الفيلم حاز 38 جائزة دولية... آخرها من «الشارقة السينمائي الدولي»
«أنا سامي»... صرخة ضد الأزمة العراقية
| كتب شعبان السيد إبراهيم |
1 يناير 1970
05:33 ص
الفيلم الفائز أخيراً بجائزة «أفضل فيلم روائي قصير» من مهرجان «الشارقة السينمائي الدولي للطفل»، يدين تدمير الأطفال بين شقي رحى الأزمة التي تجتاح العراق!
فعلى مدى خمس عشرة دقيقة، هي مدة فيلم «أنا سامي»، يشتبك محوران أحدهما الطفل العراقي سامي ابن العاشرة، الذي يعاني مع أسرته البائسة وعائلها المريض، آلام الفقر المدقع عقب أحداث العام 2003، حيث يتجسد المحور الآخر المقابل في الجنود الأميركيين المدججين بالسلاح، في الشوارع، أو داخل معسكراتهم المحصنة.
سامي المحروم من طفولته، يذهب لبيع أفلام منسوخة على أقراص مدمجة للجنود الأميركيين لقاء بضعة دولارات طمعاً في مساعدة أسرته وشراء دواء لأبيه المنهك، وقد أثمرت تجارته «صداقة» ـ أو هكذا كان يظن ـ بينه وبين الجنود، خصوصا أوسكار الذي كان يتحدث معه بلطف، حتى فوجئ الطفل بينما كان يتناول العشاء الشحيح مع أسرته في ظلام دامس، بفرقة من الجنود الأميركيين المسلحين يقتحمون عليهم الغرفة شاهرين أسلحتهم، وألقوا القبض على الأب المريض، واقتادوه إلى الخارج، وكانت المفارقة أن أحد الجنود لم يكن سوى أوسكار الذي ظنه الطفل سامي صديقه، فشرع يتوسل إليه بحق صداقتهما كي يترك والده من دون أن يُبالي الجندي بتوسلاته!
يتفتق عقل سامي عن الذهاب إلى معسكر الجندي أوسكار، ويسلمه فيلماً، وعندما يسأله الجندي عن الثمن يخبره الطفل بأنه هدية منه بلا ثمن، ويستدير الطفل عائداً بعدما اعتذر له الجندي بأنه كان مضطراً إلى موقفه القاسي حيال أبيه خضوعاً لمقتضيات واجبه العسكري، وعندما يشرع الجندي في تشغيل جهازه لرؤية الفيلم، يفاجأ بأنه ليس سوى رسالة مصورة من «سامي» نفسه يخاطبه فيها وراجياً من خلالها أميركا وجيشها، أن يعيدوا إليه أباه المريض، لأنه ليس رجلاً سيئاً... وبينما تظهر الحسرة على وجه الجندي في لحظة مواجهة مع ضميره يمضي الطفل قائلاً: «إن صداقتنا تمنعني أن أرتكب مثل هذا الفعل مع أبيك... هل لك أب؟ وهل تحبه»! ليظل أوسكار يعاني هزيمته وربما وجعه أمام الكلمات المدببة من طفل العاشرة!
نجح المخرج الكردي كاي بحر في إبلاغ رسالته إلى المتلقي، من أقصر الطرق في بساطة أخاذة لا تعني الاستعجال أو التلفيق، في توظيف للصورة والإضاءة والموسيقى وبقية العناصر الفيلمية، ليكشف القضية العراقية بكل تعقيداتها، ولكن من خلال عيني طفل فقير بائس دون العاشرة، وأيضاً دون الحد الأدنى من حقوقه الأساسية في التعليم والأمن واللعب ولقمة الخبز.
الفيلم الذي كوفئ بـ 38 جائزة حول العالم ليس ساذجاً بطبيعة الحال، كي يقصد إدانة الطفل العراقي سامي لتعامله مع الجنود المحتلين، بل يندد بالظروف القاسية التي حطمت طفولته وشوهت مستقبله في رمزية إلى العراق التائه والحائر بين طموحاته وتحدياته، ليوشك عنوان الفيلم «أنا سامي» أن يكون صرخة في وجه العالم لجذب انتباهه إلى الطفولة العراقية الحالية، التي تعيش مأساة حقيقية إذا استمرت على هذا المنوال، فسوف تجعل من العراق بلداً بلا مستقبل، ومصدراً للإرهاب الذي ستعاني آثاره المنطقة برمتها.