ملاذ المنقّبين عن التاريخ صيفاً ... وفضاء كبير للتزلج شتاءً
«بورصة» تركيا ... خضراء دائماً
| بورصة - من مخلد السلمان |
1 يناير 1970
04:55 م
«بورصة» لا تعترف بالفصول ولا الأيام ... أيامها على الدوام فرح وسرور
جبل أولوداغ صيفاً وشتاءً مسكون بالناس والسياح والحياة
تنتشر «الأسواق الريفية» لبيع ما تصنعه الطبيعة من فواكه ويد الإنسان من مشغولات
الإقبال الخليجي على شراء الشقق والفلل في بورصة ازداد خلال العامين الماضيين
بورصة تركيا... خضراء دائماً وترتفع.
تزداد تألقاً وتمضي في طريق السياحة كما اريد لها ان تكون دائماً... مدينة عالمية.
«هدية الله»، كما ورد تاريخياً أو كما يسميها العثمانيون، تحولت قبلة رئيسة للسياح... صيفاً هي ملاذ المنقبين عن الموروث والتراث المتجذر في عمق التاريخ. وشتاء هي موطن البياض والثلج حيث يتحول جبل أولوداغ الشهير فضاء كبيراً للتزلج. وفي النهاية لا تعترف بورصة، بالفصول ولا الايام باعتبار أيامها على الدوام ايام فرح وسرور.
ويختلف المشهد في بورصة من علو، اذ تبدو عملاقة منظمة مرتبة بهية فاتنة ومبعث تفاؤل وانتشاء، لذا كانت هي بورصة كلما قادك جبلها الى الاعلى كانت هي الرابضة تحتك في اجمل صورة وأبهى حلة.
تتأهب في كل ارجائها لاستقبال العرب وأهل الشرق والغرب وكل العالم برحابة وحفاوة يجسدها سكانها باهتمام في التعامل مع السياح باعتبارهم ضيوفاً لهم واجب الضيافة والترحيب والتقدير.
فيها وجوه بكل اللغات والاشكال يتسابقون لزيارة هذه المدينة الهادئة المسكونة بقلاع التاريخ وحكاياته وقصصه المشتعلة بالمواجهات والغزوات، لكنها دائما تتلون وتتنوع وترتدي أبهى حلة في استقبال الباحثين عن الصفاء والهدوء بعيداً عن الضجيج والصخب.
من اسطنبول الى بورصة، بحر لا يشبه سواه يفصلهما، ويمكن عبوره بأمان على متن يخت أو سفينة أو قارب صغير لكن عادة ينتقل الزوار بواسطة السفن الكبيرة لتنقل معهم حافلاتهم وسيارتهم في رحلة سريعة يتسابق فيها السائح مع الوقت لرصد أجمل الصور وأروع المناظر حيث الافق يمتد نحو السماء والغيوم والطيور السارحة والجبال الشاهقة والنسمات النقية.
من الضفة الجنوبية في تركيا الى الضفة الشمالية تستقبلك «المدينة الخضراء» بخضارها وأشجارها وجبالها وهوائها العليل وتنقلك من اجواء الازدحام الى السكينة والسكون.
جبل اولوداغ في الصيف كما هو في الشتاء مسكون بالناس والسياح والحياة، ففي الطريق الضيق المؤدي اليه تنتشر على جنباته «الاسواق الريفية» التي تمتد في معظم محطات الطريق، وفيها يباع كل ما تصنعه الطبيعة من فواكه وخضراوات وعسل وطيور وماتصنعه يد الانسان من ملابس ومجسمات ولوحات وقطع سجاد ثمينة.
في أول محطات الجبل السياحية تستقبلك الشجرة التاريخية ذائعة الصيت التي مر على زراعتها 600 عام بحسب الروايات الموثوقة، وأي استقبال في حضرة هذه الشجرة التي تشتم في أوراقها عبق التاريخ فيما يذهب خيالك ناحية الدولة العثمانية بكل ما نقل عنها من قصص وحكايات.
