من احتلال كرسي أقرانه لإيثارهم عليه أو بسبب لباقته وخجله وفي الغالب الخسران في هذه اللعبة هو المنتصر.
****
في القارة اليابانية البعيدة يواجهون الأطفال منذ نعومة أظافرهم بحقيقة ماثلة أمام أعينهم أن عدد الكراسي أقل من اللاعبين لكن فوزهم في اللعبة سيكون من خلال تمكنهم جميعاً من الجلوس فيستمرون في اللعب بروح الفريق الواحد وفي كل مرة تقل الكراسي ويتحقق الفوز في اللعبة يتمكن الجميع من الجلوس على آخر كرسي بمثل القمة التي طالما رددنا أنها تتسع الجميع ونحن نقصي الجميع منها ونستأثرها لأنفسنا... ومثلما كنّا نلعب حتى نتعب صغاراً صرنا في كراسي الحياة نلعب ولا نتعب.
****
هيا نلعب...
وفي ساعة الجد نسأل: لماذا لا نتطور؟
ولطالما اعتبرنا اليابان نموذجاً بعيد المنال وتساءلنا لماذا لا نرتقي إلى حضارة اليابان؟
تقول كوكب الشرق: «وعاوزنا نرجع زي زمان قل للزمان ارجع يا زمان»
وعليه يكون الحال: وعاوزنا نبقى زي اليابان تعال نلعب زي لعب اليابان في لعبة الكراسي، ولكن لهم كراسيهم ولنا كراسينا، وبين كراسيهم وكراسينا نقف محلك سر.
****
ويلخص الأمير عبدالرحمن بن مساعد في قصيدته الشهيرة تعاريف مشكلة الكراسي وحلها:
الكراسي
مصدر أفراح ومآسي
لا هي تبارك لجالسها الجديد
ولا هي لأهل تاركها تواسي
الكراسي عامدة
تهزأ بِنَا وهي جامدة
الصرير اللي من قوائمها يقول:
مافي أحد منكم أساسي
reemalmee@