الحب لسالم... دايم / عام مرّ على وفاة فقيد الكويت الشيخ سالم الصباح وذكراه باقية في القلوب والضمائر إلى ما شاء الله

أبو باسل... غاب الجسد

1 يناير 1970 10:20 ص
يصادف اليوم ذكرى مرور عام على وفاة فقيد الكويت الشيخ سالم الصباح الابن الاكبر لامير الكويت الراحل المغفور له الشيخ صباح السالم، ففي مثل هذا اليوم من العام الماضي استفاق أهل الكويت على خبر غياب أحد أعمدة الأسرة الحاكمة، صاحب المسيرة الحافلة في تاريخ الكويت خصوصا الحقبة التي احتضن فيها قضية الكويت الاولى، قضية الاسرى والشهداء وحمل لواءها إلى المحافل الدولية.
كان الراحل الكبير أبو باسل صوتا قويا للكويت حين حمل عبء قضية كانت سببا لعاطفته الدائمة وهي قضية الأسرى والمرتهنين في سجون النظام العراقي السابق، خصوصا عندما كان يلتقى اهلهم او أطفالهم الصغار.
وقاد الشيخ سالم الصباح رحمه الله عملية توقيع الاتفاقيات الامنية والدفاعية مع الدول الكبرى ابتداء من الولايات المتحدة عقب التحرير مباشرة وانهمك في الفترة التالية للتحرير في معركة كبيرة لتثبيت وتأكيد قرارات مجلس الامة بخصوص اثار العدوان العراقي، وبهذا الجهد الذي بذله وجراء ضغوط هائلة تحملها لحمل قضية الاسرى والشهداء إلى عواصم العالم بدأ المرض يأخذ حصته من صحته حتى اقعده وجعله لا يغادر كرسيه المتحرك إلا قليلا.
وفي قراءة لمراحل حياة الفقيد الكبير فانه تدرج فى السلك الديبلوماسي في وزارة الخارجية حتى عين سفيرا للكويت لدى دول عدة كما تولى حقائب وزارات الشؤون الاجتماعية والعمل والدفاع والداخلية والخارجية وكان طوال تلك الفترة التي امتدت اكثر من 39 عاما مثالا وطنيا يحتذى في البذل والعطاء لم يدخر وسعا في سبيل خدمة ورفعة وطنه.
وعمل الشيخ سالم الصباح في بدايات عمله الحكومي مديرا للادارة القانونية في وزارة الخارجية مع بدايات تأسيسها في العام 1961 واستمر بها حتى عام 1965 عندما انتقل سفيرا للكويت لدى المملكة المتحدة بالاضافة إلى كونه سفيرا محالا لدى السويد والنروج والدنمارك منذ عام 1968.
وفي عام 1971 عين سفيرا لدى الولايات المتحدة وعمل سفيرا غير مقيم لدى كندا وفنزويلا. وفي 9 فبراير 1975 تولى الشيخ سالم أول منصب وزاري حيث حمل حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وكان ذلك في التشكيل الوزاري الثامن في تاريخ الكويت واستمر في هذا المنصب في التشكيل الوزاري التاسع بتاريخ 6 سبتمبر 1976.
وتولى الشيخ سالم حقيبة وزارة الدفاع في التشكيل الوزاري العاشر بتاريخ 16 فبراير 1978 واستمر في هذا المنصب في التشكيل الوزاري الـ 11 بتاريخ 4 مارس 1981 والتشكيل الوزاري الـ 12 بتاريخ 3 مارس 1985 والتشكيل الوزاري الـ 13 بتاريخ 12 يوليو 1986 ثم اضيفت له وزارة الداخلية في 21 يناير 1988.
وفي التشكيل الوزاري الـ 14 بتاريخ 20 يونيو 1990 والذي تم قبيل العدوان العراقي على الكويت حمل الشيخ سالم حقيبة وزارة الداخلية.
وبعد تحرير الكويت تم تشكيل الوزارة الـ 15 بتاريخ 20 ابريل 1991 حيث عين الشيخ سالم نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للخارجية ثم خرج من التشكيل الوزاري الـ 16.
