حروف باسمة
هبوب
| سلطان حمود المتروك |
1 يناير 1970
11:20 ص
تهب على الدنيا نسائم مختلفة في ألوانها وأشكالها، فمنها المشوب بالظلمة التي تعمي البصر والبصيرة، وأخرى رقراقة عذبة إذا مرت على الفؤاد أنعشته فجعلته أكثر استقرارا وحيوية، واذا تصورها الذهن فإنه يكون صافياً ممتلئاً بالتفكير المنطقي المنظم الذي يهدي إلى الحق وسبيل مستنير.
وما أكثر الهبوب العاتية والرياح القاسية التي تعج بالدنيا، فأينما يممت وجهك، فإنك تحس سموما قاسية تحرق الفؤاد قبل أن تلفح الوجه، ومهما دبر القساة مكائدهم، فإن الحق سينتصر والحقيقة ستوضح مهما طال الزمن... حملة كبيرة شنت على بيرق هذه الديرة، فصمد وعلا فوق الهامات بهمم أبناء الوطن، أطلقوا عليه خرقة فغدا شامخاً للاباء والنماء والخلود والصنائع البيض. أرادوا أن ينزل وترفع محله أعلام أخرى، كما في المنتدى الرياضي في ريو 2016، فإذا رفع العلم الأممي بدلا من بيرق الديرة، فإن هذا البيرق رفرف في قلوب جميع الكويتيين، أثناء تسلم البطل فهيد الديحاني ميداليته الذهبية، فأصبح هذا العلم مرفوعا في القلوب وأمام الأعين وفي وجدان جميع المخلصين.
وتم رفعه مرة اخرى، حين تسلم البطل أحمد نقا المطيري ميداليته الذهبية، وهو متألق على كرسيه وعلم الكويت يرفع خفاقاً يرفرف تحوطه نسائم الخير والمستقبل المشرق وشموخ الكويت باقٍ مهما أرادوا أن تهب عليها نسائم السموم فإن أهلها جعلوا لها سوراً من قلوبهم فرفرف عليها خفاقا في المنتديات كافة.
ولم نزل نغني كما تعلمنا منذ الصغر وسمعنا في الستينات من القرن الماضي في سينما الاندلس حينما ينشد الفنان محمد سلمان:
لبيك يا علم الكويت
كلنا نحمي الحما
لبيك ونجعل من جماجمنا
لعزك سلما
عزيزي القارئ، هبوب تتلاطم ورياح تتصادم في آفاق الوطن العربي.
فلول غاشمة تعمل على خطف وتقتيل وتشريد وقطع الرؤوس وأكل الكبود. تلك التنظيمات الارهابية التي عاثت في الأرض فساداً وكل ما فكر بصدها والقضاء عليها من جانب، خرجت من جانب آخر وكأن الدنيا كلها غير قادرة على كبح جماح هذه العقول المأفونة والقلوب الخبيثة.
آلاف من المختفين اختفاء قسرياً، لا أحد يدري أين اماكنهم... ومن الذي اختطفهم... وما هي مصائرهم... وفق تقرير منظمة العفو الدولية التي اصدرته لمناسبة اليوم العالمي للاختفاء القسري الذي يوافق في الثلاثين من اغسطس من كل عام، وهو الذكرى السنوية للفت الانتباه إلى مصير الافراد الذين سجنوا في اماكن وظروف سيئة ويجهل ذووهم او محاموهم أماكنهم، ناهيك عن هبوب تدمر النازحين والمهجرين من اوطانهم، وهم يموتون جوعاً او يعيشون في مخيمات تفتقد الى ابسط احتياجات الحياة، وكأننا نعيش في قرون مظلمة لا يفتح فيها باب الى نور من علم او اللجوء الى ركن وثيق من العطف والشفقة والرحمة... عجيب أمر الأطفال!
إن سموم الهبوب القاسية تلفح قلوبهم فيتنفسونها بدلا من الهواء ويتجرعونها جوعا وجهلا ومرضا وفاقه.
هذه دنيانا ألا ينتبه الذين في قلوبهم ذرة من إنسانية او قليل من رحمة فينقذوا اطفال مصر واليمن وليبيا والعراق وسورية، من أتون هذه الهبوب السامة.
ولا بد لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر