الكتاب يكشف كيف أفشِي سره في آخر لحظة وأرغِم على التنحي
إدوارد الثامن حاول الهروب من بريطانيا دون التنازل عن العرش
| لندن - من إلياس نصرالله |
1 يناير 1970
10:52 م
كشف كتاب جديد يصدر غداً، النقاب عن الأحداث الدراماتيكية التي جرت خلال الساعات الأخيرة التي سبقت إعلان الملك إدوارد الثامن في ديسمبر 1936 تنحيه عن العرش، حيث تبين أن الملك أرغِم على التنحي، وأن الحكومة البريطانية تدخلت في آخر لحظة ليس فقط لإرغامه على التنحي، بل لمنعه من السفر سراً إلى سويسرا لعقد قرانه على المطلقة الأميركية وُلِس سيمبسون قبل التنحي، ما عنى في حينه أن الملك سيترك البلاد في فراغ دستوري، إلى جانب معلومات أخرى جديدة ومهمة تلقي الضوء على هذه القصة التي ما زالت تشغل الرأي العام البريطاني بكل مكوناته، نظراً لما لها من إسقاطات على وضع ولي العهد الحالي تشارلز، أمير ويلز، الذي أقدم هو الآخر على الزواج من مطلقة وهي كاميلا، دوقة كورنوول، رغم معارضة الكنيسة الأنغليكانية، من دون أن يعلن تشارلز تنحيه عن ولاية العهد.
جاء هذا الكشف في الكتاب الذي سيصدر عن دار «بايتباك» بعنوان «الملك الذي أرغِم على التنحي: إدوارد الثامن والسيدة سيمبسون والسياسة المخفية لأزمة التنازل عن العرش» لمؤلفه أدريان فيليبس والذي استعرضت صحيفة «ديلي ميل» فصوله أول من أمس.
ويكشف الكتاب عن أن رئيس الوزراء ستانلي بولدوين ذهب مع تومي دوغديل، سكرتيره الخاص للشؤون البرلمانية، إلى قصر بيلفيدير المقر الريفي للملك إدوارد الثامن في ويندسور بارك لإقناع الملك بالتنحي عن العرش، بعدما علمت الحكومة أنه قرر الزواج من مطلقة، على نحو يتناقض مع الدستور. في تلك الأثناء تلقى دوغديل مكالمة هاتفية من نيفيل تشامبرلين، وزير المالية في حينه، طلب منه أن يبلغ فيها رئيس الحكومة بأن طائرتين خاصتين واحدة مخصصة لنقل المسافرين والأخرى لنقل الأمتعة وضعتا في مطار هندون شمال لندن على أهبة الاستعداد لنقل الملك وعشيقته إلى زيوريخ، فأدرك بولدين خطورة الموقف، إذ فهم أن الملك سيسافر من دون أن يعلن تنحيه عن العرش ما سيدفع بريطانيا إلى فوضى دستورية لم تشهدها في تاريخها سوى مرة واحدة في عام 1688 عندما فرّ الملك جيمس الثاني من لندن إلى باريس خوفاً من انقلاب ضده بسبب الخلاف بينه وبين البرلمان.
وكان بولدوين جاء للقاء الملك في وندسور لإبلاغه بأن الحكومة رفضت السماح له بإذاعة خطاب خاص يبلغ فيه الشعب البريطاني أنه عازم على الزواج من سيمبسون من دون أن يعلن تنازله عن العرش.
ويكشف الكتاب أن الملك ارتبط بعلاقة صداقة متينة مع وينستون تشرتشل، الذي لم يكن لديه في حينه منصب حكومي سوى عضويته في مجلس العموم، فأسرّ الملك لتشرتشل أنه عازم على الزواج من صديقته الأميركية، فبارك له الاخير مسبقاً. لكن تشرتشل أدرك خطورة القرار وحاول إقناع الملك بعدم الإقدام على هذه الخطوة لأنه سيجد نفسه مضطراً للتنحي عن العرش، فرفض الملك الفكرة. ويوحي الكتاب أن تشرتشل الذي أبلغه الملك برغبته الهرب هو الذي أفشى سرّ خطة الهروب إلى الخارج وطلب من الحكومة ألا تسمح له بذلك.
ويتضح من الكتاب أن الملك لم يحدد لتشرتشل متى سيسافر عندما أسرّ له بأنه سيغادر بريطانيا للزواج من ولس سيمبسون في الخارج، وكتب له تشرتشل رسالة أورد الكتاب مقاطع منها حذر الملك فيه من مغبة الإقدام على السفر من دون التنحي مسبقاً عن العرش، لأن ذلك عنى أن الملك الذي لم يزد عمره في حينه عن 42 عاماً سيعيش في المنفى، ولأنه لم يتنح عن العرش سيبقى العرش خالياً، أي أن بريطانيا ستعيش السنوات المتبقية من عمر إدوارد الثامن من دون ملك.
ويتضح من الكتاب أن الحكومة علمت برغبة الملك بالزواج من سيمبسون التي كانت في حينه تنهي معاملة طلاقها من زوجها الأميركي، لكن الملك لم يبلغ الحكومة بعزمه على السفر إلى الخارج، ما يوحي أنها علمت بالأمر من تشرتشل. فعرضت الحكومة على الملك أنها ستوافق على هذا الزواج بشرط ألا يُطلق لقب ملكة على سيمبسون، فرفض. أدرك الملك من الرسالة التي حملها إليه بولدوين أنه لا مجال لإقناع الحكومة بموقفه، فعزم على السفر سراً إلى سويسرا، من دون أن يبلغ الحكومة بالأمر.
ويكشف الكتاب أن الملك أمر مساعديه بحجز كامل غرف فندق دولدير المبني فوق قمة جبل في موقع يمتاز بطبيعة خلابة بسويسرا، وسحب مبلغ خمسة آلاف جنيه إسترليني من بنك كوتس في لندن وهو ما يعادل 250،000 جنيه اليوم.
وكان إدوارد قَبْل أن يصبح ملكاً تعلم الطيران واقتنى طائرة خاصة به ووظف لديه طياراً مساعداً هو إدوارد فيلدين، الملقب بـ «الفأر» وهو طيار عسكري سابق في الجيش البريطاني. فعندما صمم الملك على السفر إلى سويسرا أمر بإعداد طائرتين وأبلغ فيلدين بالاستعداد للإقلاع إلى مطار زيوريخ في التاسعة والنصف من صباح اليوم التالي، حيث كان الملك مصمماً على قيادة طائرته بنفسه على أن يقود فيلدين الطائرة الثانية.
ما حصل أن فيلدين رغب في الحصول على موافقة من وزارة الطيران في حينه قبل الإقلاع، ما أضاء ضوءاً أحمر لدى الحكومة بأن شيئاً خطيراً سيحصل، فقام بولدوين بإقناع الملك بالعدول عن خطة الهرب في آخر لحظة، كما أقنعه بضرورة التنحي عن العرش قبل الخروج من بريطانيا.