ضوء

التربية والموسيقى (1)

1 يناير 1970 05:45 م
رداً على من يفتي بتحريم تعليم الموسيقى في المدارس، أكتب عن علاقة التربية بالموسيقى، لعل وعسى الذكرى تنفع المؤمنين.

يعتبر أبولو، إله الفنون كلها عند اليونان، وتنسب كلمة الموسيقى في الأساطير اليونانية، إلى إحدى شقيقات الآلهات التسع التابعات لإله الفنون.

ولقد عبر الكثير من الفلاسفة عن مفهوم الموسيقى وعلاقتها بالتربية الوجدانية والروحية، فالفيلسوف نيتشه يقول: «الموسيقى هي الفن المزدهر خارج الزمن». وغوته يقول: «كل الفنون تسعى لكي تكون موسيقى». وشكسبير يقول: «الموسيقى خمرة الحب». وشبنهور يقول: «الموسيقى حديث الملائكة».

الموسيقى غذاء الروح وشفاء للنفس، وهي حقا لغة الشعوب كلها، يتذوقها كل إنسان، وبالأخص الطفل، منذ أن يكون جنينا في رحم أمه حتى يبلغ أشده، ويطرب لسماعها كل إنسان، أيا تكن البيئة التي ينتمي إليها أو اللغة التي يتكلم بها، وتلعب الأم والجدة الدور الرئيسي في تربية الطفل، فالأهزوجة والحكاية الشعبية المطعمة بالأغاني الشعبية التي ترددها المرأة على مسامع الطفل تؤثر كثيرا في التربية الروحية والوجدانية للطفل، فهي تخلق التوازن النفسي، وتعزز لدى الطفل الشعور بالترابط الروحي مع الأم، عن طريق نغمات الصوت.

فلقد أظهرت الأبحاث أن الطفل يتعرف على أمه وهو جنين من دقات قلبها ومن نغمات صوتها، والغناء إنتاج بشري يشتمل على عناصر ثلاثة: الموسيقى والكلمة والصوت.

وأثبتت الدراسات تأثير الموسيقى على الطفل الرضيع من خلال العلاقة التي تخلقها الأم مع طفلها عبر الغناء له في أوقات ما قبل النوم حتى وإن كانت تدندن اللحن بلا كلمات.

ومن التهويدات الشعبية التي ترددها الأمهات في الخليج قبل النوم مثلاً:

«هلولو يا بعد روحي هلولو... رمان البحرين مايه كرورو... يرقد وليدي رقدة هنية... رقدة الغزلان في البرية»، «كنت أنا في البيت ساكت ما يندره بي... ويوم ياه حبيبي هيض لي نشيدي». وفي الشام تردد الأمهات: «يلا تنام يلا تنام لذبحلك طير الحمام... روح يا حمام لتصدق... عم أضحك ع ابني تا ينام».

ويمكن ملاحظة القافية والموسيقى الداخلية في الكلمات، فعند سماع الإنسان لنغمات الموسيقى تحدث بعض التغيرات الكيميائية والتي يمتد تأثيرها إلى كل حواسه الداخلية، بما فيها التفكير والتنفس والوجدان، والسبب في ذلك أنه عندما يسمع الإنسان الموسيقى يفرز المخ مادة «الإندروفين» التي تقلل الإحساس بالألم وتشعره بالانتعاش والفرح والاسترخاء، لذلك عندما تتمايل الأم مع الموسيقى، وهي تضم ابنها إلى صدرها، أو تغني له أنشودة نجده يهدأ وينام.

تقول الكاتبة آيات ريا، في كتابها «دور الموسيقى في حياة الطفل»: من المعروف أن الصغار ينامون عند سماعهم لبعض الأغاني، لهذا ينصح الخبراء الأم بوضع موسيقى هادئة وتعتيم المكان، ولكن مع عدم ترك الغرفة حتى ينام الطفل على صوت الموسيقى، لأنه عندما ينتهي الشريط ربما يستيقظ الطفل، ويحتاج إلى من يعيد تشغيل الموسيقى، ولهذا، على الأم أن تسمعه بعض الأغاني، ومن ثم توقف جهاز التسجيل قبل أن يستغرق في النوم.

إن الموسيقى الصوتية المتمثلة في الأغنية عند الطفل هي ليست كلمات بل أنغام، فليس من المهم نسيان الأم كلمة أو أكثر من الأغنية، ولكن المهم الاستمرار في الإيقاع الصوتي حتى لو كانت كلمات غامضة.

إن الأم بترديدها اللحن وهزها لطفلها تجمع بين الموسيقى الحسية والحركية والصوتية، والأطفال خاصة ما بين الثالثة والخامسة من العمر يميلون إلى الموسيقى ويستلذون لسماع النغمات الجميلة، ويحبون الأغنيات ذات الكلمات والقافية الموزونة، ولديهم القدرة على حفظها بسرعة عن ظهر قلب.

ولكي نجعل الموسيقى جزءاً من حياة الطفل ينبغي على الأم ألا تعتمد على السمع فقط من خلال الأجهزة المرئية والمسموعة، بل عليها أن تجعل أي آلة موسيقية، أو أي جهاز موسيقي جزءاً مهماً من الأجهزة المنزلية، لأن سماع الموسيقى ينمي الجوانب الوجدانية والانفعالية والروحية لدى الطفل. ويؤكد الخبراء أن أي لحن هادئ وجميل يدخل الحبور والهدوء إلى نفس الطفل، كما يؤكدون إن الموسيقى تشحذ الإبداع والخيال، لذا لابد أن يكون هدف كل أب وأم تنمية حب الموسيقى لدى طفليهما من أجل خلق شخصية مبدعة وخلاقة.

إضاءة:

هنيئاً للكويت الحبيبة وشعبها نجاح الانتخابات البرلمانية. هنئياً للكويت المشاركة الشعبية الكبيرة. هنيئاً للكويت فوز المرأة الفولاذية الوحيدة صفاء الهاشم. هنيئاً للشعب الكويتي الغالي ذلك العرس الديموقراطي الذي نتمنى أن يستمر ويدوم بقوة تلاحم الشعب الكويتي الأصيل وحكمة قيادته، من أجل رفعة الوطن ونهضته.

[email protected]