عاشق البيئة وثّق تاريخ تطوير محميتي الجهراء واللياح خلال 20 عاماً
المحميّات الطبيعية... رئة الكويت
| كتب ناصر الفرحان |
1 يناير 1970
05:33 ص
خالد النصرالله: الأعمال العسكرية خلال الغزو وحرب التحرير دمرت مصادر الثروة الطبيعية في البلاد
زراعة 35 ألفاً من الشجيرات والأشجار الصحراوية كالسدر والطلح والعوسج في اللياح
المحميات تتعرض للتعدي من بعض هواة صيد الطيور وأصحاب الحلال ويجب تشديد العقوبة على المخالفين لردعهم
محمية مبارك الكبير ستصبح الأكبر في الكويت بمساحة 400 كم 2
طبيعة اللياح الساحرة عوضت سوء منظر الكسارات والصلبوخ
الأمم المتحدة تشترط على دول العالم تخصيص 3 في المئة من مساحة أراضيها كمحميات طبيعية... ونصيب الكويت لم يتجاوز 1 في المئة
اهتمت الكويت منذ تحريرها من الغزو العراقي الغاشم في إنشاء المحميات الطبيعية حتى بلغ عددها 11 محمية موزعة على مناطق الكويت ويأتي ذلك بسبب طقسها الحار والجاف صيفاً والجاف البارد شتاء مع ندرة وشح في هطول الأمطار ما جعل الكويت بلداً شديد الحرارة خلال فصل الصيف ويعاني من ندرة في المسطحات الخضراء الطبيعية.
وسعياً للحفاظ على البيئة أصدرت الحكومة الكويتية قانوناً بإنشاء مجلس حماية البيئة العام 1980 والحق بوزارة الصحة ومن ثم تم إنشاء الهيئة العامة للبيئة 1995 ومنحها السلطة القضائية.
وتعرف المحميات الطبيعية بأنها مناطق محددة جغرافياً يجري تصنيفها وتنظيمها وادارتها لتحقيق أهداف محددة تتعلق بالمحافظة على التراث الطبيعي والتنوع البيولوجي ومكان للباحثين والمهتمين بالأنشطة البيئية ومواقع لاستقبال الطيور المهاجرة وتنمية النباتات الفطرية الطبيعية بعد أن تتوفر لها الحماية من الرعي الجائر والدهس وحرث التربة ومن أهم هذه المحميات الطبيعية في الكويت محمية اللياح التي حظيت بتوثيق تاريخ إنشائها من قبل عاشق البيئة الباحث خالد النصرالله من خلال متابعته واهتمامه بالبيئة البرية والمحميات الطبيعية التي اكتسبها من خلال عمله في وزارة الإعلام ومديراً لمحمية صباح الأحمد لمدة 14 عاماً حتى تقاعده في 2014.
وتحدث النصرالله لـ«الراي» عن انجازه قائلاً «إن توثيق تاريخ محمية اللياح يمثل عملاً وطنياً مشرقاً حيث عانت البيئة الصحراوية في الكويت، سيما في الفترة التالية لحرب التحرير من الاستغلال الجائر والاعتداء السافر على مصادر الثروة الطبيعية التي تشكلت عبر آلاف السنين، وتعرضت للتدمير الشامل بسبب عمليات استخراج وتكسير الصلبوخ والمواد المقلعة عموماً، كما عانت وبطريقة كارثية من ظاهرة إلقاء مخلفات الكسارات في نواحيها، وفي مناطق متفرقة أخرى من بر الكويت.
وأشار النصرالله إلى انه سبق لوزارة التجارة والصناعة أن بادرت في 10/ 6/ 1995 بإحاطة مجلس الوزراء بتفشي هذه الظواهر الضارة للبيئة، فأصدر قراراً بإلغاء تراخيص الكسارات كما وافق على الاستغناء عن الصلبوخ المحلي وتشجيع استخدام الصلبوخ المستورد كما قرر تكليف لجنة متابعة القرارات الأمنية بالمجلس بالإشراف على أعمال دفن وتسوية جميع أعمال الحفر، وإعادة المناطق والمواقع المدمرة لوضعها الطبيعي، في حملة وطنية استنفرت لها الجهات المختصة وبمشاركة فعالة من وزارات الدفاع والداخلية والأشغال العامة والتجارة والبلدية وشركة نفط الكويت والهيئة العامة للبيئة، التي قامت جميعاً بتأمين كافة متطلبات التنفيذ.
