لقاء «مميّز» مع الحريري وزيارات لبري وسلام ونصرالله

ظريف: لضرورة تقارُب وجهات النظر بين لاعبي المنطقة لايجاد الحلول السياسية المناسبة للأزمات في الإقليم

1 يناير 1970 05:54 م
لم تمرّ زيارتا الموفد الرئاسي السوري منصور عزام ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف لبيروت لتهنئة الرئيس اللبناني المنتخب العماد ميشال عون من دون ان تثير انزعاجاً لدى القوى المناهِضة للنظام السوري

و«محور الممانعة» جراء توظيف حلفاء الرئيس بشار الأسد وطهران لهاتين الزيارتين بإظهارهما عنواناً لاحتضان العهد الجديد، بما أثار تحفظاتٍ وخشية لدى أطراف كثر داخلياً وخارجياً، وإن كانت لم تخرج في غالبيتها الى العلن نتيجة الحرص على تفادي ما من شأنه عرقلة المرحلة الجديدة التي دخلها لبنان بإنهاء الشغور الذي استمرّ نحو 29 شهراً في رئاسة الجمهورية وتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الأولى في عهد عون.

واذا كانت زيارة عزام، غير المسبوقة لمسؤولٍ سوري لبيروت منذ نحو 6 أعوام، اقتصرتْ على لقاء عون ونقل تهاني الأسد اليه، فإن محادثات ظريف في بيروت اكتسبت دلالاتٍ أبعد نظراً الى طبيعة لقاءاته التي شملتْ، الى كلٍّ من رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله ووزير الخارجية جبران باسيل،و الرئيس سعد الحريري حيث كان لقاءٌ هو الاول بين الحريري ومسؤول ايراني منذ بدء الحرب السورية، وجاء في غمرة الاشتباك السعودي - الايراني الممتدّ على طول «خط النار» في المنطقة وخصوصاً في اليمن وسورية.

ورغم «الارتياب» من اندفاعة الاحتضان السورية - الايرانية للعهد الجديد، فإن زيارة ظريف للحريري (كان استقبل اول من امس سفراء دول مجلس التعاون الخليجي)، وإن جاءت بحسب أوساط سياسية من باب «الواجب البروتوكولي» من جانب المسؤول الايراني فيما قاربها رئيس الحكومة المكلّف من باب «مسؤوليته الدستورية كرئيس لحكومة لبنان»، إلا انها اكتسبت رمزية كبيرة لانها اعتُبرت في جانبٍ منها إشارة معبّرة الى واقع «تعايُش اضطراري»، وإن غير مخطَّط له او منسَّق، بين الرياض وطهران تحت «سقف» العهد الجديد في لبنان، وهو التعايش الذي من شأنه ان يشكّل «اختباراً» لمدى إمكان تمدُّده الى ساحات أخرى، وسط محاولات تبرز لرفده خليجياً ودولياً بما يوفّر «توازناً» بين «قوى الرعاية» للوضع اللبناني.

وفي حين يُنتظر ان تُوجّه دعوة الى كل من عون والحريري لزيارة الرياض بعد ولادة الحكومة الجديدة، وعلى وقع تقارير عن زيارة محتملة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لبيروت تعقب تشكيل الحكومة وقد يستعاض عنها بدعوة رئيس الجمهورية الى باريس، شكّل اعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق ان الرئيس الحريري تبلغ من الفرنسيين انهم سيبدأون ببذل الجهد لعقد مؤتمر باريس 4 إشارة متقدّمة الى رغبة الدول المعنية في تقديم دعم مادي ومعنوي للعهد الجديد.

وكان لافتاً كلام ظريف بعد زيارة الحريري (لم يتخلله اسئلة وأجوبة) اذ وصف اللقاء بـ «المميز» وأكد «اننا تطرّقنا الى مختلف الأزمات في الإقليم وضرورة تقارُب وجهات النظر بين مختلف اللاعبين في المنطقة لايجاد الحلول السياسية المناسبة».

وأشار الى انه قدّم للحريري وللشعب اللبناني «أسمى آيات التهنئة لغلبة منطق العقل والحكمة في الساحة السياسية (في لبنان)»، مؤكداً عزم ايران «على التعاون التام مع لبنان في المجالات كافة، مع الحكومة الحالية والحكومة التي ستبصر النور».

وشدد على «ان الأخطار الاساسية التي تهددنا هي الارهاب الصهيوني والإرهاب التكفيري، وهذه الأخطار تهددنا جميعاً ولا تستثني احداً، ونحن مستعدون للتعاون مع الشعب للبناني بكافة طوائفه وأطيافه ليتمكن من مواجهة الأخطار هذه»، ومتمنياً «كما شهد لبنان النجاح في مجال الاستحقاق الرئاسي، ان ينجح في تشكيل حكومة جديدة لمصلحة لبنان والشعب اللبناني».

وبعد لقائه الرئيس بري قال ظريف رداً على سؤال حول «اذا كان ما حصل في لبنان»بروفة«لكل المنطقة بالنسبة الى السعودية وايران» وحول الخطابات السابقة للرئيس الحريري المنتقدة بشدة لطهران: «التقينا الرئيس الحريري انطلاقاً من نظرة مستقبلية، ونأمل من خلال رؤية دولته التي أدت الى إنجاز الانتخابات الرئاسية انها ستؤدي لتشكيل الحكومة من خلال الإجماع والتوافق بين الأطراف الرئيسيين اللبنانيين، ونحن على ثقة ان العلاقات بين لبنان وايران ستتعزز على مختلف الصعد».

وعما اذا كان وصول عون الى الرئاسة «فوز لإيران»، شدد على «ان اي نجاح يحرزه لبنان هو نجاح لنا، ونأمل ان يسمر النجاح ويتم تشكيل الحكومة بأسرع وقت».

ووجّه ظريف تحية خاصة وذات دلالات للرئيس بري «السياسي الوطني الكبير الذي امتزج تاريخ لبنان باسمه»، منوهاً بالدور الذي لعبه في جلسة انتخاب عون رئيساً والجهود التي يبذلها في ملف تشكيل الحكومة «انطلاقاً من الإجماع اللبناني والدور الأساسي والبنّاء لدولته الذي يأخذ في الاعتبار مصلحة الشعب اللبناني برمّته ونحن نؤازر جهده»، ومعلناً«نأمل على مستوى المنطقة التلاقي والتعاون بين كل الأفرقاء الاقليميين الحريصين على مستقبل المنطقة».

وكان ظريف اعلن بعد لقاء الرئيس سلام ان بلاده «تدعم وتؤازر التوجه السياسي البنّاء الموجود في لبنان»، معلناً «تطرقنا الى كافة الأزمات السياسية في المنطقة سواء في سورية او اليمن، وأكدنا لدولته ضرورة وضع حد نهائي وفوري لسفك الدماء الجاري في البلدين وضرورة التوصل لحل سياسي مناسب لهاتين الأزمتين المستعصيتين وضرورة تأكيد الجميع على استحالة الحل العسكري لهذه الأزمات».