«عجرة» لكل مواطن

بحسب ما نشرت صحيفة «الراي» أمس قام مريض بكسر يد مدير مستشفى الأميري بـ«عجرة» لأنه يعرف دواه أكثر من الطبيب!

وبين المضروب والضارب تكون العجرة سيدة الموقف، وللموقف جانبان: الجانب المعرفي والجانب السلوكي للمواطن الكويتي. معرفيا الكويتي يعرف الطب أكثر من الطبيب والقانون أكثر من القانوني والسياسة أكثر من السياسي والفن أكثر من الفنان، بل وأكثر هو يعرفك أكثر منك عنك...

****

وهو مواطن لا يقبل أن تخالفه فكل اختلاف يحوّله خلافاً يُصر من خلاله على أنك لا تفهم في مجالك، وهو يفهم أكثر منك في كل المجالات... وأن تسمي الكواكب المحيطة لمذنب «هالي» أسهل من تسمية مجال واحد لا يفهمه الكويتي،

وهو يباهي بمعرفته بكثرة كلامه وارتفاع صوته، ولأن صوته أعلى منك فهو مسموع ومصدق ومنفذ وطلباته أوامر لأن الجميع يريد إسكاته.

ومن لا يصرخ مهما كانت قوة حجته لن يأخذ لا باطلاً ولا حقاً في وسط الصراخ، ولأن الساكت عن الحق شيطان أخرس قد يخرج الصامت عن صمته و»يوزه» الشيطان فيقطع الألسنة الطويلة وقد يطلع له من لديه يد أطول منه فيقطع يده أو يكسرها.

****

سلوكياً الكويتي نوعان: مواطن صوتي ومواطن يدوي، الأول يأخذ حقه بلسانه، والآخر يأخذ حقه بعجرته وبين المواطنين حقوق مهدرة لأكثرية ضائعة بين الاثنين، وحين يشتبك هذا بذاك ويتحول الصراخ عراكاً تتقطع به بعض الألسنة وبعض الأيدي ويصير ضحاياه أكثر من أبطاله في معارك المنتصر فيها خسران والشردة منها نصف المرجلة.

وفي المعارك إياها المواطن أبو عجرة أقوى من المواطن اللي ما عنده عجرة وقد لا تتمكن لاحقاً من أخذ حقك إلا بعجرتك.

****

عرفنا جميعا الدكتور المضروب بالعجرة اسماً وصورة وربما صوتاً قريباً ولم نرَ صورة المريض الضارب ولو ممهورة بعبارة احذروا أبو عجرة، فالمضروب أشهر من الضارب الذي لم يعرفه أحد من باب الستر زين ولن يعرفه أحد فيفلت وينطلق ويمشي في الأرض ضرباً، وعليه يصبح ليس لديك خيار سوى أن تكون مضروباً أم ضارباً، والمسؤول كذلك إما أن يكون ضارباً للقوانين أو مضروباً من الذين لا تعنيهم القوانين ويأخذون حقهم وغير حقهم بعجرتهم لأنهم أمنوا العقوبة.

ومع وجود مسؤولين ينافسون بان كي مون في الإعراب عن قلقهم واستنكارهم واستيائهم فيرجى صرف عجرة لكل مواطن كي يتمكن من الدفاع عن نفسه.

والعجرة لمن لا يعرفها هي عصا غليظة ذات رأس كبيرة، وأطراف مدببة وتستخدم غالباً في المعارك... والحياة معركة.

reemalmee@