حروف نيرة / (والآخرة خير وأبقى)

1 يناير 1970 06:27 م
رزقنا الله تعالى الخيرات في حياتنا الدنيا، ووعدنا بما هو أعظم لمن شكر ربه بقلبه ولسانه وأفعاله، فإن ثواب الشكر على النعم يظل ويبقى، يقول الصالحون: لو رزقت الدنيا بما فيها ثم قلت الحمد لله لكان إلهام الله لك بالحمد أعظم نعمة من إعطائه لك الدنيا، قال القرطبي: لأن نعيم الدنيا يفنى وثواب (الحمد لله) يبقى .

والإنسان لا يجعل همه في دنياه وينسى آخرته، ولا يعرض عن دنياه ويهجرها، ولكنه يعيش دنياه ويسعى لما هو أبقى، يقول عز وجل: (ما عندكم ينفد وما عند الله باقٍ) النحل/‏96، وقد ذكر العلماء في معناها وجهان:أحدهما: يريد به أن الدنيا فانية، والآخرة باقية، الثاني: أن طاعتكم تفنى وثوابها يبقى، انتهى .

فإن الله رغب فيما عنده من خيرات تبقى ويتضاعف أجرها ولا يزول، فإننا نؤثر ما يبقى على ما يفنى، ولا نُقدّم الدنيا على الآخرة، قال تعالى: (وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون)القصص/‏60،إلا أن الإنسان يغتر بزينة الحياة الدنيا ويكاد يغرق في ملذاتها وينسى ما هو خير وأبقى، (بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى) الأعلى16-17. وعن ابن مسعود أنه قرأ هذه الآية، فقال: ( أتدرون لم آثرنا الحياة الدنيا على الآخرة؟ لأن الدنيا حضرت وعجلت لنا طيباتها وطعامها وشرابها، ولذاتها وبهجتها، والآخرة غيبت عنا، فأخذنا العاجل، وتركنا الآجل ).

فالعاقل فينا من تمتع بزينة الحياة الدنيا وجعلها طريقا للآخرة فزاد من الطاعات، يقول تعالى: ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا ) الكهف/‏41، قال القرطبي: لأن في المال جمالاً ونفعاً، وفي البنين قوة ودفعاً، فصارا زينة الحياة الدنيا.

فمن شكر الله تعالى على ما أعطاه من نعم وخيرات، وأكثر من عمل الصالحات زاده الله من فضله ورزقه الثواب الذي يدوم ولا يفنى وفتح له أبواب الخير في دنياه وآخرته .

* دكتوراه في الفقه المقارن

@aaalsenan

[email protected]