«الراي» عاينتْ المكان وحاورت من أنقذ ابنة الـ 17

«الروشة» عصيَّة على انتحار لبنانية

1 يناير 1970 04:36 م
منح القدَر فاطمة ش. فرصةً ثانية لتعيش. صحيحٌ أن ابنة السابعة عشرة اختارت ان تعادي الحياة وتخاصم الواقع لتنهي حاضرها بالانتحار، إلا أن البقعة التي رمت نفسها منها نحو البحر لم تكن «المناسبة» لتشكّل «الضربة القاتلة». فليس كل جانب من المنطقة المحيطة بصخرة الروشة في بيروت يعبّد الطريق سقوطاً نحو الموت، والصيّادون المرابضون عند تخوم البحر على مدار الساعة كانوا بالمرصاد لينتشلوها حيّةً ويمنحوا صباها موعداً آخر مع المستقبل.

فاطمة التي حضرت عند الثامنة من صباح أمس إلى «الروشة» لتُنفّذ خطة «رحيلٍ» ـ درستْه من دون أن تُحكم تدَبُّر تفاصيله ـ ليست أوّل مَن يخطو نحو الموت ليرمي بنفسه عن «الروشة». فالصخرة البعيدة والمرتفعة كقبّة ناتئة من البحر ذائعة الصيت في كونها خيار جذاب للنفاذ من الحياة إلى الموت بالانتحار. غير أن الشابة الناقمة على الأهل والمحيط لم تتسلق أعلى الصخرة، وأغرتْها صفحة الماء الهادئة في ذاك الصباح الخريفي، بعدما استعجلت الموت من على طرف البرّ المرتفع والمقابل للصخرة، فحالَ سقوطها على ظهرها وعلى مستوى منخفض من ارتفاع سطح البحر دون تحقُّق مرادها.

ما يتردد على الألسن في موقع الحادثة - الذي عاينتْه «الراي» - متناوِلاً أسباب محاولة فاطمة الانتحار، يشير إلى أن الشابة تعيش «وضعاً مأسوياً في منزلها». فالوالد حرمها متابعة تعليمها، أحدهم يقول، ليشير آخر إلى أنه سمع عن لسانها أن أبيها يمنعها من الخروج من المنزل ويحتجزها فيه.

بعيد دقائق من نقل فاطمة إلى المستشفى، يجلس شبان مداومون في المكان يستذكرون ما حصل. محمد عيتاني الذي كان أنقذ الشابة والتقته «الراي» قبل أن تجفّ ملابس الغطس الخاصة به، أخبرنا أن زملاءه الصيادين كانوا لاحظوا وجود فاطمة (بحسب ما عرّفت الصيادين عن نفسها) في الصباح الباكر وتَجوُّلها في المحيط. وهو بدوره شاهدها قبل دقائق من تنفيذ مخططها تجلس مع أحد زملائه لتشكو له حالها، مضيفاً: «أخبرتْني حينها ضاحكةً عن نيتها بالانتحار. ورغم أنني لم أصدّق ما قالته واعتبرتْه مزحة، بادرتُها إلى القول إن مشوارها في الحياة ما زال في أولّه وأن عليها بالصبر والتفاؤل أياً تكن المشكلة التي تواجهها».

ويضيف: «بعد مغادرة الفتاة المكان اعتبرنا ذلك تأكيداً على مزاحها، غير أنني سمعتُ بعد دقائق جمهرةً تصرخ من على (الكورنيش)، فهرعتُ لاكتشاف ما الأمر وإذ بي أجد فاطمة مستلقيةً (بألم) على صفحة الماء بعدما رمت بنفسها».

هل هذا يعني أن «الخطوة الناقصة» في الانتحار لم تكن سوى تهديد للوالد؟ يجيب محمد: «تقريباً. فالشابة أخبرتنا أيضاً أنها كانت تناولت سابقاً حبوباً على نية انتحار لم ينجح وتعرّضت للضرب عقاباً من أهلها عند خروجها من المستشفى».