وعاد الشيخ سالم صباح السالم في التشكيل الوزاري الـ 17 بتاريخ 15 أكتوبر 1996 حيث عين نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للدفاع واستمر في هذا المنصب في التشكيل الوزاري الـ 18 بتاريخ 22 مارس 1998 والـ 19 بتاريخ 13 يوليو 1999.
ومنذ عام 1992 تولى الشيخ سالم صباح السالم رحمه الله رئاسة اللجنة الوطنية لشؤون الاسرى والمفقودين.
وعرف عن الشيخ سالم تواضعه الجم وكرمه وحبه للناس كما عرف بطيبة قلبه وشعبيته الكبيرة وحبه الشديد لوطنه، فالحب الذي لأهل الكويت باقٍ في قلوب وضمائر الكويتيين إلى ما شاء الله لا يموت.
في كل محطاته السياسية سواء كان ديبلوماسيا او وزيرا او رئيسا للجنة شؤون الاسرى كان الرجل كما هو، شيخا بالفطرة يحبه الجميع بقدر مهابته، يختلف معه البعض ولا يدخل معه في خلاف، فالاختلاف مع أبو باسل كان امرا عاديا، فقد كان صاحب فكر ورأي لا يداهن او يتلون لكسب المريدين، اما الخلاف فأمر مستبعد فهو منذ الصغر كان مشروع حاكم والحاكم بطبعه يكون قلبه مفتوحا للجميع.
جمع في شخصيته طريقي العلم والمشيخة ووازن بينهما ليكون قريبا من العالم بتطوراته واحداثه وعلومه وليكون ايضا قريبا من ابناء شعبه وهمومهم وامالهم، وهو ما كان، حيث تحول ابوباسل لرمز من رموز الاسرة الحاكمة رغم صغره واصبح الشعب يعول عليه في كثير من الملمات خصوصا بعد الغزو العراقي الآثم.
وحينما بدأ المرض يؤثر في صحته بشكل ملحوظ تخلى عن بعض المهام التي تتطلب جسدا معافى فالاهم لديه انجاز المهام وعدم تعطل مصالح الكويت واهلها، إلا انه لم يتخل عن مهمته الاقرب الى قلبه وهي رعاية شؤون الاسرى واسرهن، فوفر كامل طاقته من اجل هذه المهمة رغم تأثيرها السلبي على صحته ولم يكن يبالي بذلك، فالحب للكويت في فكر وروح الشيخ سالم كان مهمة لا ترتبط بصحة بقدر ما ترتبط بالروح، فكانت التضحية رغم الالام، ولهذا كان لافتا للصحافيين المتابعين لانشطة لجنة الاسرى ان الارتعاشة المتزايدة في نبرات صوته وحركات يده لم تمنع على الاطلاق اداءه لمهامه وبنجاح مميز تمثل في بقاء قضية الاسرى حاضرة في ضمير العالم الى يومنا هذا.
الكلام يعجز عن وصف رجل بقامة وهامة الشيخ سالم صباح السالم الشيخ ابن الامير ابن الامير ابن الامير ابن الامير.
والمشاعر لا تخفي حبها لهذا الرجل الذي سيبقى علامة بارزة في تاريخ الكويت الحديث حينما يرى الكويتيون انجازات الرجل في كثير من القضايا على اختلافها وتنوعها، سواء حين كان ديبلوماسيا في عواصم القرار العالمي او حينما صار وزيرا للشؤون ولاحقا وزيرا للدفاع في بدايات تشكيل نظام التجنيد الاجباري و حين تولى مسؤولياته كوزير للداخلية او حتى حينما اصبح وزيرا للخارجية بعيد تحرير الكويت من براثن الغزو العراقي الآثم.
مات الشيخ سالم صباح السالم؟
كلا لم يمت الرجل وانما غاب الجسد وبقي الصيت يخلد الرجل في قلوب وضمائر اهل الكويت الذين طالما احبهم ابو باسل واحبوه.
رحم الله الشيخ سالم وأسكنه فسيح جناته.