حوار / «قسط ابني الجامعي دفعني إلى المشاركة في ثورة الفلاحين»

فادي إبراهيم لـ «الراي»: ربحتُ جائزة «اللوتو»... وأشعر الآن بانتمائي الإنساني

1 يناير 1970 09:15 م
الأمان الأكيد في أستراليا التي منحتني جنسيتها حتى من دون أن أزورها

هناك فوضى في الدراما عموماً... ولدينا مشكلة كبيرة في الساحة اللبنانية

تحقيق «وطن عربي» كان حلماً في السابق... وبعد «الربيع العربي» صار خيالاً
بعدما قدّم العديد من الأعمال التي رسخت مكانته الفنية بين صفوف النجوم في عالم التمثيل، وبعدما أصبح مرجعاً يُقتدَى به من الكثير من الممثلين الهاوين، وصل الفنان فادي إبراهيم إلى مفترق طرق في حياته، وكان عليه اختيار وجهة سيره المستقبلية.

إبراهيم، الذي يعتزم «الهجرة» في غضون فترة قصيرة، واصفاً هذه الهجرة بأنها «تغيير مكان الإقامة»، يشارك في عدة أعمال حالياً، وهو تحدّث إلى «الراي» عن جديده ومشاريعه وآرائه في قضايا عدة.

وحين انتقل إلى السياسة أعرب عن «أن تحقيق (وطن عربي) كان حلماً في السابق، لكنه بعد (الربيع العربي) تحول إلى خيال»، معبراً عن سعادته بالحصول على الجنسية الأسترالية، حيث صار يشعر بانتمائه الإنساني، (وفقاً لتعبيره)!

وفي ما يأتي تفاصيل الحوار الذي صادف أنه بدأ بُعيد انتهاء إبرهيم من تناوُل «لقمة»... ومن هنا كان السؤال الأول:

• هل يجد الممثل اللبناني لقمته بسهولة في هذا الوقت؟

- لم أقل وجبة، بل «لقمة» (يضحك). «فاللقمة بتضل لقمة... راحت أيام الوجبات».

• وهل تقصد أن من الصعب على الممثل اللبناني أن يأكل الوجبات؟

- ممكن أن البعض «عم يلعبوها بطريقة أنا بفكرها صحيحة».

• ماذا تقصد؟

- «ما بعرف شو اللي عم يصير، بس كل اللي عم أشعر به أنه لدينا مشكلة، وكثير كبيرة»، فهناك شبه فوضى في الدراما العامة، حيث إن هناك أشخاصاً يهربون إلى لبنان ليقوموا بإنتاجات فنية فيه، وذلك «لأنه صار طالع صيت إنو نحنا بلد رخيص». طبعاً السياسة اللبنانية هي مَن تلعب الدور الأساسي في نشر هذه الصفة عن لبنان. فتخيّل أنه مضى وقت طويل وبلدنا من دون رئيس، هذا عدا المشاكل السياسية التي يعانيها، و«الزبالة» التي تغمره، وغلاء المعيشة. نعيش في ظل أزمة فعلية في لبنان. وهناك أشخاص يعترفون بها وأشخاص لا يقوون على الإقرار بها، كما أن ثمة أشخاصاً لا يريدوننا أن نعترف بها، فـ «خلينا على اللقمة أفضل وبلا الوجبة».

• لكن يقال إن مشاركة الممثلين العرب ضمن أعمال لبنانية أو قدوم أحد المنتجين العرب إلى لبنان من شأنه أن يُغْني الدراما؟

- الحمد لله أنه «ماشي حالهم»، ومن الجميل أن يُغْني الشخص الدراما الخاصة ببلده، لكن الفارق في هذا الموضوع هو «أنو نحنا ما بدنا نغتني من وراء هذه المهنة بس بدنا نعيش بحد أدنى من كرامتنا». لدينا مشاكل، بل لدينا أزمة، وهي حلقة متكاملة، أي أن الوضع السيئ الذي يعصف ببلدنا يؤثر في جميع القطاعات وبينها الدراما. فالوكالات لا تصوّر الإعلانات، لأن عملها متأرجح وليس جيداً، كما أن المحطات لا تتقاضى ثمن الإعلانات كي تدفع للمنتجين الذين يعتمدون في شكل كامل على المحطات، والممثلون بدورهم يتكلون على المنتجين. أي نعيش في ظل أزمة حقيقية، وإذا طالت مع الوقت سنصل حتماً إلى كوارث في هذا البلد.

• لكن هناك الكثير من الممثلين الذين يؤكدون أن التمثيل بألف خير ونلاحظ ذلك من خلال الصور التي يعملون على نشرها، وتشير إلى أنهم يعيشون في راحة مادية؟

- «مظاهر بتبقى، ويمكن هم أشطر من غيرهم في التفاوض»، لكنني تكلمت بشكل عام في البداية. من الممكن أن هناك أشخاصاً أعطاهم الله فرصاً للوجود في مواقع مختلفة، «إنو إيه لما يصير الواحد يقوم بـ 3 أو 4 شغلات في نفس الوقت بتصير مقبولة الخبرية».

• وهل الذي يعتمد على التمثيل فقط في لبنان كمصدر رزق يموت من الجوع تقصد؟

- «ما بعرف إذا بيموت»، فهذا يتقرر بحسب قدرته على التحمل.

