من الحروب إلى تصاعد الإرهاب وسط تراجع أسعار النفط

قمة المنامة أمام التحديات الأمنية والاقتصادية

1 يناير 1970 02:54 ص
دول الخليج تشهد للمرة الأولى في تاريخها حربين متزامنتين في الجنوب وفي الشمال تهددان أمن واستقرار شعوب المنطقة

مكافحة الإرهاب على سلم أولويات القمة باعتبار أن أبعادها خطيرة على العالم بأسره

5 أولويات أساسية ستكون محل اهتمام ومتابعة من قبل القادة للارتقاء بالعمل الاقتصادي الخليجي المشترك
تنطلق اليوم قمة مجلس التعاون الخليجي الـ37 التي تستضيفها العاصمة البحرينية المنامة، في ظروف مغايرة جدا عن سابقتها في ظل التطورات والتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجه دول المجلس، ممثلة باستمرار الأزمتين السورية واليمنية، كما تتزامن مع الجهود الدولية المتعلقة بمكافحة الارهاب والعلاقات الخليجية مع الدول العظمى، وصولا الى القضايا الاقتصادية وانخفاض أسعار النفط، وانتهاء بتنفيذ كل الآليات والسبل التي تحقق العمل الخليجي المشترك الموحد.

على الصعيد الأمني والعسكري، لاتزال دول المنطقة تعيش في ظلال الازمتين اليمنية والسورية، اللتين بدأتا تأخذان أبعادا أكثر خطورة نتيجة تدخل لاعبين ودول في المشهد السياسي لتلك الأزمات، خصوصا وان دول الخليج تشهد لأول مرة في تاريخها حربين متزامنتين في الجنوب وفي الشمال تهدد أمن واستقرار دول وشعوب المنطقة.

وستؤكد القمة ضرورة إيجاد الحل السياسي باعتباره الأولية لإنهاء الأزمة اليمنية، ايمانا من دُوَل المجلس ان الحل السياسي هو الأفضل والأسلم لتسوية الصراع وتجنيب الشعب اليمني المزيد من ويلات الحروب، انطلاقا من المبادرة الخليجية التي أطلقت عام 2011، والتي حظيت بالعمل عربيا ودوليا، بل واعتمدها مجلس الأمن الدولي في قراراته ذات الصلة بالأزمة اليمنية.

وتأتي قضايا التعاون والتنسيق الأمني ومكافحة الارهاب على سلم أولويات القمة باعتبارها قضايا لها ابعاد خطيرة على شعوب ودول المنطقة والعالم بأسره، ولاشك ان الجهود والتعاون الأمني الدائم والوثيق التي تبذلها دول المجلس لمكافحة الأنشطة الارهابية، تؤكد مدى التزامها بكل بنود الاتفاقيات الدولية التي وقعتها في شأن مكافحة الارهاب.

اما على الصعيد العسكري، فقد أضفت الاتفاقيات والتنسيق والتعاون الخليجي - الخليجي على هذا الجانب بعدا جديدا مختلفا عن السابق، حين كان مقتصرا فقط على قوات درع الجزيرة، وأصبح اليوم أمن دول الخليج مسؤولية جماعية مشتركة من خلال التمارين الأمنية المختلفة التي تجري بشكل مستمر ودائم، وأصبحت عملية تبادل المعلومات والتشريعات واتفاقيات الأمنية الخليجية المختلفة شاهدا ودليلاً على تصميم دول المجلس على مواجهة التحديات الأمنية بجهود وتعاون مشترك وجاد.

اما بخصوص العلاقات الخليجية - الأميركية، فلاشك ان هذه العلاقات التي لاتزال قوية وراسخة واستراتيجية وذلك في كل المجالات، وستكون ايضا محل بحث وتشاور في هذه القمة، خصوصا بعد وصول رئيس جديد الى البيت الأبيض.

وبالرغم من كل المخاوف التي اثيرت في شأن وجود تغيير في سياسات الرئيس الاميركي الجديد تجاه دول المنطقة، الا ان العلاقات الثنائية بين الجانبين تحكمها جملة من التفاهمات والتعاون المتبادل المستمر والوثيق، والتي تؤكد مكانة واهمية دول المنطقة في الاجندة السياسية لواشنطن، ولعل القمة التي جمعت القادة الخليجين والرئيس الاميركي أوباما في كامب ديفيد، والتي تلتها قمة الرياض دليل على أهمية العلاقات الثنائية بين واشنطن ودول المنطقة.