وأضاف ان الحكومة واصلت الجهود الليل بالنهار، وأنفقت الأموال حتى تحقق انجاز محمية اللياح الذي أشرقت به صحراء الكويت وأعاد للبرية بسمتها المشرقة ونسائمها العليلة واستقبلت بالفرح أسراب الطيور العائدة الى حضن الكويت الأمن.
وأوضح النصرالله انه بتاريخ 28/ 12/ 2015 اطلع مجلس الوزراء على الاقتراح المقدم من لجنة تأهيل مقاطع الصلبوخ بمنطقة اللياح الشاسعة لتكون مركزاً لتنمية الحياة الفطرية بتبعية معهد الكويت للأبحاث العلمية كما كلف المجلس الأعلى للبيئة باتخاذ الاجراءات اللازمة نحو تحويل مواقع مقالع الصلبوخ في منطقة اللياح إلى محمية طبيعية في ضوء أحكام القانون رقم 42 لسنة 2014 في شأن حماية البيئة.
وذكر انه نظراً لفداحة الدمار الذي لحق بمنطقة اللياح فقد استغرقت المرحلة الأولى والخاصة بالناحية الجنوبية لإعادة تأهيلها من العام 2003 إلى 2008، وتم خلالها تسوية المحمية والتي تبلغ مساحتها 179 كيلو متراً مربعاً، كما تم بواسطة عشرات الفرق والآليات والمعدات وردم وتسوية واصلاح الأودية والحفر العميقة جراء استخراج الصلبوخ من باطن الأرض واستنزاف مصادرها وثرواتها الطبيعية، وازالة مباني ومخلفات تراكمت جراء نشاط الشركات الجائر، ومن ثم إعادة تأهيل الحياة الفطرية واصلاح التربة وترميمها.
وكشف النصرالله انه في العام 2011 بدأت المرحلة الثانية والخاصة بالجزء الشمالي لمنطقة محمية اللياح واصلاحها أسوة بالجزء الجنوبي، وتم زراعة أكثر من 35 ألف من الشجيرات والأشجار الصحراوية كالسدر والطلح والعوسج، وامتدت هذه المرحلة إلى العام 2015.
وقال: وفي أواخر 2015 هطلت على البلاد أمطار غزيرة منّ الله بها على الكويت، نزل منها خلال الموسم نصيب وافر، سيما المناطق الشمالية عموماً، ومنطقة اللياح خصوصاً وكان لاعتدال الطقس ودفئه النسبي بفضل الله مساهمة كبيرة في ظهور البذور مبكراً، ولم يمض شهران حتى اكتسى البر باللون الأخضر من جميع نواحي المحمية للتحول إلى واحة غناء تسعد بها الحياة.
وأضاف «بصفتي باحثاً وموثقاً وممثلا للعديد من الجهات المهتمة بالبيئة والطيور، قمت بتوثيق هذه المرحلة بعد الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المعنية وسررت بانتشار الزهور والنباتات والشجيرات في أنحاء المحمية الخضراء وكانت أزهار النوير والأقحوان الأبيض والقريص الأصفر تلقي التحايا منذ الصباح الباكر، وكانت النباتات الحولية كالربلة والكحيل تنثر بذورها الفرح، وقد ساهم هذا التحول والإصلاح البيئي بجذب الفراشات والحشرات التي تعتبر المصدر الرئيس لغذاء اليرقات بعد فقسها من البيض، وهذا كله بدوره أصبح مصدراً سخياً لغذاء الطيور وأفراخها المنتشرة في المحمية الآمنة بأعشاشها المختلفة، وكانت (أم سالم) وهو طائر القبرة الهدهدية تسابق القبرة المتوجة والحمرة سوداء الذيل في التقاط الغذاء لأفراخها الصغيرة».
