«المحكمة الدستورية خلطت بين الطعون وقد تكون نظرت في طعن آخر غير طعني»
الجاسم رافضاً تقديس القضاة: يفشل الانتخابات برمتها عدم احتساب 30 ألف صوت في 3 دوائر
1 يناير 1970
06:09 م
| كتب عماد خضر |
أكد مرشح الدائرة الثانية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة محمد عبدالقادر الجاسم والذي قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان طعنه بعدم دستورية الانتخابات ان «المحكمة نسبت اليه (طعنه ببطلان عملية الانتخاب التي جرت)وهو ما لم يحدث حتى في تصريحاته الصحافية - على حد قوله - اذ لم يعترض على الاجراءات الانتخابية، بينما قام مرشحون آخرون بذلك»، مشيرا الى ان «المحكمة نسبت اليه أيضا تقديمه ايفادات مكتوبة من مندوبيه رغم عدم تعيينه مندوبين له في الانتخابات، وقد نبه المحكمة في صحيفة الدعوى بأن ثقته في القضاء منعته من محاولة تعيين مندوبين».
جاء ذلك خلال محاضرة «الطعون الانتخابية في ضوء أحكام المحكمة الدستورية» التي أقامتها مظلة العمل الكويتي «معك» أول من أمس، وحاضر فيها كل من المحامي محمد عبدالقادر الجاسم والمحامي محمد منور المطيري وأدارها الامين العام للمظلة انور الرشيد، والذي طالب «بهيئة مستقلة لإدارة الانتخابات حتى تنأى السلطة التنفيذية عن أي شكوك»، لافتا الى ان «هذا النظام معمول به في العديد من الدول العربية والمتحضرة».
وقال الجاسم في معرض ملاحظاته على حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان طعنه «دفعت بانعدام القرار الصادر باستخدام التدوين الآلي في الانتخابات لصدوره من جهة غير مختصة، وهي وزارة العدل، كما اشرت الى المرسوم الذي يحدد اختصاصات وزارة الداخلية والتي من بينها الانتخابات، وقدمت حكم محكمة التمييز حول تأثير صدور قرار من جهة غير مختصة، ولم أجد لهذا الدفع أي رد في الحكم، بل لم يثبت في حكم المحكمة رغم كونه دفعاً جوهرياً يجب ايراده وتثبيته، اذ لو صح لتغير وجه الدعوى».
وأضاف: «استغربت ورود عبارة (لم يقدم الطاعن أي ادلة كافية او مستندات...) في الحكم رغم تقديمي 13 مستندا وتحديدي لاسماء الشهود وفحوى شهاداتهم»، مشيرا الى «وجود 17 محضرا من محاضر لجان الانتخاب تم استخراجها من الحاسب الآلي ولا يوجد في القانون ما ينظم الاثبات الالكتروني».
وأشار الجاسم الى «عدم وجود محاضر رسمية وتوقيعات بتعديل ارقام بعض محاضر اللجان، اذ تم شطب بعض الارقام وتعديلها دون اي محاضر او توقيعات»، لافتا الى ان «المحكمة لم تورد في الحكم أي اشارة لهذه المحاضر».
وأوضح ان «المحكمة نسبت اليه قوله ان (نتائج الانتخابات التي أعلنها تلفزيون الكويت تتعارض مع النتائج الرسمية المعلنة)، وهذا غير صحيح اذ لم اصرح بهذا الامر ولم اورده في مذكرات الدفاع، ما يشير الى حدوث خلط لدى المحكمة أو انها نظرت طعنا آخر غير طعني».
ولفت الى ان «القانون يحدد تشكيل المحكمة الدستورية العليا من 5 مستشارين يتم اختيارهم بالاقتراع السري، ولم تتم اي حالة اقتراع سري الا مرة واحدة»، مشيرا الى انه «باستمرار البحث حول المحكمة الدستورية اتضح ان اعضاء المحكمة الدستورية الاحتياطيين يحولون إلى أعضاء أصليين وتحويل الأعضاء الاحتياطيين الى اصليين لا يصح الا بمرسوم».
وبين الجاسم ان «اجمالي عدد الاصوات المفقودة لثمانية مرشحين في الانتخابات الماضية بلغ 15 ألفا و30 صوتا كما أغفلت اللجنة عن احتساب صندوق انتخابي كامل في الدائرة الرابعة، كما لم تعلن نتائج الدائرة الثانية الا في اليوم التالي للانتخابات، وذلك لنسيان 6 صناديق اكتشفها المستشار انور العنزي»، مؤكدا ان «القضاة في مختلف اللجان لا يلامون ونبرئهم من أي شبهة في الانتخابات، ولكن السبب الرئيسي يكمن في استخدام «الفلاش ميموري» في تسجيل البيانات والذي حكم الانتخابات البرلمانية الماضية».
ونوه إلى ان «حجم الخطأ بلغ 30 الف صوت كاملة في ثلاث دوائر ما ينم عن حدوث فشل كامل في الانتخابات».
وحول ضرورة عدم انتقاد الاحكام القضائية، اكد الجاسم ان «دلائله مبنية على ابحاث ودراسات علمية، اذ لم يشكك في القوانين او نزاهة القضاة ولكن انتقاد الاحكام واجب حتى ولو كانت احكام المحكمة الدستورية، لان النقد ليس مرفوضا ما دام لا يخل بالاحترام الواجب للقضاة، فتقديس القضاة لا يحقق المصلحة العامة»، مشددا على «ضرورة قيام المحامين والمتخصصين بانتقاد الاحكام اما ممارسة الارهاب الفكري بعدم انتقادها فلا يجوز».
