رفعوا الأجرة ضعفين في بعض الأحيان
سائقو «التاكسي» يكشّرون عن أنيابهم: تعويض غلاء البنزين من جيوب الركاب!
| كتب علي إبراهيم |
1 يناير 1970
04:34 ص
«التفويلة» زادت دينارين... والمشوار ارتفع دينارين أيضاً
التوصيلة من الشويخ إلى الجهراء والفحيحيل قفزت إلى 6 دنانير
لم تحمل إشراقة أول يوم من أيام الأسعار الجديدة للبنزين «الخير» للكثير من المواطنين والمقيمين، إذ كشر أصحاب سيارات «التاكسي» عن أنيابهم مع رفع فاتورة التنقلات «كما يحلو لهم»، بعيداً عن أنظار وعيون مراقبي «الداخلية» و«التجارة».
وفي جولة ميدانية أجرتها «الراي» تبين أن عدداً من سائقي التاكسي رفعوا الأسعار بشكل عشوائي و«جنوني» بنسب تراوحت بين 50 و75 في المئة عن التعرفة القديمة المعتادة.
الغريب في الأمر، أن سيارات الأجرة التي مازالت تعمل بالعداد وفق تعرفته «القديمة»، إذ لم تتم إعادة برمجتها وفقاً للتعرفة الجديدة حتى كتابة هذه السطور، وهو ما دعى الكثير من الركاب إلى محاولة التوفير في السعر بشتى الطرق، لكن هيهات فأصحاب «التاكسي» حسموا أمرهم.
وتختصر لغة الأرقام الكثير من أحاديث مستخدمي التاكسي وسائقيه، إذ إن الزيادة بنسبة 60 في المئة تعادل نحو دينارين في تكلفة التشغيل، قابلها ارتفاعا في إجمالي الإيرادات بنسبة 500 في المئة، قياسا إلى زيادة تكلفة التشغيل، ما يطرح الكثير من التساؤلات، هل الأمر للاستخدام العادل بين السائق والراكب، أم وسيلة لزيادة الربح؟
فقد حاول أصحاب سيارت الأجرة تعويض غلاء البنزين من جيوب الركاب. وبعيداً عن العدادات حاول هؤلاء العمل على قاعدة الاتفاق المسبق مع الزبون، ليتبين أن التوصيلة من مكان إلى آخر ارتفعت الضعف تقريباً في بعض الأحيان.
واشتكى عدد من الركاب لـ «الراي» من الاستغلال الذي تعرضوا له أمس، مطالبين الجهات المعنية بتكثيف جهودها لضبط ما وصفوه بجشع السائقين وأصحاب سيارت الأجرة، معتبرين أن الزيادة على «التفويلة» الواحدة تصل إلى دينارين كحد أقصى، في حين أن الزيادة على التوصيلة الواحدة وصلت بدورها إلى دينارين.
ورأى هؤلاء أن «هذا الأمر ليس عادلاً، إذ إن الزيادة ينبغي أن تكون عادلة ووفقاً للآلية والتسعيرة التي أقرتها وزارة الداخلية أخيراً،ليست وفق ما يشتهي سائقو التاكسي».
يقول بو وجدي (وافد خمسيني)«لظرف طارئ حدث صباحاً أخذت حفيدي من منطقة خيطان إلى العمرية بواسطة تاكسي جوال، وعند حساب السائق طلب دينارين، مقابل دينار واحد للرحلة نفسها سابقا، فقد أكد السائق أن تلك الأجرة هي التي حدّدها العداد بعد زيادة البنزين الأخيرة، وحال عودتي إلى الوجهة نفسها تقاضي سائق آخر عن المسافة نفسها 1.5 دينار دون تشغيل للعدّاد، على الرغم من أنها كانت ديناراً واحداً فقط قبل قرار زيادة سعر الوقود».
لم تكن تجربة بو وجدي، إلا نقطة في بحر المخالفات التي ظهرت مع أول يوم لتطبيق الزيادات، إذ اتضح أن عداد جميع سيارات الأجرة ما زال يعمل وفقاً للتعرفة القديمة، إذ لم تتم برمجته بعد القرار الحكومي الأخير بزيادة الأسعار، إلا أن الأمر لقى حلولا«مربحة» لدى السائقين، فقد أوضح بو عبد الرحمن، (سائق أجرة جوالة) أن العداد مازال يعمل وفقاً للتعرفة القديمة، وأنه عبأ السيارة بالوقود وفقاً للسعر الجديد في الصباح، ما يتطلب محاسبة الركاب بالسعر الجديد.
