حوار / «فوزي بجائزة أفضل ممثل في مهرجان الإسكندرية السينمائي... تكريم لكل الكويتيين»
فيصل العميري لـ «الراي»: أتمنى لو أُجسِّد حياة... عوض دوخي!
| حاوره فيصل التركي |
1 يناير 1970
07:04 ص
طموحي السينمائي يلامس العالمية
أبحث عن الأدوار التي تثير الصدمة لـ «المتلقي» في الدراما والمسرح
سأشارك بـ «القلعة» عبر مهرجان «أيام عَمَّان» المسرحي من دون أحمد السلمان
لو احترفتُ الغناء فسأقدِّم القصائد المذهَّبة في العصر الجاهلي
قل لي ما آفاق حُلمك... أقل لك من أنت!
وعظمة الفنان تحددها أقصى نقطة يصل إليها طموحه الفني!
والفنان فيصل العميري يحلم بالكثير، ويتوق إلى صنع إنجازاتٍ درامية كبيرة، بحجم موهبته الإبداعية المحلِّقة بعيداً، والتي مكنته أخيراً من أن يعتلي منصة التكريم في الدورة الـ 32 لمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، مقتطفاً جائزة «أفضل ممثل»، عن تجسيده لدور الشاعر الشهيد فائق عبدالجليل في الفيلم الكويتي «حبيب الأرض».
«أنا معتاد على الجوائز، والتكريم المرموق لا يمثل نهاية طموحي»... يقول العميري: «بل بعد كل تكريم أبدأ من جديد»... مردفاً: «أمامي الكثير من الإنجازات التي أتطلع إلى تحقيقها، فأنا أتوق مثلاً إلى تجسيد حياة الفنان القدير الراحل عوض دوخي»، مشيداً بأن هذا الأخير «من الشخصيات الفنية الكويتية العريقة، التي تركت بصمة كبيرة ومؤثرة في الأغنية الخليجية، وأغانيه لا تزال شديدة الحضور في وجدان الكويتيين».
«الراي» سعت في هذا الحوار أن تشاطر الفنان العميري أجواء الفرح التي تغمره بعد حصده الجائزة، وأن تشاركه التحليق بأحلامه الفنية التي قال «إنها لا تتوقف عند حدود المنطقة الخليجية، أو حتى العربية»، بل إنه يمد خطوط طموحاته إلى حد ملامسة «العالمية»، وكاشفاً اللثام عن أنه يسعى إلى ربط مسيرته الإبداعية بتجسيد حياة «شخصيات كبيرة إسلامياً وتاريخياً وفنياً»، ومعرباً عن اعتزازه بمنهجه الفني في اختيار تأدية الأدوار التي تثير صدمة المتلقي ودهشته!
العميري أكد اعتزازه بجائزته (أفضل ممثل) عن الفيلم الروائي الطويل «حبيب الأرض»، من إخراج رمضان خسروه وإنتاج شركة «دار اللؤلؤة» للشيخة انتصار سالم العلي الصباح، معتبراً «أن هذه الجائزة تكريم للفن الكويتي ولكل الكويتيين»، وتطرق إلى مشاريعه الفنية المقبلة، مميطاً الغطاء عن مشاركته القريبة في مهرجان «أيام عَمّان المسرحي»، المزمعة انطلاقته في شهر نوفمبر، بمسرحية «القلعة».
تفاصيل هذه الزوايا وغيرها وردت في سياق هذه السطور:
• في البداية، كيف كان شعورك لحظة حصولك على جائزة «أفضل ممثل» في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي الـ 32 عن تجسيدك دور الشهيد الشاعر فايق عبدالجليل في فيلم «حبيب الأرض»؟
- لا شك أن جائزة «أفضل ممثل» هي وسام فخر واعتزاز على صدري، خصوصاً أنها من مهرجان سينمائي كبير كمهرجان الإسكندرية، كما أعتبر حصولي على هذه الجائزة التي حملت اسم الفنان الكبير الراحل نور الشريف هي تكريماً لأبطال وصنّاع الفيلم جميعاً وللفن والسينما في الكويت والخليج بشكل عام. وبعيداً عن «البروباغاندا» الزائدة والزائفة، فإن هذه الجائزة تمثلنا جميعاً ككويتيين، فهي إلى حد علمي تعتبر سابقة بأن يشارك فيلم كويتي في مهرجان مصري ويحصل بطل الفيلم على جائزة «أفضل ممثل» (دور أول)، في ظل غزارة الأعمال العربية المشاركة، والحمد لله، فنحن اجتهدنا فقطفنا ثمار هذا الجهد، بتقديم سيرة أحد أبطال الكويت، وهو الشهيد الشاعر فايق عبدالجليل، الذي خط بدمه قصائد الحب والوفاء وسطر التضحيات لهذه الأرض الحبيبة.
