| أحمد سلمان |
«الكارما هي من أهم المواضيع التي تهمنا في الحياة، وهي قانون نطبقه... ويطبق نفسه على كل فرد، وهي أيضا كمثل السهم يصيب كل أنا، وقانون تستطيع أن تلقبه بقانون العدل الإلهي، لأنه يعدل بين الأنات في الكون أجمع... مادته هي البلور الصافي، الذي يعكس كل شعاع يلامس سطحه، كالجبل الذي يعكس الأصوات بالصدى والموجات».
تعني كلمة (كارما) الفعل أو الفعل و ردة الفعل، ومن ناحية الميتافيزيقا تعني قانون التعويض أو الحساب أو إعادة التوازن، أو حتى قانون السببية أي السبب والنتيجة... إنه قانون لا يعاقب أو يثاب، بل إنه يحاسب... يطبق قانون الكارما على كل إنسان له إرادة و عقل و إدراك.
الكارما لا ينتابها الغموض أو يحرفه عابث، أو يتناساه ملته... لأن قانونها ناموس سرمدي كوني... يعتمد على الفعل وردة الفعل، يعتمد على سؤال وجواب، يعتمد على الأخذ و العطاء... ما أحاول أن أقوله هو أن جملة القانون هنا تعتمد على ركنين... الأول هو العطاء، وإعرابه هو الخير أو الشر... والركن الثاني هو الأخذ، وإعرابه يتبع الركن الأول.
جملة الكارما هنا تأتي بصورة شجرة إذا زرعتها (عطاء) ستحصد ثمرها (أخذ)... فالعطاء والأخذ هما الركنان الأساسيان هنا... فإذا زرعت العلقم فستحصد المر، وإذا زرعت الياسمين فستحصد العبير... فأخذك يعتمد على عطائك... «فكما تزرع نفسه ستحصده».
هناك نوعان من الكارما... السلبية والايجابية، هناك شكلان من الكارما... الدنيوية والأخروية. وهناك وجهان للكارما... أنية والغيرية، وهناك طبقتان من الكارما... الفردية والجماعية.
الكارما قانون يسمى بقانون السبب أو السببية أو الأثر... ونحن هنا نتكلم عن قانون عقلي وإيمان قلبي... نتكلم عن معاص وحسنات، لأن الكارما هو قانون العطاء والأخذ، على حسب نوع العطاء إما عمل حسن يعمر، أو عمل عاص يدمر... ولأن الله وضع للإنسان قانون وميزان الحلال و الحرام... فلقد أصبح الحلال بيّن والحرام بيّن... وإذا البرزخ الذي بينهما مبين للبصر والبصيرة، حاز الإنسان على أسرار الطريقة... طريقة العيش في الحياة وجمع بين الدنيا والدين.
هناك كارما فردية، أي تتعلق بفرد واحد، فقد فعل فعلة وسيحاسب عليها وحده، وهناك كارما جماعية، أي إن مجموعة من الأفراد قد فعلوا فعلة وسيحاسبون عليها جميعا... وهذا هو السر في موت الأمم السابقة فجأة... كالفراعنة، وقوم لوط، ومدينة إرم ذات العماد.
للكارما شقان... شق يقول لك افعل وشق يقول لك لا تفعل... إنه القانون السرمدي الأبدي... فكل الديانات تقول لك افعل الخير للآخرين ولنفسك، ولا تفعل الشر للآخرين وحتى لنفسك، وكلمة «آخرين» لا أقصد بها الناس والأقارب فقط... بل أقصد بها كل ما/ من يحيط بك... حتى الهرة المسكينة في الشارع... فلا يجب عليك أن تسيء إلى أي مخلوق من مخلوقات الله... والشجرة مخلوق من مخلوقات الله والوردة والأرض.
للكارما شقان.. شق يقول افعل وشق يقول لا تفعل. افعل للآخرين ما تريده منهم أن يفعلوه لك، «هذه القاعدة تطبقها لتحصل على ما تريده أو ما ترغبه».
«لا تفعل للآخرين مالا تريده أن يفعله الآخرون لك»... وهذه القاعدة يمكن استخدامها لتتجنب الأشياء غير المرغوب بها، ولتجب الحوادث غير المرغوب في وقوعها/ حصولها.. فإذا لم ترد أن يغشك الآخرون فلا تغش أنت الآخرين... لأنك في البداية والنهاية... ومهما اختلفت الأجناس والألوان فهم متصلون من الداخل ومشابهون في الذات الإنسانية والبشرية... فهم كأحجار المسبحة يربطهم خيط واحد.
المعهد العالي للفنون المسرحية
[email protected]