حسينيات البلاد أحيت ذكرى واقعة الطف وسط إجراءات يسرت دخول وخروج الحضور الحاشد
«عاشوراء» الكويت... رسالة وحدة وطنية بتلاحم شعبي ورسمي
| كتب علي العلاس |
1 يناير 1970
05:34 ص
الخطباء أشادوا بالأجواء الإيمانية التي سادت هذا اليوم ما يسر التدفق إلى الحسينيات
راضي السلمان: الثورة الحسينية ما زالت باقية تتوارثها الأجيال دفاعاً عن الحق والمبادئ الحقة
محمد جمعة: ثورة الإمام بدأت في المدينة المنورة مروراً بمكة المكرمة وصولاً إلى كربلاء
الفرقة والطائفية والعصبيات أكبر خطر يهدد أمتنا ومقدمات لكل المصائب التي حلت بها
تقاطرت حشود محبي الامام الحسين (ع) لإحياء ذكرى استشهاده وآل بيته في أرض كربلاء، حيث امتلأت مقار الحسينيات وباحاتها الخارجية بالحضور، التي استمعت لتفاصيل موقعة الطف.
خطباء المنابر الحسينية عرضوا فلسفة عاشوراء، وسرد قصة واقعة كربلاء منذ بدايتها وحتى مقتل الامام الحسين (عليه السلام)، مشيدين بالأجواء الايمانية التي سادت الكويت هذا اليوم، ما يسر تدفق المسلمين الى الحسينيات المنتشرة في أنحاء البلاد.
وتقدمت لجنة الحسينيات والمجالس، التي أحيت شعائر عاشوراء، بالشكر والتقدير والامتنان، لمقام صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد، والى مقام ولي عهده الأمين سمو الشيخ نواف الأحمد، والى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، والى نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، والى كافة الوكلاء وقيادات ورتب وأفراد وزارة الداخلية الأبطال، الذين بذلوا جهدا مميزا بتفانٍ واقتدار، وتحملوا عبء واجبهم الوطني، ومسؤولياتهم الجسام، للحفاظ على سلامة الحسينيات وروادها، في هذه الظروف الأمنية الاستثنائية الخطيرة.
كما أعربت اللجنة في بيان عن الشكر والتقدير للمتطوعين والمتطوعات، الذين تعاونوا مع رجال الأمن، في هذا الشأن الديني والوطني، مضحين بأوقاتهم وراحة اسرهم، شاملة نواب مجلس الامة، ورجال المطافئ، وطواقم بنك الدم والإسعاف الطبي، وبلدية الكويت، وادارة الوقف الجعفري، ومؤسسات الدولة، ورجال الاعلام الذين سعوا لإبراز هذه الفعاليات الثقافية الدينية، وأوصلوا رسالتهم في دعم وحدة النسيج الكويتي، كما جيران الحسينيات وكافة المواطنين، الذين تحملوا تبعات الإجراءات الأمنية عن طيب خاطر.
واعتبر ان ما قامت به هذه الايدي الكريمة، والنفوس العظيمة، من جهد وتضحيات، محل إعزاز وتقدير واحترام من الجميع.
واضاف البيان: نرفع أيدينا جميعا مبتهلين الى الباري عز وجل، ان يحفظ وطننا الكويت ، أميرا وحكومة وشعبا، وان يجنبنا الكويت وأهلها كل سوء ، وان يجمعنا جميعا على الوحدة، ويمنع عنها الفرقة، إنه سميع مجيب.
وأكد خطباء المنابر الحسينية أهمية موقعة الطف، باعتبارها ملهمة الثائرين في وجه الظلم الساعين الى العدالة والحق والاستقامة، منوهين ان واقعة ألطف لم تكن حدثا تاريخيا عابرا أو واقعة مأسوية كسائر الوقائع العادية، بقدر ما كانت تضحية للنهوض من أجل ارساء النظام الانساني العادل.
وقبل سرد تفاصيل استشهاد الامام، ألقى خطباء المنابر قراءات عن يوم عاشوراء، باعتباره يوم التضحية والفداء من أجل رفع راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله» وانتصارا للحق على الباطل، منوهين إلى ان ثورة الامام كانت لانقاذ البشرية وتعلم منها الكثير من زعماء العالم.
وفي حسينية آل بوحمد في منطقة الدعية سرد خطيب المنبر الحسيني الشيخ راضي السلمان، تفاصيل استشهاد الامام الحسين بدءاً من أدائه لصلاة الفجر ومن ثم صلاة الصبح مع صحابته وآل بيته، مرورا بالحديث الذي دار بينه وبين مقاتليه، وصولا لرمي السهام على خيام الامام الحسين وصحابته، وحتى اندلاع المعركة واستشهاد الإمام.
وأشار السلمان خلال سرده لتفاصيل الواقعة بالتضحيات التي قدمها الإمام الحسين وآل بيته وصحابته الذين كانوا يبلغون 70 فارسا وراجلا، منوها إلى ان المبادئ التي أورثتها الثورة الحسينية ما زالت باقية تتوارثها الأجيال لأنها كانت دفاعا عن الحق والمبادئ الحقة.
