الاستنفار الرسمي بلغ ذروته ومواكبة على الأرض في إسطنبول
لبنان «المفجوع» استقبل بالدموع جثامين ضحاياه الثلاث
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
02:39 م
حكايا مؤثّرة عن آخر أيام الضحايا واثنان منهما استشعرا بالخطر قبل «رحلة الموت»
الحريري: الاعتداء المدان رسالة لأردوغان ويجب ألا نسمح للإرهاب بأن يغيّر طريقة حياتنا
بقي لبنان تحت تأثير «صدمة» المجرزة التي ارتكبها «سفّاح اسطنبول» في ملهى «لا رينا» الشهير والتي أصابت «بلاد الأرز» في «القلب» بسقوط 3 من أبنائها اضافة الى جرْح 11 آخرين أُدخل بينهم 6 الى المستشفيات.
وقد عاد كلٌّ من الياس ورديني (26 عاماً) وريتا الشامي (26 عاماً) وهيكل مسلّم (34 عاماً) مساء امس الى بيروت في نعوش على متن طائرة «الميدل ايست» التي كانت وضعتها الشركة بإيعاز من رئيسيْ الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري بتصرّف أهالي المصابين وبعثة الهيئة العليا للإغاثة ووزارة الخارجية وفريقٍ طبي توجهوا الى اسطنبول مساء الأحد للعمل على نقل الضحايا والجرحى الى لبنان.
ومنذ الساعات الأولى من صباح امس، رفع لبنان مستوى الاستنفار الرسمي لمواكبة هذه الفاجعة واستقبال الضحايا والجرحى الذي كانت التقديرات تشير الى ان 5 منهم يفترض ان يكونوا نُقلوا على متن الطائرة التي زُوّدت بأحدث التجهيزات الطبية وهم ميليسا بالارادو (خطيبة ورديني) ونضال بشرواي (صاحب وكالة معروفة لعرض الأزياء في لبنان) وفرنسوا الاسمر وناصر بشارة وجهاد عبد الخالق، لتبقى الجريحة بشرى الدويهي (كريمة النائب اسطفان الدويهي)، بعدما قدّر الأطباء ان حالها رغم استقرارها تستدعي إبقاءها قيد العلاج في اسطنبول.
وكان الرئيس عون تابع مع الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، عمل البعثة الرسمية التي أوفدتها الحكومة الى اسطنبول، واطلع على تفاصيل الزيارات الميدانية التي قام بها اعضاء البعثة للمستشفيات حيث عادوا الجرحى واطلعوا على حاجاتهم واوضاعهم الصحية، كما بحثوا مع السلطات التركية المعنية في اجراءات نقل جثامين الضحايا الثلاث.
وقبل ان يعود الياس ورديني وريتا الشامي وهيكل مسلّم الى بيروت في «علب الموت»، ضجّ لبنان بحكاية كلّ منهم مع الحياة والقدَر الذي جعلهم يقعون فريسة الإرهاب في مدينةٍ أرادوا ان يحتفلوا فيها بانتهاء عام وفتْح صفحةٍ جديدة لم يعلموا انها ستكتب لهم نهايةً مفجعة برصاصات قاتلة.
صور مؤثّرة، وشهادات مُبكية، وحكايا تملؤها الدموع، انتشرت عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن الضحايا الثلاث... الياس ورديني الشاب الذي لم تكن الدنيا تتسع لطموحاته والذي ربّته شقيقاته الثلاث منذ ان توفي والداه والذي كان يعمل مدرباً في نادي رياضي وصحي في بيروت. وقد طبعت مفارقتان الموت المأسوي لـ ورديني، الاولى انه استشعر قبل الانطلاق الى تركيا بالخطر الأمني وفكّر إلغاء الرحلة، لكنه لم يكن ممكناً له ولرفاقه استرداد المبلغ الذي دفعوه فقرر المضي في «رحلة الموت». والثانية انه بعد بدء إطلاق النار في «لا رينا» قفز في نهر البوسفور الذي غرق فيه من دون ان يُحسم اذا كان قبل ذلك قد تعرّض للإصابة.
وفي حين شغل هيكل مسلّم مواقع التواصل الاجتماعي، هو «العريس» (مدرّب اللياقة البدنية في نادي التضامن ويملك نادياً رياضياً) الذي لم يمضِ 5 أشهر على زواجه من ميراي خوري التي كانت برفقته ولكنها نجتْ فيما قضى هو برصاصات لدى خروجه من مرحاض الملهى، لم تكن قصة ريتا الشامي (كانت من ضمن مجموعة الياس ورديني) أقلّ تراجيدية، هي التي استشعرت قبل سفرها بالخطر وهو ما أسّرت به في رسالة لإحدى صديقاتها قالت فيها: «انا قلقة جداً من هذه الرحلة، لكن خلص حجزتُ ودفعتُ كل شيء»، كما قالت لشقيقتها: «ان شاء الله منتسلى.. وأكتر شيء ممكن يصير إنوا موت بانفجار وإلحق أمي (توفيت قبل 4 أشهر)».
وكان الرئيس سعد الحريري دان الاعتداء الارهابي في اسطنبول واعتبره «رسالة إلى تركيا ولا سيما الى الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يحاول في مكان ما أن يصل إلى وقف سيل الدماء الحاصل في سورية». وإذ دعا اللبنانيين إلى التنبه «سواء كنا في لبنان أم خارجه»، قال «ولكن يجب ألا نخاف، ويجب ألا نسمح لأحد أن يغيّر لنا طريقة حياتنا. فالإرهاب رسالته الأساسية هي التخويف، وهو ليس له دين، ومَن يقومون به ليسوا سوى مجموعة قتلة ونحن سنحاربهم بكل ما أوتينا من قوة».