وأكد بوعبدالرحمن، أنه يفّعل العداد على التعرفة القديمة، وبعد انتهاء الرحلة يقوم بضرب قيمة«البنديرة»بضعفين أو أكثر ليحصلها من العميل، موضحاً أن الأمر يعد موفراً للعديد من الركاب في الرحلات القصيرة التي كانت تحسب سابقا عند 1.5 دينار، وتكلفتها الحقيقية وفقا للعداد من 500 إلى 750 فلسا، إذ أصبحت تحسب عند 1.25 دينار، وهو ما يحقق وفراً للعميل، ويضر بسائق التاكسي، واستطرد ممتعضاً«الرحلات الطويلة قد تعوض تلك الخسارة».
في المقابل، يرى بو محمد (وافد ثلاثيني) أن الأمر ينذر بكارثة، ما يتطلب من الدولة تقديم تسهيلات أكثر للحصول على رخص القيادة، إذ إنه يستقل تاكسي يوميا من منطقة خيطان إلى عمله في حولي (ذهابا وإياباً) بتكلفة يومية تقدر بـ 3 دينار، لتصبح فاتورته الشهرية 78 دينارا، إلا أنه بدءا من صباح أمس، طالبه سائق الأجرة الجوالة بدينارين تكلفة المشوار الواحدة، ما سيجعل فاتورته الشهرية ترتفع إلى 104 دنانير، بزيادة نسبتها نحو 33 في المئة.
وتلعب إيرادات التاكسي دوراً محورياً في القضية، إذ يرى السائقون أن الزيادات التي تصل إلى 60 في المئة، وترفع تكلفة تعبئة السيارة بالوقود لابد أن تقابلها«زيادة»عادلة، ترفع الإيرادات اليومية على الأقل من 20 إلى 30 ديناراً، ما يعادل 50 في المئة من إجمالي الإيرادات، إلا أن إيراد التاكسي الواحد سيرتفع 500 في المئة، قياساً على معدل الزيادة في تكلفة التشغيل بمقدار دينارين وربح 10 دنانير أكثر.
رحلة ميدانية
الأمر لم يختلف كثيراً عن السابق، فقد حاول كاتب هذه السطور التوجه في رحلة من الشويخ إلى المنطقة الصناعية بالجهراء ونظيرتها في الفحيحيل، فحدد السائقون الأجرة إجمالا بسعر يتراوح بين 4 إلى 6 دنانير، إذ أكد الكثير منهم أن الأمر يعود عليهم بالخسارة إذا اعتمدوا التعرفة القديمة التي ما زالت قائمة على عداداتهم بعد زيادة السعر، وأن سعر 6 دنانير يعد«عادلاً»!
لغة الأرقام دائما ما تكون الفيصل في مثل هذه الحالات، إذ تتراوح المسافة من الشويخ إلى الجهراء نحو 30 كيلومترا، تبلغ تكلفتها عبر الأجرة الجوالة نحو 4.100 دينار دون احتساب زيادات الوقت، وهو نفس السعر القديم تقريباً ما يعني أن التعامل بالعداد قد يكون غير مجز، وسيقود السائقون للتعامل وفقا للتعرفة التي حددوها مع أول يوم عمل بعد الزيادات، والتي تصل إلى 6 دنانير، بزيادة 50 في المئة عن التعرفة القديمة.
أما المسافة من الشويخ إلى منطقة الفحيحيل، فكانت تحدد سابقا بين 4 إلى 5 دنانير، وتبلغ قيمتها وفقاً للتعرفة الجديدة دون احتساب عامل الوقت والانتظار على الطريق نحو 5.475 دينار لمسافة تبلغ نحو 41 كيلومترا، أي أن الأمر لن يكون مجزيا أكثر للسائقين ما ستزيد معه التكلفة بصورة قد تتجاوز 6 دنانير.
وقبل زيادة الأسعار كانت سيارات الأجرة الجوالة تتقاضى ما بين 1.5 إلى دينارين على المسافة بين حولي والفروانية اللتين يتركز فيهما الوافدون بصورة عالية، إلا أن تلك المسافة وفقاً لعداد الأجرة الجوالة ستصبح تكلفتها 2.850 دينار لمسافة 20 كيلو مترا دون انتظار أو اضافة وقت ما يعني أن مقدار الزيادة وفقا للعداد يقارب نحو 50 في المئة.
أما الرحلة عبر الأجرة الجوالة من حولي إلى الجهراء ستبلغ كلفتها نحو 5 دنانير لمسافة 37 كيلو مترا، وهو تقريبا نفس المعدل القديم الذي كان يتقاضاه السائق قبل الزيادة، كما أن تكلفة الرحلة من نفس المنطقة إلى الفحيحيل نحو 5.5 دينار، وهي التي تزيد قليلاً عن معدل السعر القديم بـ 500 فلس تقريباً، ما يعني أن الأمر قد يتطلب زيادة أخرى من قبل السائقين!