رواق

ميكافيلي الكويتي

1 يناير 1970 02:35 م
لدينا خلاف أزلي بين الميكافيليين واللاميكافيليين حول الغاية والوسيلة بين من يرى أن الغاية تبرر الوسيلة، وبين من يرى أن الغاية لا تبرر الوسيلة، بل ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك باعتبار أن الوسيلة أهم من الغاية.

وكي لا تُرتكب كل الحماقات باسم المفكر الإيطالي الراحل ميكافيلي، وما أسهل أن نُحمل الموتى حماقاتها، باعتقاد أنه تحدث عن الغاية والوسيلة بالمطلق، وهو كان يتحدث عن أسلوب الحكم ومواصفات رجل الدولة في كتابه الشهير «الأمير» الذي أثار ضجة لأنه أول من طرح فيه الواقعية وسط محيط يعيش في حالة تخدير كامل تحت تأثير المثاليات.

ويعتبر ميكافيلي مؤسس مدرسة التحليل والتنظير السياسي، الله يسامحك يا ميكافيلي فأنت تؤسس المدارس، وينضم لها غير المؤهلين والذين لو عشت لمنعت دخولهم المدرسة ولو كان ميكافيلي كويتياً لأغلق المدرسة.

أقول قولي هذا وأنا أتابع عن بعد طرح الميكافيليين واللاميكافيليين من أبناء وطني، وإن كنت أشك بوجود لاميكافيليين الآن، وللعلم الميكافيلية ليست شتيمة، المهم أن مع اختلاط الحابل بالنابل في كل شيء حولنا اختلطت الغاية بالوسيلة، فما صرنا نعرف هل الوصول للبرلمان غاية بحد ذاته أم وسيلة لتحقيق غايات تتأرجح بين الواقعية والمثالية، فأحتار ويحتار دليلي وأتصور لو كتب الله عمراً لميكافيلي وعاش ليرى غايات ووسائل المرشحين في الانتخابات الكويتية لأعاد التحليل والتنظير لتعريف الفرق بين الغاية والوسيلة في زمن صارت وسائله غايات وغاياته وسائل.

وعلى قدر ما واجه ميكافيلي هجوماً من معارضيه فإن أتباعه المحليين سيهاجمونه أكثر فقط كي يثبتوا للعالم أنهم ليسوا ميكافيليين بل هم أفضل من ميكافيلي نفسه، وأن ما يفعلونه واقعي وفطري وبدهي يتماشى مع المجتمع، وينسجم معه ولا علاقة تربطه لا من قريب ولا من بعيد بالمدعو ميكافيلي، ولا تخضع لتحليلاته وتنظيراته البعيدة كل البعد عن شأننا المحلي وخصوصيته فميكافيلي في النهاية... «مو كويتي».

reemalmee@