وفي المقابل سيكون ملف العلاقات الخليجية - الروسية ايضا محل اهتمام وتباحث في هذه القمة، وذلك باعتبار موسكو طرفا مؤثرا جدا في الأزمة السورية نتيجة تدخلها العسكري، كما انها تعتبر من الدول المؤثرة على المستوى الدولي، ولاشك ان الجانبين يبديان دائماً رغبة مشتركة في تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات والميادين.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه القادة الخليجيون في اكثر من مناسبة، على ضرورة تكثيف العمل وتسخير الطاقات لتعزيز جهود التكامل والترابط الوثيق بين دول المجلس في مختلف المجالات، ستحظى الملفات المتعلقة بالعمل الخليجي المشترك بكل الاهتمام والمتابعة من قبل قادة المجلس، باعتباره الوسيلة الرئيسية الدفاعية الأولى لدول المجلس في مواجهة مختلف التحديات، والتي من شأنها ايضا ان تساهم في تحقيق المزيد من الرخاء والارتقاء لشعوب دول الخليج، خصوصا بما يتعلق بالجانب الاقتصادي.

حيث كشف التقرير الخاص لمركز الإحصاء الخليجي في شهر أكتوبر الماضي انخفاض الاحتياطات البنكية في دول خليجية.

وتعتبر الهيئة العليا للشوون الاقتصادية والتنموية والتي أعلن عنها في بيان في ختام القمة الخليجية التشاورية السادسة عشرة في مدينة جدة السعودية، أن اهم المواضيع المتعلقة بالعمل الخليجي المشترك، حيث تهدف الهيئة إلى تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لتطوير أعمال المجلس من اجل تعزيز الترابط والتكامل والتنسيق بين دول المجلس في جميع المجالات الاقتصادية والتنموية، وتسريع وتيرة العمل المشترك لتحقيق الأهداف التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون.

وستقوم الهيئة ايضا من جانبها بإنهاء واستكمال كل الأمور المتعلقة بالقضايا الاقتصادية التي تواجه دول الخليج وذلك بشكل عاجل، من اجل تعزيز وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والتنموي، ومن اهم تلك القضايا الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة.

وهناك في المقابل 5 أولويات أساسية ستكون محل اهتمام ومتابعة من قبل القادة الخليجين، وهي اتخاذ كافة القرارات والخطوات التي من شأنها الارتقاء بالعمل الاقتصادي الخليجي المشترك، وتحقيق نقلة نوعية حقيقية في هذا المجال، ووضع كافة القرارات الاقتصادية التي سبق اتخاذها ولم تنفذ أو نفذت بشكل جزئي موضع التنفيذ الكامل والفوري دون إبطاء، إجراء مراجعة شاملة للسياسات والبرامج والمبادرات الاقتصادية لمجلس التعاون بهدف تحسينها وضمان كفاءتها وفاعليتها وفقاً لأفضل الممارسات الدولية المتبعة، تهيئة كافة العوامل اللازمة لتطوير البعد الاقتصادي للعمل الخليجي المشترك والوصول به إلى المستويات المتقدمة التي تم إحرازها في العديد من الميادين والمجالات الأخرى، وأخيرا الاهتمام بكافة المواضيع والأمور ذات الصلة بالشأن الشبابي، وتوفير كافة أوجه الدعم والمساندة لرواد الأعمال من الشباب على النحو الذي يكرس دورهم كرافد أساسي من روافد الاقتصاد الخليجي ومعين لا ينضب للأفكار الجديدة والمبدعة في كافة الأنشطة الاقتصادية

ولاشك ان التطورات والتحديات تحتاج بكل تأكيد الى عملية تشاور مستمرة ودائمة من قبل قادة دول المجلس من اجل إيجاد الطرق والسبل الكفيلة لمواجهتها، وذلك من خلال تبادل الرؤى والأفكار، ولهذا من المتوقع ان يكون جدول أعمال القمة حافلاً بالعديد من الموضوعات والملفات الجديدة، وخصوصا التي تساهم بتحقيق المزيد من الترابط والتكامل، من اجل مضاعفة وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، نحو المزيد من الإنجازات والحفاظ على مكتسبات شعوب المنطقة.