• ما الذي جذبك إلى المشاركة في مسلسل «ثورة الفلاحين» الذي أُعلن أخيراً بدء تصويره؟

- في الحقيقة هناك سببان وراء مشاركتي في هذا العمل، أولهما هو أنني أردتُ تسجيل ابني في الجامعة الأميركية «AUB» فـ «كنتُ مضطراً»، أما السبب الثاني فهو جمالية النص حيث أحببتُ تركيبة الشخصية التي كتبتها كلوديا مرشيليان.

• إذاً القسط الجامعي لولدك هو ما دفعك إلى المشاركة؟

- نعم، هو السبب الأساسي.

• يقال إن المنتج جمال سنان كريم على عمله؟

- العمل الأول الذي جمعني بهم كان بلا أي مقابل مادي، حيث لم أتقاضَ عليه أي فلس، و«ثورة الفلاحين» هو العمل الثاني بيننا، لكن مع وجود عدد كبير جداً من الممثلين ربما تكون لديهم مشكلة في الميزانية. وطبعاً عندما يفكرون في الميزانية وفقاً لهذا الأسلوب فهذا مردّه إلى أن محطات التلفزيون تعاني مشاكل «ولهيك بتصير الخبرية إنو الكل عنده مشكلة» (يضحك).

• ما قصدك؟

- محطات التلفزة المحلية تعاني قلة مداخيلها، وهذا ما سيؤثر حكماً في ميزانية المنتج، وبطبيعة الحال سيؤثر في مدخول الممثل أيضاً.

• وهل كثرة النجوم في عملٍ واحد تقلق الممثل أم تريحه؟

- المفروض أن تريح الممثل، لكنها في المقابل تقلق المنتج إلى حد كبير. فمع وجود كمٍّ من الممثلين «ح تفرق ميزانية الحلقة مع المنتج». ولا شك في أن نتيجة العمل يفترض أن تكون مميزة لكن العمل بأكمله يؤثّر في المنتج بسبب علمه المسبق بالمشاكل التي تعانيها محطات التلفزة والتي بسببها لا تستطيع أن تدفع له. وهنا لا أقصد فقط محطات التلفزة المحلية بل في كل الدول العربية، وهذا في أعقاب ذاك «الخريف» أو الذي أسماه البعض «الربيع العربي».

• ولماذا تعتبره «خريفاً» بالنسبة إليك؟

- لأنه أرجعنا كثيراً إلى الوراء، وهذا بعدما أخطأوا في تطبيق مفهوم الحرية. وفي المقابل لا أسمح لنفسي بأن أقول: «وطن عربي»، لأننا بعيدون جداً عن الانتماء إلى وطن، وتحقيق هذه الفكرة كان حلماً في السابق، غير أنه أصبح من الخيال في هذا الوقت.

• لكن فادي إبراهيم، وبعد مضي أعوام طويلة على عملك الفني، من المفترض أن تكون أحوالك مختلفة وخصوصاً المادية، فما السبب في وصولك إلى ما وصلتَ إليه الآن؟

- «هوّي كان المفروض... صحيح»، لكن أحياناً نقبل بالقليل أو بمعنى آخر نعمل على خدمة أشخاص نعتقدهم أصدقاء بالنسبة إلينا، لكن في النهاية يظهر أنهم يعملون على استغلال وضعك «التعبان».

• هل أصبحتْ هجرتك من لبنان قريبة؟

- في رأيي «ما في شي بالحياة اسمو هجرة»، فخلال ساعات تستطيع الوصول إلى آخر الدنيا، لكن هناك شيئاً اسمه الأمان أو الإحساس بالأمان، وإن لم تستطع أن تشعر به هنا فستشعر به هناك، أي أن كل إنسان يرى أين مصلحته ويختار الأفضل له.

• وهل أنت متأكد من أن مصلحتك الآن هي في سفرك إلى أستراليا؟

- الأمان بالنسبة إليّ موجود في أستراليا أكيد، فهذا البلد احترمني وقدّم إليّ الجنسية في حين أنني لم أزره حتى. «هلا قدموا لي الجنسية مش لأنو عيوني زرق»، أو لأنني ممثل، بل لأن والدتي وُلدت في أستراليا، وهذا ما كان بالنسبة إليّ كجائزة «اللوتو»، لأنني على الأقل أصبحتُ أشعر بوجود دولة خلفي، وأنني مواطن بكل ما للكلمة من معنى، ولذا أشعر الآن بانتمائي إلى بني الإنسان، وبأنني كائن إنساني.

• هل حددتَ موعد هجرتك أو سفرك إلى أستراليا؟

- ريثما أنتهي من تصوير الأعمال التي «بين يدي».

• هذا يعني أن مسلسل «ثورة الفلاحين» هو آخر أعمالك في لبنان؟

- هناك «ثورة الفلاحين»، ولا أعلم كم من الوقت سيتطلب تصويره، كما أن لديّ مسلسل «كل الحب... كل الغرام»، للمنتج إيلي معلوف، وهو من كتابة المرحوم مروان العبد. بالإضافة إلى مسلسل سوري - لبناني مشترك بعنوان «كعب عالي».