ما لم تحدث صدمة سياسية إيجابية وانتخاب رئيس جديد
مخاوف جدية من دخول الاقتصاد اللبناني مرحلة الانكماش السلبي
| بيروت - من علي زين الدين |
1 يناير 1970
01:42 ص
النشاط الاقتصادي سجل أدنى مستوياته خلال 6 أعوام
النمو في الأعوام الخمسة الماضية تراوح بين 2 إلى 3 في المئة
البنك الدولي توقع مواصلة الأداء الضعيف
هبطت ترقبات النمو الاقتصادي للبنان هذه السنة، إلى 1 في المئة فقط وفق تقديراتٍ دولية، وربما بلغت مستوى الصفر، في ضوء الشكوك بحصول تحولات إيجابية في مسار الأوضاع الداخلية، ليسجل الاقتصاد الوطني بذلك الأداء الأدنى في 6 أعوام صعبة متتالية منذ 2011.
وقد تراوح النمو في الأعوام الخمسة الماضية بين 2 الى 3 في المئة، مقابل نسبٍ تراوحت بين 7 و9 في المئة للفترة بين 2007 و2010 سنوياً.
ويبدي الاقتصاديون والخبراء مخاوف جدية من دخول الاقتصاد اللبناني، في حالة انكماش سلبية، إذا فشلت الجهود والاتصالات القائمة حالياً في إيجاد مخارج للأزمة السياسية الداخلية والمباشرة بمقاربة جدية لمشاكل الشغور المتمدّد في موقع رئاسة الجمهورية، والشلل التشريعي لمجلس النواب الممدِّد لنفسه، وحالات التأرجح الحكومي بين التعطيل، معزَّزاً باستقالة وزيريْن واعتكافات متكرّرة، وبين العمل بالحد ألأدنى الضامن لتوافُق صعب بين الأطراف المتشاكسة.
وعبّرت الهيئات الاقتصاديّة بصراحة عن حدة القلق، مشيرة الى أن المؤشرات الاقتصادية السلبية باتت تنذر بما هو أخطر في حال بقيت الأمور على ما هي اليوم، مؤكدة أن الظروف والأوضاع الاقتصادية التي وصلت إليها البلاد لم تعد تحتمل التسويف أو التأجيل على الإطلاق، وهي تنتظر نتائج المشاورات الجارية في الوقت الراهن، والتي تأمل أن تكون نتائجها إيجابية، بما ينعكس بالتالي إيجاباً على مجمل الأوضاع في البلاد.
وأمام القوى والأطراف السياسية فرصة تاريخية، لإنتاج الحل المنشود قبل الجلسة السادسة والأربعين لانتخاب رئيس الجمهورية، التي تَقررت في 31 أكتوبر المقبل، وإلا فإنّ الهيئات ستعود مجدداً إلى تحديد الخطوات التي ستتخذها حفاظاً على المصلحة الوطنية.
ووفق أحدث تقرير له، توقّع صندوق النقد الدولي أن يسجّل النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني نسبة 1 في المئة، كنتيجة ملازمة للأداء الضعيف في القطاعات الاقتصادية الرئيسية ولا سيما السياحة والعقار. بينما رفع البنك الدولي النسبة الى 1.8 في المئة، مبيّناً ان الاقتصاد اللبناني يواصل أداءه الضعيف نتيجةَ تَأثُّره بالصراع السياسي الداخلي والاضطرابات الإقليمية، وخصوصاً الأحداث الدائرة على حدوده مع سورية.
وحسب تقربر صندوق النقد، من المرتقب أن يحقق لبنان نمواً اقتصادياً حقيقياً بنسبة 1 في المئة في العام 2016، و2 في المئة عام 2017، و3 في المئة سنة 2021، كما توقّع أن يستمرّ التراجع في عجز الحساب الجاري، ليصل الى 20.4 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في نهاية السنة الحالية، مقارَنة بنسبة 21 في المئة عام 2015، قبل أن يرتفع إلى 20.6 في المئة عام 2017، ليعود وينخفض إلى 19.7 في المئة عام 2021.
من جهته، يقدّر البنك الدولي أن تصل نسبة النموّ الاقتصادي في لبنان إلى 1.8 في المئة عام 2016، و2.2 في المئة سنة 2017، و2.3 في المئة عام 2018، مشيراً في تقريره الى أنّ الأزمة السورية مازالت تشكّل التحدي الأكبر للانتعاش الاقتصاديّ في لبنان، الذي يؤوي أكبر عدد من النازحين السوريين للفرد الواحد.
وتوقّع البنك الدولي أيضاً أن يراوح العجز في الحساب الجاري بين 19.1 و19.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات المقبلة وأن يرتفع العجز في المالية العامة من 7.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2016 إلى 9 في المئة سنة 2018.
ويعزو البنك تراجع النمو أيضاً الى زيادة إنفاق الدولة، والتراجع في أداء القطاع العقاري، الأمر الذي طغى على الارتفاع في عدد السياح الوافدين إلى لبنان، وعلى الزيادة في التسليفات إلى القطاع الخاص الناتجة عن الرزمة التحفيزية الأخيرة بقيمة مليار دولار التي أطلقها مصرف لبنان.
وأشار البنك إلى أن الانخفاض في أسعار النفط، خفّض التحويلات من وزارة المال إلى شركة الكهرباء، الأمر الذي مكّن لبنان من تسجيل فائض أولي في الموازنة بنسبة 1.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويتوقع البنك الدولي أن يبقى النمو الاقتصادي اللبناني بطيئاً في السنتين المقبلتيْن، غير أنه يرتقب أن يرتفع بشكل طفيف، نتيجةً لتوقعاتِ ازدهار قطاع العقارات، تَرافُقاً مع الارتفاع المستمر في عدد السياح الوافدين الى لبنان ولا سيما المغتربين.
وفي السياق ذاته، أظهر مؤشر مديري المشتريات الرئيسي، استمرار تدهور الظروف التشغيلية لدى اقتصاد القطاع الخاص اللبناني.
وأوضح المدير العام لبنك«بلوم إنفست»الدكتور فادي عسيران، أن أوضاع شركات القطاع الخاص تدهورت خلال الأشهر التسعة الأولى من 2016، نتيجة غياب ثقة المستهلكين، وتَراجُع الرغبة في الاستثمار.
وقال: «في الواقع، استمرّ انكماش اقتصاد القطاع الخاص اللبناني هذا العام، إذ بقي مؤشر مديري المشتريات (BLOM PMI) دون مستوى الـ 50 نقطة، الذي يفصل النمو عن الانكماش».
وأضاف أن معدل التراجع كان أكثر حدّة هذا العام، وظهر ذلك في تسجيل المؤشر معدل انخفاض أسرع عند 45.6 نقطة، مقارنةً بمتوسط 48.8 نقطة مسجّل في العام السابق، مبيناً أن هناك حاجة إلى صدمة سياسية إيجابية لإخراج القطاع الخاص من التدهور العميق الذي يشهده النشاط التجاري لهذا القطاع منذ منتصف 2013.