كلمة بعد النقطة

كيف يتم استغلال جهلك؟

1 يناير 1970 06:21 م
في مقال سابق تحت عنوان «كيف يتم احتلال عقلك»؟... أكدت أننا جميعاً نتعرض إلى أنواع من الاحتلال الفكري بطرق لن تطرأ على بال أحد منا. واليوم أضيف إلى ما كتبت، عن كيفية استغلال حاجتنا أو جهلنا لمنفعة أشخاص أو جهات أو حتى دول!

وقبل أن أسهب في الكتابة، لا بد أن أشير إلى من يعتقد بأننا عندما نتطرق لأمور كهذه، أو عن حجم ما نتعرض له من أساليب مخيفة يتم فيها التحكم في عقولنا، بأننا نبالغ في التحدث عنها، فإنه لم يتعلم من دروس الحياة، ولم يستخدم عقله في تحليل القضايا أو الحوادث التي نسمع عنها كل يوم ونشاهدها. وما لا يعلمه البعض أن هناك مراكز في بعض الدول أنشئت فقط لنشر المعلومات الكاذبة والأخبار الملفقة، ونشر الخوف بين الناس، سواء عن انتشار أنواع من الفيروسات الخطيرة أو الحروب المدمرة، أو عدم الشعور بالأمان في بلدانهم أو الثقة بحكوماتهم أو زعزعة إيمانهم والشك في عقيدتهم، غير الشعور بالقلق من المستقبل وما يتعرض له الأجيال القادمة من فقر أو جهل أو تشريد أو أمراض.

كمثال: إن كنت لا تعرف تاريخ بلدك أو أمتك، فاعلم أنه سيستغل جهلك بهما وسيتم التقليل من شأن إرثك التاريخي أو حتى إلغاء وجودك.

وإن كنت لا تعرف مدى العلاقة بين تجار بعض الأغذية وتجار الأدوية والغرض من ظهور فيروس وانتشار مرض معين، فإنه سيستغل جهلك، وسيتم الترويج لهما لتقع فريسة المرض والبحث عن الدواء الذي انتجوه لك.

وإن كنت لا تعرف أن حتى في الحرب أو في بعض النزاعات السياسية تكون تحت علم واتفاق بين هذه الأطراف لمصلحة معينة، سيتم استغلال جهلك وتسير خلف الشعارات والتظاهرات. وتكون أنت وأولادك الضحية.

وإن كنت لا تعرف أن بعض الأقلام أو الأسماء المشهورة هي مأجورة، لتمرير ما يريدون من أفكار مغلوطة ومعلومات كاذبة لمصلحة جهات معينة.

وماذا أقول أيضا؟ فكل ما سأقوله يعود إلى الجهل في الأمور، وهو المرض والبلاء الذي يسعى الكثير لنشره بين عامة الناس، حتى يتم إغلاق باب البحث والتساؤلات لديك.

أعلم... الخوف من الشيء لا يعني تسفيهه أو إنكاره أو تجاهله، ومهما حاول بعض المثقفين والمهتمين تنبيه المجتمعات من خطورته، إلا أنه صار في تزايد تحت صور وطرق مختلفة، لن تستوعب حجمها أو أشكالها، خصوصاً مع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، فما زلنا نعيد إرسال الصور والمعلومات والفيديوهات من دون التحقق من صحة الخبر، ولا يكفي أن نعرف «المصدر». فأحياناً هذا «المصدر» تعرض أيضا لنصب فكري. تخيلوا معي حجم هذا الاستغلال!

السياسيون المتشائمون يقولون: ان من يقود العالم ويتحكم به، هم ليسوا إلا عصابات، ونحن كشعوب نريد أن نعيش حياة كريمة، لا يتم فيها استغلال طيبتنا أو جهلنا، ليتم تمرير ما يريده أعداؤنا أو أهل المصالح.

لذا أدعوكم، وقبل ذلك ادعو نفسي أولاً، أن ننتبه ونتدرع بالثقافة والتي منها نستقي الوعي. نعم «الثقافة»، تلك الكلمة التي لا يحب أن يسمعها البعض... وهي العلاج والسلاح والحكمة.

[email protected]