تشكيل الحكومة «في سباق» مع ذكرى الاستقلال

لبنان «المطمئنّ» إلى إنجاز تسويته السياسية عيْنه على تداعيات «زلزال» فوز ترامب

1 يناير 1970 05:54 م
ظريف خاطب الحريري: دولة الرئيس أنت قائد تسوية شجاعة في لبنان وهذه التسوية تصلح لتكون نموذجاً في المنطقة
فيما كانت الولايات المتحدة ومعها العالم يتلقّون ارتدادات «الزلزال» الذي أحدثه فوز الجمهوري دونالد ترامب في السباق الى «البيت الأبيض»، بدا لبنان مرتاحاً الى انه «حيّد» أزمته السياسية - الدستورية التي كانت تعتمل منذ 29 شهراً عن نتائج الانتخابات في «بلاد العم سام»، من خلال إنهاء الشغور في سدة رئاسة الجمهورية في 31 اكتوبر الماضي ووضْع البلاد على سكّة استعادة الانتظام المؤسساتي الذي لن يكتمل الا بولادة الحكومة الجديدة التي كُلف الرئيس سعد الحريري بتشكيلها.

وبينما كانت أميركا غارقة في محاولة الإجابة عن السؤال الكبير «كيف فعلها ترامب»، وسط رصْدٍ عربي وغربي للتداعيات المرتقبة لهذا الفوز داخل الولايات المتحدة وعلى تعاطي واشنطن مع الملفات الساخة في المنطقة وحتى على خريطة التوازنات الدولية، ظهرت بيروت وكأنها تتفيأ «شبكة الأمان» التي وفّرها الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي من ضمن تسويةٍ هي أقرب الى «فك الاشتباك» بين الرياض وطهران في لبنان، وسط اتجاه الأنظار بالدرجة الأولى الى السياسة التي ستعتمدها إدارة ترامب الجديدة حيال ايران واستطراداً «حزب الله»، باعتبار ان هذا الجانب من «الانقلاب» في المشهد الاميركي قد تكون له تأثيراتٌ على الواقع اللبناني.

واذ لم يكن لبنان الرسمي حتى اولى ساعات بعد ظهر امس أصدر اي تعليق على الحدَث الاميركي، كانت مواقف لبعض النواب في تكتل الرئيس المنتخب العماد ميشال عون، مثل آلان عون الذي اعتبر (في إشارة الى ترامب والرئيس عون) انه «خلال أسبوعين، مرشحان رئاسيان غير تقليديين تعارضهما الطبقة السياسية الكلاسيكية وتأتي بهما الإرادة الشعبية»، فيما اعتبر زميله النائب ابراهيم كنعان ان وصول ترامب «يتجاوز انتخاب رئيس الى نظام عالمي جديد».

ولم يحجب الاهتمام بالصدمة التي أحدثها انتخاب ترامب الأنظار عن المساعي المستمرة لاستيلاد الحكومة الأولى في العهد اللبناني الجديد التي رُسمت لخروجها الى النور «مهلة حثّ» هي قبل 22 الجاري اي ذكرى الاستقلال، وهو ما يجعل الأيام الـ 11 المقبلة حبلى بجولات أكثر حدّة من لعبة «عض الأصابع» ذات الصلة بصراع «الأحجام والحقائب» واستطراداً التوازنات في مجلس الوزراء.

وبدا واضحاً ان العقدة الاساسية التي يجري العمل على تفكيكها تتصل بالحقائب السيادية الاربع (المال والداخلية والدفاع والخارجية)، وسط شدّ حبال حول وزارة المال التي تشهد «معركة» بين الرئيس نبيه بري وحزب «القوات اللبنانية» عليها تشكّل عملياً «الملعب الخلفي» لكباش آخر ذات بُعدين: الأول التسليم الضمني من الجميع بأن «المال» ستبقى «في عهدة» وزير من فريق بري لكن هناك رغبة في عدم ربْط الأمر بعُرف يُكرَّس على انه ذات صلة باتفاق الطائف ومداولاته لجهة اعتبار هذه الحقيبة عنصر الشراكة الشيعي بالتوقيع في السلطة التنفيذية مع رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السني. والثاني «الفيتو» الذي يضعه أكثر من طرف على تولي حزب «القوات» اي وزارة سيادية، ما يعني بحسب أوساط سياسية ان «المال» تشكّل ما يشبه «ورقة مقايضة» مع حقيبة أخرى من التصنيف نفسه، او حقائب أخرى وازنة.

وبدا لافتاً انضمام تكتل عون الى دعم شريكه المسيحي الجديد «القوات اللبنانية» في معركته الوزارية من خلال معاودة طرح مسألة المداورة في الحقائب وسؤاله في غمزٍ من قناة بري «هل من مصلحة وطنية في تكريس حقيبة معينة لطائفة معينة، بدءاً بأنفسنا؟»، مؤكداً أنّ «واقع التفاهم بيننا وبين القوات اللبنانية هو معطى أساسي، فلا إقصاء ولا تهميش لنا وهذا الاتفاق هو لإعادة حضور مكوننا المسيحي في صناعة القرار الوطني».

وفيما برزت امس زيارة السفيرة الاميركية اليزابيث ريتشارد للرئيس الحريري، كشفت تقارير صحافية ان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف أبلغ الى رئيس الحكومة المكلف الذي التقاه اول من امس دعماً لمساعيه لتشكيل حكومته وانه توجّه اليه قائلاً: «دولة الرئيس.. انت كنت قائد تسوية شجاعة في لبنان، وهذه التسوية تصلح لتكون نموذجاً في المنطقة».