• يتساءل البعض عن كيفية مشاركة فيلم كويتي ضمن مهرجان الإسكندرية السينمائي، المخصص لدول حوض البحر المتوسط، فكيف تفسر ذلك؟
- بصراحة لا أعلم، ففي مطلع العام 2015، وعند مشاركتي في مهرجان الخليج المسرحي الأول في الشارقة عبر مسرحية «صدى الصمت»، كان هناك حشد من الضيوف من بلدان متعددة، ومن بينهم إحدى القائمين على مهرجان الإسكندرية السينمائي، التي أبدت إعجابها بفيلم «حبيب الأرض»، وقدمت لي الدعوة لمشاركة الفيلم في المهرجان، لكونه فيلماً روائياً طويلاً، ويتناول شخصية لها مكانة خاصة لدى الكويتيين، لكننّي أخبرتها أنه بإمكانها توجيه الدعوة إلى مخرج الفيلم رمضان خسروه، أو الشيخة انتصار سالم العلي الصباح رئيسة شركة «دار اللؤلؤة» للإنتاج الفني، لأنها الجهة المنتجة للفيلم، وانتهى دوري عند ذلك الحد، قبل أن أُفاجَأ أخيراً بمشاركة الفيلم في المهرجان وحصولي على جائز أفضل ممثل فيه. وخلاصة القول إنني لا علم لديّ بشأن شروط مهرجان الإسكندرية السينمائي، ولا أعرف إن كان مخصصاً فقط لدول حوض البحر المتوسط أم لجميع الدول العربية.
• كيف وجدتَ اهتمام النقاد والسينمائيين في مصر بالأعمال الخليجية؟
- هناك اهتمام شديد للغاية، من جانب صنّاع السينما في مصر بالأعمال الخليجية، ونحن نتمنى أن تصل أعمالنا إلى أبعد مدى، خارج الإطار الخليجي بغية انتشارها عربياً وعالمياً.
• بعد أي عمل ناجح يتوج بالجوائز والتكريمات، تنتاب الفنان حالة من القلق والتوتر، ولربما يعيش حالة من الضغط النفسي الشديد بحثاً عن الأفضل، فكيف يبدو الأمر بالنسبة إليك؟
- أنا اجتزت مرحلة الضغوط منذ سنوات طوال، حيث اعتدت اقتناص الجوائز منذ أن كنتُ طالباً في المعهد العالي للفنون المسرحية، فعندما تخرجت كان رصيدي قد بلغ 7 جوائز مسرحية، وهذا ليس غروراً - حاشا لله - بل أنا أطمح دائماً إلى وضع علامة كبيرة في كل عمل أقدمه، ولذلك فبرغم أهمية الجائزة الأخيرة فإنها ليست نهاية طموحي، بل أعتبرها وأعتبر كل تكريم وجائزة محطة على الطريق أواصل بعدها السعي مجدداً نحو مزيد من الإنجاز.
• هل تهتم كثيراً باقتناص الجوائز ونيل الألقاب؟
- الجوائز والألقاب لا تعدو كونها مكافأة تشجيعية للفنان نظير براعته في أداء هذا الدور أو ذاك، لكن غايتي الأساسية هي ترك بصمة مؤثرة في كل دور أجسده لكي يبقى راسخاً في أذهان المشاهدين سنوات طوالاً وليس مواسم محدودة، لذلك تجدني مقلاً في أعمالي إلى حد كبير، فأنا أبحث عن الأدوار التي تسبب «الصدمة الجميلة» للمتلقي في كل أنواع الدراما، سواء التلفزيونية أو المسرحية والسينمائية، لا سيما الأخيرة بحكم أنها تؤرِّخ لمسيرة الفنان، لذا فإنني لا أقبل بالمشاركة في أي عمل، ما لم أكن مقتنعاً بأنه مغاير مئة في المئة.
• هذا يدفعنا إلى سؤالك عن عدد الجوائز في رصيدك؟
- لديّ 8 جوائز في المسرح في مجالي التمثيل والإخراج كليهما، فضلاً عن جائزة وحيدة في السينما، إلى جانب أكثر من 20 تكريماً رسمياً من مهرجانات ومحافل محلية ودولية عدة، ولكل جائزة أو تكريم علامة مميزة في مسيرتي، ومكانة خاصة في وجداني.
• ما أقصى طموحك السينمائي؟
- أطمح للوصول إلى العالمية وملامسة الآفاق البعيدة في صناعة السينما، وأتمنى أن أكون أحد أهم صناّع السينما في بلدي، وحينئذٍ سيعزز هذا الأمر الثقة في نفوس الناس في ما يتعلق بقيمة الفن السابع في دول الخليج.
• أنتَ جسدت شخصيات تاريخية على غرار دور بلال بن رباح في مسلسل «الفاروق عمر» إلى جانب دور عنترة بن شداد في مسلسل «عنترة»، فماذا بعد؟
- عيني على شخصية الفنان القدير الراحل عوض دوخي لما تحمله هذه الشخصية من مفارقات درامية كثيرة، كما يُعرف عن دوخي حسه الكوميدي الساخر إلى جانب الجدية والطيبة، عطفاً على موهبته الغنائية الفذة.