وتابع: وهكذا عادت الحياة النابضة بالفرح في بلد الأمان الى هذه المنطقة المدمرة، ورفرفت الطيور بأجنحتها الزاهرة، وعاد الربيع الذي اختفى بفعل الأيدي الجائرة، واختفت معها آثار التشويه والدمار وحل محلها الفرح والجمال والأمان في ديرة الأمان، والتحقت محمية اللياح بالركب، مع اخواتها المحميات وفي مقدمتها محمية صباح الأحمد، وأيضاً محمية الجهراء للطيور.
وأشار إلى أنه قام أيضاً بتوثيق محمية الجهراء خلال 20 عاماً وصور عنها فيلماً توثيقياً تم بثه على تلفزيون الكويت، لافتاً إلى انه سيصدر كتاباً جديداً عن طير «الحنكور» والذي يعتبر من الطيور النادرة في العالم ويعيش في الكويت وايران وعدده لا يتجاوز 50 ألف طائر ويواجه شبح الانقراض.
ووجه النصرالله الشكر لاهتمام سمو أمير البلاد في إنشاء المحميات الطبيعية في البلاد ووفق ما تقتضيه الاتفاقيات الدولية وهيئة الأمم المتحدة والتي ألزمت الدول بتخصيص 3 في المئة من مساحتها كمحميات طبيعية ويطالبون بزيادتها الى 10 في المئة علماً بأن مساحة المحميات الطبيعية في الكويت لا تتعدى 1 في المئة فقط من أراضيها.
وأوضح ان محمية صباح الأحمد تعد من أكبر المحميات حيث تبلغ مساحتها 330 كم2 فيما تبلغ مساحة محمية اللياح 179كم2 والجهراء 6كم2 وخليج الصليبخات 4كم2 وضلع القرين 5كم2.
وأضاف ان من بين المشاريع المستقبلية إنشاء أكبر محمية في البلاد متمثلة في محمية مبارك الكبير في جزيرة بوبيان بمساحة 400كم2 مايجعل مساحتها تفوق مساحة محمية صباح الأحمد.
وأوضح ان اللجنة الأمنية ومعهد الأبحاث والهيئة العامة للبيئة كان لها دور متميز في إنشاء وحماية ومتابعة محمية اللياح باشراف رئيس اللجنة التطوعية الشيخة أمثال الأحمد داعياً الجميع الى حماية المحميات من التعدي سواء من هواة صيد الطيور أو أصحاب الحلال باعتبار أن هذه المحميات هي «الرئة» التي تتنفس منها أرض الكويت.
وطالب بتشديد العقوبة على المتجاوزين والمخالفين والاستفادة من تجارب الدول في حماية محمياتهم الطبيعية باعتبارها ملك العالم وليس ملك دولهم ضارباً مثلاً في اتفاقية تم توقيعها بين دول شرق آسيا لحماية «الفراشة» ووضع محميات طبيعية لها حتى يحافظون على وجودها.
النصرالله في سطور
? بكالوريوس إعلام 1985- جامعة الإمارات.
? عين مخرجاً في تلفزيون الكويت عقب تخرجه ثم مراقباً للبرامج التنموية والخاصة 1992 ومدير إدارة الإنتاج 1994 ومدير عام القناة الأولى 1996 ثم مستشاراً إعلامياً 1999.
? عين وكيلاً مساعداً لشؤون التلفزيون منذ 2006 حتى تقاعده في 2010.
? يعمل حالياً مديراً عاماً لإحدى شركات الإنتاج الإعلامي.
? أنتج وأخرج العديد من الأفلام التسجيلية.
? نائب رئيس جمعية حماية البيئة من فبراير 2001 إلى فبراير 2005.
? رئيس فريق رصد وحماية الطيور التابعة لجمعية حماية البيئة منذ 2000 حتى 2005.
? عضو لجنة التحكيم لمسابقة الريادة بمؤسسة التقدم العلمي منذ 1999 ورئيس فريق المحميات في مركز العمل التطوعي حتى الآن.