الأجوبة المفيدة عن أسئلة العقيدة
التوبة شعار الأبرار (1 من 2)
| الأستاذ الدكتور وليد العلي |
1 يناير 1970
05:09 ص
اعلموا ان ربكم هو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن سيئات المذنبين، فهو الغفور والغفار وغافر الذنب وهو سبحانه وتعالى خير الغافرين.
لذا فقد ندب جل جلاله عباده الاخيار، للتوبة والأوبة والاستغفار، حيث قال في محكم الذكر الحكيم: «أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم» (سورة المائدة: الآية 74).
وأثنى الواحد القهار على عباده الابرار المستغفرين ربهم بالاسحار، فقال تعالى: «الذين يقولون ربما اننا امنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار (16) الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار» (سورة آل عمران: الآيتان 16 - 17).
وقد قرن الله تعالى في أمره لنبيه صلى الله عليه وسلم بين توحيده، وبين الاستغفار لنفسه ولعبده، فقال: «فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم» (سورة محمد: الآية 19).
قال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (كان يعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مئة مرة من قبل ان يقوم: رب اغفر لي، وتب عليّ، إنك التواب الغفور) أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه.
والاستغفار هو شعار الصفوة الابرار، كما حكاه العزيز الغفار، عن المصطفين الاخيار، فهي كلمات آدم وحوّاء، التي تلقّوها من رب الأرض والسماء: «قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين» (سورة الأعراف: الآية 23).
كما كانت دعوة أوّل الرسل نوحٍ عليه السلام «رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظلمين إلا تبارا» (سورة نوحٍ: الآية 28).
وهي دعوة الخليل ابراهيم عليه افضل الصلاة والتسليم: «ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب» (سورة ابراهيم: الآية 41).
ودعوة موسى الكليم عليه أزكى الصلاة والتسليم: «قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الرحمين» (سورة الأعراف: الآية 151).
وهي كلمة داود عليه السلام التي بها أناب فتزلّف بها لحسن المآب، كما قال العزيز الوهاب: «وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب» (سورة ص: الآيتان 24 - 25).
وبها توسل ابنه سليمان عليه السلام الى سؤال المُلك الذي لا ينبغي لأحد من الأنام: «قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب» (سورة ص: الآية 35).
فمن ابتُلي بشيء من هذه الذنوب فليتطهر ويقوم بين يدي علام الغيوب، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (حدثني أبوبكر، وصدق أبوبكر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل يُذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي ثم يستغفر الله: إلا غفر له، ثم قرأ هذه الآية: «والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله» إلى آخر الآية (سورة آل عمران: الآية 135) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
قد شرع العزيز الغفار لعباده المؤمنين الابرار من الاعمال الصالحة ما يُقيلون به العثرات ويُكفّرون به عن الأوزار، فمن ذلك:
أساس هذا الدين، الذي بُعث به كافة النبيين، وهو إفراد الله المجيد، بأصل الأصول وهو التوحيد، وتنزيهه من الشرك والتنديد، كما قال الغني الحميد: «إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما» (سورة النساء: الآية 48).
ومن ذلك عباد الرحمن: ان يغرس العبد في قلبه شجرة الاسلام والايمان، ويجني ثمرتها من الاعمال الباعثة على الاحسان، من القنوت والصدق والصبر والخشوع والصدقة والصايم والعفة والذكر باللسان، كما قال الرحيم الرحمن: «إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما» (سورة الأحزاب: الآية 35).
ومن ذلك معشر الإخوة الابرار: متابعة المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم كما قال العزيز الغفار: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم» (سورة آل عمران: الآية 31).
وتأمّل هذا الحديث الشريف الدال على أثر متابعة خير الأنام، عليه افضل الصلاة وأزكى السلام في عمود الاسلام فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من توضأ كما أُمر، وصلى كما أُمر: غُفر له ما قدّم من عمل) أخرجه النسائي وابن ماجه.