اجتهادات

الرهن العقاري ... هل سيعود؟

1 يناير 1970 06:59 ص
لا أعتقد أن أحداً قد يختلف معي في أن القضية الإسكانية في الكويت، هي من أهم القضايا المصيرية التي كانت وما زالت تشغل بال كل مواطن كويتي. كيف لا وطوابير المنتظرين لدى المؤسسة العامة للرعاية السكنية فاق 102 ألف طلب، وفقا لآخر إحصائية صادرة عن المؤسسة في سبتمبر 2016، هذا إذا ما أخذنا في الاعتبار عدد الأسر الذين تمكنت المؤسسة من تخصيص مواقع لهم من دون أن يتسلموها فعلياً!

الكل يدرك تماما الانعاكاسات السلبية الاجتماعية والأسرية الخطيرة، وحالات التفكك والتشتت والضياع التي نجمت من وراء هذه الأزمة والأمثلة على ذلك كثيرة. والكل يعلم أن حل هذه الأزمة لا يمكن أن يتم باستخدام عصى سحرية، بل إن ذلك يحتاج إلى إرداة حقيقة - قولاً وفعلاً - من خلال تبني حزمة متعددة من الحلول، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا من خلال تغيير النمط التقليدي الحكومي في التفكير، وإلا كما يقول المثل (لا طبنا ولا غدى شرنا!).

كثر الحديث أخيراً عن قيام بنك الائتمان بدراسة إمكانية تشريع قانون جديد للرهن العقاري الذي توقف العمل به بموجب القانون رقم 8 /‏2008، ولا شك أن إقرار هذا القانون وتهيئة التشريعات المصاحبة له سيلعب دورا كبيرا في تحسين قدرة المواطن على تملك مسكن العمر، إلا أن ذلك لا يعني أنه مفتاح الحل الوحيد، بل يجب أن يكون من ضمن حزمة منتظرة من الحلول التي قد تصلح ما أفسده الدهر!

ومن المعروف أن قانون الرهن العقاري عادة ما يكون مرتبطا بمنتج عقاري محدد تستطيع من خلال الجهات التمويلية سواء كانت بنوكا أو مؤسسات أو حتى جهات حكومية من تمويل طالب السكن، على أن يكون هذا التمويل طويل المدى قد يصل إلى أكثر من 20 عاما، وبنسبة فائدة منخفضة جدا.

ومن خلال هذا القانون، يستطيع المواطن من ذوي الدخل المتوسط والذي تمكن من ادخار بعض المال من الاستفادة من القروض المقدمة، والتي عادة ما تصل نسبتها إلى نحو 50 - 80 في المئة من قيمة المنزل، وذلك لتمويل شراء منزله وسداد قيمته على فترات طويلة، بينما يحتفظ الممول بحقه في حال تخلف العميل عن السداد في التنفيذ على المنزل واسترداد المبلغ الممول فقط.

وهذا بالطبع سيساهم في تخفيف حجم الطلبات والضغط المستمر على المؤسسة العامة للرعاية السكنية من جهة، ويمنح المواطن الحرية في سرعة تملكه لمنزل العمر من جهة أخرى، من دون عناء الانتظار في طوابير المؤسسة، في مقابل قيامه بسداد الفوائد البسيطة الناتجة عن حصوله على التمويل اللازم لشراء المنزل.

ولعل إعادة النظر في إقرار القانون، قد يساعد بشكل كبير جدا في تخفيف الضغط على بنك الائتمان التي فاقت قيمة القروض الممنوحة من خلاله مبلغ المليار دينار، هذ إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن حجم القروض السنوية الممنوحة يفوق بكثير حجم المبالغ المستردة من المواطنين، ليثير معه تساؤلا مهما وهو إلى متى سيظل بنك الائتمان قادرا في الاستمرار على تمويل طالبي السكن في ظل الحالة المالية الصعبة التي تعانيها الميزانية العامة للدولة!

ولا شك أن إقرار القانون سيساهم كذلك في تحفيز وتشجيع البنوك والمؤسسات التمويلية في تقديم منتجات متنوعة وتنافسية للمواطنين، لأنها بكل تأكيد ستسعى لجذب أكبر قدر ممكن من العملاء، وبالتالي تعظيم وتنويع أرباحها وهذا سيعود بالنفع كثيرا على الاقتصاد الكويتي المترهل أصلا وسيساهم في توفير فرص عمل جديدة للشباب الكويتي.

ولعل قانون الرهن العقاري ليس وليد الصدفة ولا يعتبر أمراً محدثاً، فالكثير من دول العالم الغنية والمتطورة، الفقيرة والمتخلفة قد بادرت في إقرار مثل هذا القانون المهم الذي يساعد بشكل أو بآخر على زيادة قدرة المواطن في تملك بيت الأحلام! فهل سنرى قانون الرهن العقاري قريبا؟

Email: [email protected]