وقال ادليت بتصريحات لاحدى الفضائيات قبل الانتخابات، واكدت شكي في نزاهتها قبل بدء الفرز وقبل بدء اعلان النتائج لدخول «الموبايلات» و«الفلاشات» لمقار اللجان، بعدها ابلغني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الامة فيصل الحجي بصدور تعليمات لجميع القضاة بعدم دخول «التلفونات» و«الفلاشات»، لافتا إلى ان «انتخابات 2008 تشبه انتخابات عام 1967 مع اختلاف الادوات والمسؤوليات فاذا كانت حكومة عام 67 وهي الراعي الرسمي للتزوير في الانتخابات، فان انتخابات 2008 يقف خلفها جهة خفية اقوى من النظام عبثت فيها».
واضاف «صدر قبل الانتخابات قانون يقلص عدد المندوبين، ووضع حدا اقصى لهم بـ 15 مندوبا واعتبرته بعض المحاكم احد الضمانات، وهذا القانون ينطوي على شبه دستورية لانه ينتقص من حيدة الانتخابات».
واوضح الجاسم «سعينا لاسقاط نظام التدوين الآلي بالطعن في عملية الفرز واسست طعني بالتساؤل ما الجهة المختصة التي فرضت نظام التدوين الآلي»، مؤكدا أن «وزارة الداخلية هي الجهة المختصة بالاشراف على الانتخابات وليس وزارة العدل وقد رفضت وزارة الداخلية ومجلس الوزراء فرض التدوين الالي وفرضته وزارة العدل وطبقا لمحكمة التمييز فان اي قرار صادر من جهة غير مختصة فهو منعدم، ما يؤكد وجود جهة خفية اقوى من النظام»، منوها ان «اجواء جلسات المحاكمة لطعنه المقدم لم تكن مريحة».
من جانبه، قال المحامي محمد منور المطيري «وقفنا على حقيقة ان وقوع قضاة الدائرة الخامسة في خطأ من ناحية تجميع ارقام المرشحين بعد ان قامت المحكمة الدستورية بطلب صور محاضر الانتخابات والفرز (محاضر التجميع) اذ انه لا بد ان تلتزم المحكمة بالمحاضر التي اعلنها القضاة عند تعاملها مع الطعون الانتخابية، وقد اكدت محاضر القضاة حصول النائب أحمد السعدون على المركز الثامن مثلا»، مشيرا إلى ان حكم المحكمة الدستورية الاخيرة لا يبنى على قانون.
وأضاف «كل ما رخص لنا في الجلسات الاطلاع على بعض البيانات ولكن هناك مستندات لم تطرح بالاساس»، موضحا ان «الافضل كان ضرورة طرح هذه المستندات وعدم حجبها».
وبين ان «عذر المحكمة الدستورية قد يكون رغبتها الا يطلع الجميع على فداحة الاخطاء التي وقع فيها القضاة اثناء الانتخابات، وهذه هي الحقيقة التي حاولت المحكمة الدستورية اعلانها على الملأ باقرار حقوق المرشحين الذين لم يحصلوا عليها بحصولهم على مقاعدهم في المجلس»، لافتا إلى ان «الاخطاء التي وقع فيها القضاة كانت بحسن نية».
ولفت المطيري إلى ان «التعدي على المؤسسة القضائية وانتقادها في الاعلام يعود بالضرر على البلاد»، مشيرا إلى ان «هناك الية لانتقاد الاحكام القضائية نظمها القانون والتي نؤيدها ونؤكد عليها اما فيما يخص نقص التشريعات فهي مسألة وطنية يجب معالجتها بطريقة تخدم المؤسسة القضائية ويجب ان يتناول نواب الامة هذه المسألة بتعديل النقص في المحكمة الدستورية بدفع عجلتها لمزيد من الاستقلال».
المكيمي: فضيحة... عدم فضح القضاء
في مداخلة لاستاذة العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتورة هيلة المكيمي قالت ان «اعلان بطلان مؤسسة دستورية بقيمة المحكمة الدستورية، وهي جهة تتخاصم اليها السلطتان التنفيذية والتشريعية يعلن عن فراغ كبير في الحياة الديموقراطية، ويجب الا ننتقد هذه المؤسسة الا بعد خوض تجربة معينة وتحديد نتائجها».
وأكدت المكيمي ان «تجربة الطعون الأخيرة اوضحت فكرة ان القضاء لم يرد فضح القضاء، وهي مسألة مهمة تعد في مصاف الفضيحة».
ولفتت المكيمي ايضاً إلى ان «تجربة الطعون الأخيرة كشفت عن فكرة جديدة تتمحور حول «التيار الأقوى من كل السلطات» من خلال التمكن من اقحام التدوين الآلي من خلال شركة معينة ولا بد من تصدي المجتمع المدني لهذا التوجه».
وفي مداخلة أخرى لـ سيف الهاجري من حزب الأمة شدد فيها على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق في الأمر وأن تتخذ قرارات طبقاً لنتائجها، خصوصاً بعد ان اثبتت المحكمة الدستورية الخلل في الفرز او التدوين».
وتساءل احد المشاركين في الندوة عن الحل المستقبلي لهذه المشكلة، معتبراً ان النظام فشل بعد حكم المحكمة الدستورية في الطعون، لافتاً إلى ان الحكومة الحالية لا تستطيع وضع الحلول.