ضوء

الخيانة الزوجية

1 يناير 1970 11:29 م
الخيانة الزوجية لها مفهوم شاسع، حيث تتدرج من الرغبة القلبية إلى النظرة وصولاً إلى الفعل. فالرجل أو المرأة كلاهما يعتبر خائناً إذا رغب أحدهما بأن يستبدل رفيقه بآخر، فمجرد الرغبة خيانة، وكلا الطرفين إذا نظرت أعينهم النظرة المتمعنة وغير العابرة والراغبة في من يُنظر إليه، فهذه النظرة أيضا تعتبر خيانة، سواء بدرت من الرجل أو المرأة. والخيانة الفعلية هي ممارسة أحد الطرفين علاقة غير شرعية مع طرف ثالث.

وغالبا يكون الزوج هو الخائن، ونادراً ما تقوم الزوجة بفعل الخيانة،. فالمرأة غالباً لا تخون حتى لو لم تجد الحب والاشباع العاطفي والجنسي من الشريك، أما الرجل فالأسباب كثيرة للخيانة... منها إن الزوجة سليطة اللسان ولا تحترمه، أو إنها لا تهيأ له الجو المريح في البيت ولا تغدق عليه الحنان ولا تشبع رغباته الجنسية وعواطفه الوجدانية، والمجتمع يغفر له خيانته لهذه الأسباب أو لأقل منها.

لكن ماذا لو كان الرجل يضرب زوجته ويمارس شتى أنواع العنف اللفظي والجسدي عليها؟

من المستحيل أن يقبل المجتمع خيانة المرأة، أو يغفر لها هذه الزلة، حتى لو كانت تعاني الأمرين في حياتها الخاصة، في حين ان بعض الرجال يتباهون بخيانة زوجاتهم، وبعضهم يقول: كل من لا يخون زوجته «أهبل».

تمر أمام ناظري حالات عديدة: منها امرأة من عائلة مرموقة متزوجة عن حب من رجل من عائلة مرموقة أيضاً، لكنها تكتشف بعد سنوات طويلة أنه يخونها مع الشغالة، حينما رأته مرأى العين معها على فراش واحد.

حالة أخرى لزوجة في مستهل العشرينات متزوجة من رجل تحبه ويحبها، وأنجبت منه طفلين، ولا تقصر معه في أي من الحقوق الزوجية، فهي متفرغة تماما له ولبيتها وأطفالها وتعد له أشهى الطعام، وتهيأ له فراش الزوجية متى يرغب، ومع ذلك يخونها، ولم تكتشف خيانته مع النساء في مكان عمله إلا عن طريق هاتفه، فأصبحت لا تثق به مطلقاً.

حالات لا تعد ولا تحصى للرجال الخونة، وحالات قليلة للنساء الخائنات، منها زوجة متزوجة منذ أكثر من عشر سنوات من رجل لم تسمع منه قط كلمة حب أو حنان، رجل عندما يرغب في المعاشرة الزوجية يأتيها ليحقق رغبته من دون أن يفكر لحظة واحدة في اشباع رغبتها، وبعد صراع مرير مع نفسها حدثت الخيانة.

أنا لست برجل، وبما ان طبيعة الرجل تختلف عن طبيعة المرأة، ولكي أعرف نفسية الرجال وكيف يفكرون، توجهت إلى رجل صديق من أقربائي بسؤال: لماذا يخون الرجل؟ وجاءت إجابته صاعقة قائلاً: «إن كل رجل يخون إذا سنحت له الفرصة». لحظتها صعقتني تلك الإجابة... «كل رجل»، أشك في ذلك، التعميم خطأ، ربما يمكن القول إن معظم الرجال لديهم استعداد للخيانة، لكن حتما البعض لا تنطبق عليهم تلك الإجابة، فلو خليت لخربت. هناك حتما العديد من الرجال الذين لو سنحت لهم الفرصة يتعففون عنها بسبب حبهم لزوجاتهم أو بسبب الوازع الأخلاقي أو الديني.

الخيانة موضوع شائك وحساس، ولكل رأيه حسب تربيته وظروف حياته وبيئته، وفي المحيط الذي أعيش فيه لا توجد امرأة ترضى بالضرة، فما بالك بالخيانة. وقد تغفر المرأة لزوجها من باب الحب والتسامح والأمل في الإصلاح، أو من باب حماية الأولاد والتضحية من أجلهم والخوف من التفكك الأسري وفقد الأمان. والمسألة ليست احتياجات أو رغبات، بل أخلاقيات والتزام بالعهد، والرجل يستطيع العمل مع شريكة حياته لإدخال البهجة والتجدد في علاقتهما ومنع الرتابة، وإذا أحس الرجل بالحاجة إلى امرأة أخرى فلتكن لديه الشجاعة الكافية أن يصارح زوجته ويترك لها الخيار، إما أن يستمر الزواج أو ينتهي، أفضل من أن يخونها أو يتزوج عليها سراً، لكن هل يوجد رجل خائن وشجاع؟

طبعاً هناك جرائم قتل ترتكب بسبب الخيانة، في حال إذا كان أحد الطرفين مريضاً نفسياً ولديه ميول عدوانية.

والمرأة في الظروف الطبيعية تختار الطلاق لو صارحها زوجها بالخيانة، لكن في الظروف الصعبة تفضل أن تستمر في بيت الزوجية رغم علمها بخيانة زوجها، من أجل أطفالها ونفسها، خصوصاً إذا كان ليس لديها مكان تأوي إليه، وليس لديها عمل تتكسب منه الرزق، فهي مضطرة أن ترى بعينيها الخيانة وتمضغ العلقم وتصمت. أما إذا اكتشف الزوج خيانة زوجته، فيمكن أن يضربها أو حتى يقتلها، والقانون والمجتمع سيكون في صفه، أو يطلقها، وذلك أهون الشرين.

[email protected]