• لماذا وقع اختيارك على الفنان عوض دوخي دون غيره، هل لكونه يحمل لون البشرة السمراء القريبة من لون بشرتك؟
- الأمر ليست له علاقة بلون البشرة على الإطلاق، والدليل أنني جسدت دور الشهيد الشاعر فايق عبدالجليل الذي كان ذا بشرة بيضاء، ولكن الفنان عوض دوخي - كما أسلفت - من الشخصيات الفنية المحببة، التي يسهل تتبع أثرها من خلال لقاءاته المتلفزة أو حفلاته الفنية المُسجلة، إلى جانب أنه يحظى بشعبية واسعة في الكويت والخليج. أضف إلى ذلك، أنني ليست لديّ مشكلة في تجسيد أي «كراكتر» لأي شخصية فنية أو تاريخية، مهما كانت مركبة، وإتقانها بدقة بالغة سواء في الأداء أو لناحية الشكل من خلال الاستعانة ببعض الرتوش والماكياج.
• هل يعيب الفنان ألا يكون الشبه متطابقاً بينه وبين الشخصية التي يتقمصها؟
- بل العكس هو الصحيح، يجب على الفنان ألا يجسد دوراً بصورة مطابقة للشخصية الأصلية، فلا يجوز أن يكون الشبه بينهما بنسبة مئة في المئة في الشكل والملامح، إذ لا بد للممثل من ترك مساحة صغيرة لنفسه لكي يضع بصمته الخاصة في الشخصية، وإلا فإن الأمر سيكون أشبه بعملية استنساخ.
• تغيب عن الدراما التلفزيونية، ثم تعود فجأة، ثم تغيب مرة أخرى، فبماذا تبرر هذا الغياب المتكرر؟
- غيابي عن الدراما التلفزيونية له أسباب، فأنا كما أسلفت لا أحبذ الظهور في أي عمل لمجرد تسجيل حضوري في مواسم بعينها كالموسم الرمضاني على سبيل المثال، بل أحرص دائماً على تقديم عمل يبقى خمس سنوات على الأقل في ذاكرة المشاهدين، لذلك تجدني أختار أدواري وأعمالي بتأنٍ شديد للغاية، تجنباً لتقديم عمل متواضع قد أندم عليه في ما بعد، ولكي لا تتضعضع ثقة الناس بي.
• نلاحظ في بعض أعمالك أن لديك ميولاً إلى الغناء والطرب أكثر من ميلك إلى التمثيل، على غرار دور «غسان» الذي أديته في مسلسل «ساق البامبو» أو دور الشهيد الشاعر فايق عبدالجليل في فيلم «حبيب الأرض»؟
- أنا عاشق للطرب والغناء الأصيل، لا سيما الأغاني الطربية القديمة كأغاني «كوكب الشرق» أم كلثوم و«العندليب الأسمر» عبدالحليم حافظ وفيروز، إلى جانب الفنانين الخليجيين أمثال عوض دوخي ومحمد عبده وغيرهما الكثير.
• هل فكرت يوماً في احتراف الغناء، خصوصاً أنك تمتلك صوتاً مسرحياً وإذاعياً ذا نبرة قوية وجميلة؟
- لم يدُر في خلدي على الإطلاق أن أحترف الغناء، لكنني إن قررتُ ذلك فسأغني القصائد المذهبة لشعراء العصر الجاهلي، حيث جزالة الأبيات وبلاغة الكلمات ورصانة القوافي والأوزان، فضلاً عما تتضمنه تلك القصائد من ملاحم وبطولات وعشق وغرام، إلى غير ذلك من المشاعر الإنسانية.
• وماذا عن الأغاني الشبابية الحديثة، ألا تستهويك بدرجة أو بأخرى؟
- وأين هي تلك الأغاني الشبابية؟! فنحن لا نسمع غير ضجيج الإيقاعات وصخب الألحان وتشابهها، في حين أن كلمات الأغاني الخليجية «أي كلام»، على عكس الأغاني التركية التي تكتمل فيها أضلع الأغنية من كلمة ولحن وصوت عذب.
• في الختام، نود أن نتعرف على ما في جعبتك من أعمال جديدة؟
- على صعيد الدراما والسينما لا جديد لدي، لكنني سأشارك في مهرجان «أيام عمَّان المسرحي» الـ 23 في المملكة الأردنية الهامشية، والمزمعة إقامته في نوفمبر المقبل، من خلال مسرحية «القلعة» بمعية الفنان عبدالله التركماني الذي سيشاركني العرض عوضاً عن الفنان أحمد السلمان، الذي اعتذر عن عدم المشاركة في المسرحية لوجود ارتباطات لديه تتزامن مع توقيت المهرجان، والمسرحية من تأليف عبد الأمير الشمخي وإخراج علي الحسيني.