وفي الحسينية الكربلائية تحدث الشيخ محمد جمعة في الليلة العاشرة عن موضوع الزيارة الجامعة، معتبرا ان الزيارة هي بمثابة ميثاق مع أهل البيت، وهي تمثل الخارطة العقائدية التي يجب ان يكون عليها الإنسان المؤمن، لافتا إلى ان «هناك واحداً من عامة الناس وجه سؤالاً للامام الهادي سلام الله عليه، وطلب منه ان يعلمه قولا يقوله أثناء زيارته للائمة المعصومين فعلمه الامام لفظ الزيارة الجامعة».
وقال جمعة ان «واقعة الطف وثيقة تاريخية، حيث تمتاز بوضوح المعالم والمفاهيم، ولم يتمكن أحد من اخفائها على الرغم من عدم وجود الإعلام الكافي، مع أن هذه الواقعة كانت لها خطط واضحة ومبادئ مبنية على أسس»، مضيفاً أن «الإمام الحسين عليه السلام جعل خطبه المتعددة حجة على الجميع، خصوصا في ظل الظروف التي كان يراها، مع أن هذه الخطب كانت جديرة بأن تصبح مادة إعلامية في واقعة الطف».
وأضاف «كانت تصريحات الإمام الحسين عليه السلام واضحة ومهمة خلال مسيرته، إضافة إلى ذكر أهداف الثورة، منذ قيامها في المدينة المنورة مروراً بمكة المكرمة وصولاً إلى كربلاء، كما كانت خطاباته واضحة للاعداء ولأهل بيته وأنصاره، ومن المعروف أن مبدأ هذه الخطابات باقية منذ عام 61 هجرية حتى الآن، وسيبقى من أجل وضوح الثورة الحسينية في كافة انحاء العالم».
إجراءات أمنية لتيسير تدفق الحشود
واكب توافد الحضور الكثيف إجراءات أمنية مشددة على مداخل ومخارج الحسينيات، بالتعاون مع أصحاب الحسينيات واللجان التطوعية لبسط الأمن، خصوصا في المناطق التي تتجاور فيها أكثر من حسينية جنبا إلى جنب، تيسيراً لدخول رواد الحسنيات وخروجهم.
الكويت مركز الثقافات ومركز العمل الإنساني لنبذ الطائفية
الديباجي: ثورة الإمام الحسين تخص البشرية جمعاء
قال وكيل المرجع السيستاني في الكويت السيد ابوالقاسم الديباجي، ان موقعة كربلاء هي في الأصل ثورة إصلاحية، وستظل كذلك حتى يوم الدين، فالامام الحسين عندما سئل عن سبب ثورته، قال «إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم»، مؤكدا ان الثورة الحسينية ما هي إلا نبراس نور تهدف إلى إصلاح المجتمعات وسيادة روح المحبة والألفة بين المسلمين.
وأضاف الديباجي أن أكبر خطر وفساد يهدد أمتنا الإسلامية هي الفرقة والطائفية والعصبيات، معتبرا إياها مقدمات لكل المصائب التي حلت بالأمة، قائلا «نحن نحتاج في مثل هذه الظروف إلى روح الإمام الإصلاحية للقضاء على المخاطر التي تحيق بأمتنا».
وأردف «علينا ان نبدأ مهمة إصلاح المجتمعات الإسلامية من هنا (الكويت) باعتبارها مركز الثقافات ومركز العمل الانساني لنبذ الطائفية وما من شأنه ان يعكر العلاقات الإنسانية»، لافتا إلى ان «الامام الحسين وثورته لا ترتبط بشخص معين، وإنما هي تختص بالبشرية جمعاء».
وتابع ان «الرسالة الحقيقة للثورة الحسنينة هي توحيد الصف والكلمة والابتعاد عن كل ما يفرق المسلمين، فروح الإمام تطلب منا ان نتحد ونتفكر في الآليات التي من شأنها ان تساعدنا في معالجة أوضاعنا»، منوها إلى ان «المهمة تبدأ من إصلاح النفوس وتوحيد الصفوف»، داعيا للمولى عز وجل ان يحفظ الكويت وأميرها وولي عهدها وحكومتها وشعبها من كل مكروه.
وكما دعا الديباجي ان يسكن المولى عز وجل شهداء الكويت والمسلمين في جنات الفردوس، متمنياً ان يكون الجميع مؤتمنا على دماء شهداء الكويت التي بذلت لحفظ وحدة المجتمع الكويتي.
صالح عاشور: ثورة الحسين حية
رأى النائب صالح عاشور، ان ثورة الإمام الحسين بن علي (ع) لم تكن لتلك الفترة، بل تتجدد في كل زمان وكل مكان يكون فيه الظلم والاستبداد، وهو ما يجعل قضيته حية في وجدان وضمير كل انسان، يجعل الإمام عليه السلام قدوة له، حيث نرى الكثير من الشخصيات تستلهم من ثورته الهمة والإرادة، وأبرز مثال مقولة الزعيم الهندي المهاتما غاندي «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر».