تحت هذه الشجرة العملاقة المتفرع منها الاغصان العملاقة ثمة مقهى يعد من أشهر المقاهي في بورصة حيث تقدم فيه الفواكه الطازجة والشاي الساخن والقهوة التركية المعدة على الرمال الساخنة فيما يشق المقهى المغطى بورق الشجرة التاريخية جداول آتية من قمة الجبل يشرب منها السائح لنقائها وصفائها ومنظرها المغري.
وكما في الصيف مزدحماً بالناس «الرايقة» يتحول هذا الجبل الشاسع شتاء ملتقى لعشاق «البرد اللذيذ» بعد أن تتحول المدينة إلى مدينة مصنوعة من الثلج بمواصفات خاصة حيث الارض المكسوة بالابيض فسيحة نقية واسعة تشجع على الانطلاق بأمن وأمان.
ولهذه المقومات الفريدة يقصد السياح من كل ارجاء العالم «بورصة البيضاء» لممارسة هواية التزلج حيث يلتقي «المتزلجون» في رحابة هذا الجبل العملاق للانطلاق والتسابق في ظاهرة فرح ينتظرها أهل المدينة كل عام.
ومن اللافت في بورصة تلك الهوية الاسلامية التي تراها في المباني والمساجد والسكان حيث الخيال العثماني لايزال طاغياً مهيمناً بتراثه فيما كان واضحا ان المدينة تعج بكبار السن الذين ربما وجدوها تشبههم ووجدوها فيها الراحة والهدوء بعيدا عن الزحام والضجيج.
ومن هذه الهوية بنكهتها العثمانية ومبانيها وقلاعها تخرج المدينة برداء محافظ حريص على تقاليده فيما تكثر المساجد في بورصة التي يقبع فيها المسجد الكبير والذي بني في العام 1399 متوسطا المدينة التراثية القديمة الواقعة بالقرب من خان الحرير.
ولا يزال هذا الخان محافظاً على هويته التاريخية من حيث البناء الضخم ليتحول معلماً رئيساً للمدينة يلتقي فيه اهلها في المقاهي التقليدية الموجودة فيه، كما ان بورصة اساساً تشتهر في صناعة الحرير الذي يباع بأسعار مناسبة قياساً بأسعاره في المدن التركية الاخرى.
وتحيط بهذا السوق التاريخي المتخصص ببيع الحرير اسواق اخرى ترتدي التراث وتبيعه بصوره المختلفة... تحف وأوانٍ وملابس عثمانية وكتب بنسخ قديمة جدا الى جانب الملابس بأشكالها التراثية والحديثة.
وتمتد في مدينة بورصة البحيرات الطبيعية التي تجعل من المدينة لها لون خاص حيث يحيطها البحر من الجنوب وتشقها البحيرات في ظاهرة طبيعية خلابة.
وكان لافتا في بورصة حجم الاقبال الخليجي الذي يزداد عليها بنحو لافت في ظل ارتفاع الطلب العقاري وزيادة نسبة شراء الشقق والفلل خلال العامين الماضيين لاسيما ان معظم الوحدات السكنية تطل على مناظر خلابة كون طبيعة المدينة لا تعترف الا بالجمال.
فريق وزارة السياحة التركي ... جهود تستحق الشكر والثناء
بذل فريق وزارة السياحة التركي جهوداً طيبة تستحق الشكر والثناء لإنجاح رحلة الوفد الاعلامي الخليجي رغم الجدول المزدحم الذي شهد زيارات متواصلة لأهم المرافق السياحية في مدن اسطنبول وبورصة وانطاليا.
ولم يتوان القائمون على تنظيم الرحلة في تسخير كل السبل والامكانيات وتقديم الخدمات المختلفة لتوفير أجواء ايجابية تساعد الاعلاميين على العمل ورصد الجو السياحي والمشاهدات في هذه المدن... فلهم جميعاً كل الشكر والتقدير.