يسعون لتعويض خسائرهم الفادحة

«عصاعص» السوداء يحاولون مواجهة «التعويم»

1 يناير 1970 06:04 ص
السوق الموازي يسترشد بـ «الرسمي» محدداً هامش سعر وصل 15 في المئة
أيام ملتهبة الأحداث، عاشها المصريون المقيمون في الكويت بانتظار أن ينقشع «غبار» معركة «تكسير العظام» بين السوقين الرسمية و«السوداء» للصرافة.

وبدا من الواضح أن قرار «المركزي» نجح في إرباك «السوداء»، وألحق بها خسائر كبيرة، أدت إلى تبعثر سيولة «عصاعص» التجار خلال الساعات الماضية.

وقد رصدت «الراي» أسعار تحويل العملات (دينار - جنيه) منذ صدور قرار تحرير سعر صرف العملة المصرية. وخلال تداولات أمس بدأت شركات الصرافة الرسمية تعاملاتها عند سعر 22.24 دينار لكل ألف جنيه مصري كسعر معلن، إلا أن بعض تلك الشركات لجأت إلى ميزة الأسعار التفاوضية التي كانت تتمتع بها «السوق السوداء»، حيث أتاحت لمديري الفروع هامشاً في الأسعار بخصومات تصل في حدها الأقصى إلى 750 فلساً تحدد وفقاً للمبلغ المراد تحويله ليصل أدنى سعر في السوق الرسمي إلى نحو 21.5 دينار لكل 1000 جنيه.

بدوره، بلغ أقصى سعر تحويل في «السوداء» نحو 19.5 دينار، في حين وصل أدنى سعر إلى 18 ديناراً لكل ألف جنيه مع المبالغ الكبيرة.

المفارقة خلال يومي السبت والأحد بدأت تظهر في محاولة بعض «عصاعص» السوق السوداء التواصل مع بعض الشركات في السوق الرسمي من أجل عودة نشاطهم مرة أخرى، وذلك من أجل الحصول على سعر أقل من السعر المعلن، وهو ما فسره أحد المطلعين، بأنهم يحاولون العمل بنفس الأسعار المعلنة لدى الشركات، إلا أنهم سيكونوا أكثر تميزاً من خلال خدمة التحويل الفوري في نفس اللحظة، والتوصيل حتى باب المنزل، كخطة لمحاولة الاستمرار والمنافسة بعد التغييرات الأخيرة.

يأتي ذلك بعدما مروا بفترة عصيبة جدا كادوا أن يتحملوا خلالها خسائر فادحة بعدما انخفض سعر صرف الدولار من 18.5 جنيه إلى نحو 12 جنيها مع جمود في حركة التداولات، إذ كانت الخسائر المتوقعة لمن تبلغ سيولته مليون دولار في ذلك التوقيت نحو 6.5 ملايين جنيه، وهو ما سبب صدمة للكثير من صغار التجار، أدت إلى توقف عملياتهم خلال الأسبوع الماضي.

وذكر أحد صغار التجار في «السوداء» أنه والكثير من أقرانه عانوا مشاكل في السيولة خلال الأسبوع الماضي، وذلك بعد ارتفاع سعر الدولار إلى مستواه التاريخي عند 18.5 جنيه، ما أوحى لهم بإمكانية استمرار معدلات الزيادة فكثفوا حجم تحويلاتهم بالدولار، ليبدأ التحسن السريع في قيمة الجنيه لتتشكل ملامح «الصدمة»، وتتوقف عملياتهم نسبيا لعدم توافر سيولة بالجنيه المصري.

وأشارت المصادر إلى أن عملية التعويم عوضت جزءاً كبيراً من خسائرهم المتوقعة، إلا أن حالة الترقب مازالت مسيطرة، خصوصا أن سعر الدولار لم يرتفع بالشكل الكافي ليعوض خسائرهم بالكامل، وليتمكنوا من استرداد السيولة اللازمة لعودتهم إلى عملهم مرة أخرى بأمان، متوقعة أن يكون الأمر أكثر صعوبة من ذي قبل، خصوصا مع وجود الحرية لدى البنوك للتسعير، وهو ما خفض الأسعار في السوق الرسمي بصورة كبيرة جداً.

عودة السيولة

وعلى الرغم من ذلك، بدأ صغار التجار يتخلصون مما لديهم من دولارات على سعر 17 جنيها لإعادة سيولتهم مرة أخرى بخسارة طفيفة، وهو ما دعاهم للتخلص من دولاراتهم بخسارة أقل وسط اشاعات بوجود عطاء استثنائي، خوفاً من زيادة خسائرهم لو انخفضت أسعار الدولار مع العطاء المزمع حتى يستطيعوا العودة للعمل مرة أخرى.

واعتمد من كان يملك سيولة في «السوق السوداء» نهاية الأسبوع الماضي آلية الاسترشاد بأسعار السوق الرسمي لتأمين عمليات التحويل، وذلك من خلال هامش سعر أدنى لا يزيد عن 5 في المئة، إلا أن المتعاملين فضلوا السوق الرسمي نظرا لعدم وجود هامش الربح المغري.

غير أنهم ومع بدء ارتفاع معدلات، السيولة مجددا أمس في «السوداء» استمروا في الاسترشاد بـ «الرسمية»، ولكن مع رفع هامش الفرق بين السوقين للمبالغ الكبيرة بنسبة تصل إلى 15 في المئة، في محاولة مستميتة لاستقطاب العملاء مجدداً.

وأرجع مصدر في «السوق السوداء» سبب إحجام المتعاملين عن التحويل إلى انتظار ما ستسفر عنه آليات التعويم على السوق في النهاية، وذلك طمعاً في تحقيق مكاسب أكبر، خصوصا بعدما وصل السوق الرسمي إلى معدلات قريبة جداً من التي عاشتها «السوداء» خلال الشهرين الماضيين.

في المقابل، أوضح أحد المتعاملين في «السوداء» أنه يبحث عن السعر الأدنى، خصوصا أنه في حال استمرار السعر الرسمي عند المستويات المنخفضة جدا كما يحدث حاليا، مبيناً أنه سيلجأ لمن يحقق له مكسباً أكبر من خلال سعر صرف أكثر انخفاضا للجنيه.