وقال عاشور في بيان بمناسبة يوم العاشر من المحرم، ان الإمام الحسين وجه صفعة في وجه من كان يريد له أن ينزل تحت بيعة حاكم ظالم فاسق فاجر شارب للخمور، قاتل للنفس المحترمة، حيث قال عليه السلام: «ومثلي لا يبايع مثله»، فالحسين عليه السلام ريحانة رسول الله (ص) وسبطه وهو ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام، لا يبايع شخصا يريد أن يصبح خليفة للمسلمين، وفيه مثل هذه الصفات، فكان الأمر ولابد أن يخرج من مدينة جده رسول الله، ومن ثم إلى مكة المكرمة وبعدها للعراق، حيث استشهد في معركة الطف التي مازال صداها يرن في أسماع الأحرار، الذين يحيون ذكرى شهادته عاماً بعد عام وفي كل عام تزداد الحسرة واللوعة على فقد هذا الإمام العظيم، وفي الوقت نفسه تتجدد فيهم قيم التضحية والولاء والعشق للإمام وأهل بيته وأصحابه الذين ضحوا بأرواحهم من أجل هذا الدين، وكانت لهم هذه الرفعة العظيمة من عند الله.
عبدالصمد: شعلة أنقذت البشرية
اعتبر عـضو مجلس الأمة عدنان عبدالصمد، ان التضحية العظيمة التي قدمها الإمام الحسين عليه السلام هو وأهل بيته وثلة من أصحابه في يوم عاشوراء الخالد، تمثل الشعلة التي أنقذت البشرية جمعاء من الوقوع في مهاوي الظلم والاستبداد والطغيان، فكانت صرخته المدوية وشعاره الحاسم «هيهات منا الذلة» نبراسا يقتدي به الأحرار والثوار على مر العصور ليزلزلوا الأرض تحت أقدام الظالمين، وتتهاوى عروش المتجبرين الذين يسعون في الأرض فسادا. فالسلام على الحسين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.
وختم عبدالصمد بيانه بالأبيات الشعرية:
فَـمُذْ كنتُ طفلاً رأيتُ الحسين
مَـناراً إلى ضوئِـهِ أنـتَمـي
ومُـذْ كنتُ طفلاً وجَدتُ الحسين
مَـلاذاً بأسـوارِهِ أحـتَمـي
وَمُذْ كنتُ طفلاً عرَفتُ الحسـين
رِضاعاً... وللآن لم أُفـطَـم
سلامٌ عليك فأنت السلام
وإن كنت مختضباً بالدمِ.
خليل الصالح تضحيات ودروس عظيمة
أشاد النائب خليل الصالح بجهود رجال وزارة الداخلية وعلى رأسهم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد لتأمين الحسينيات في ذكرى عاشوراء، مثمنا في الوقت ذاته تعاون الجموع التي أحيت تلك الذكرى مع رجال الأمن.
واعتبر الصالح أن «تلك الجهود التي بذلت من قبل رجال الداخلية تضاف إلى سجل الوزارة لا سيما في مثل هذه المناسبات»، مشيرا إلى أن «ذكرى استشهاد الإمام الحسين ستظل ملهمة للبشرية جمعاء».
وأضاف «إن الدروس العظيمة والتضحيات التي تملأ الأرجاء في تلك الذكرى لهي نبراس ومحطة إنسانية تمثلت فيها كل القيم وستظل حاضرة في كل القلوب والعقول على مر الأزمان».
الدويسان: الإمام الحسين لكل مظلوم
رأى النائب فيصل الدويسان أن استذكار الدروس العظيمة من قصص الوفاء والإباء والتضحية؛ إنما هو استلهام للمعاني الانسانية، والعبارات المخلدة التي خطتها أنامل المفكرين والفلاسفة والقادة في الشرق والغرب، مؤكداً أن الحسين عليه السلام هو حالة انسانية تختصر كل قيم النبل والإخلاص والفداء لم تحدث منذ بدء الخليقة، فمن الظلم حصر هذه الشخصية المقدسة واستئثارها بطائفة أو نِحْلة محددة، فالحسين لكل مظلوم وحر فهو الشهيد المظلوم ذبيح الله وهو أبو الأحرار وسيدهم.
وتقدم الدويسان في بيان في يوم عشوراء بالشكر للحكومة، التي أولت هذا اليوم عناية واهتماما، وشكرا خاصا لوزارة الداخلية ومنتسبيها على الدور الأمني الكبير الذي بذلته لتأمين الحسينيات، وكذلك الى اخواننا أهل السنة من أبناء شعبنا الذين أظهروا روحا وطنية رائعة وصورة متكاملة مع اخوانهم من أتباع أهل البيت عليهم السلام خلال أيام عشرة من محرم الحرام.
واعتبر أن الكلمات مهما برعت وكملت، والحناجر مهما تهدجت وصدحت، واللغات مهما الى البلاغة نزعت، فلا يمكن أبدا أن تفي الحسين عليه السلام حقه، وتبين مكانته في القلوب وتستبين نوره في الدروب.