تطبيق قانون جمع السلاح وحملات «الداخلية» المكثّفة والخوف من «شبهة» الجماعات الارهابية... أنهى الظاهرة

إطلاق النار في الأعراس... كان يا ما كان!

1 يناير 1970 09:57 ص
الظاهرة برزت بعد التحرير ولم تكن معروفة من قبل وواجهت رفضاً شعبياً

«الداخلية» مستمرة في مراقبة الأعراس والمناسبات التي تشهد عادة إطلاق نار

مصدر أمني يؤكد أن قانون جمع السلاح ساهم كثيراً في تطهير البلاد من الأسلحة

وزير الداخلية والوكيل أعطيا الضوء الأخضر بملاحقة مطلقي النار وتقديمهم للعدالة

التعامل بحزم مع هذه الظاهرة ومطلق النار متى ضبط سيلاقي مصيره بالسجن

لا مجال للتساهل الذي حصل في الماضي وسيطبق عليهم القانون بحذافيره

رفض شعبي من تحوّل الظاهرة إلى إحدى السمات المستقبلية للمجتمع

الطفلة نوير البوص شاهد «حي» على مأساة ظاهرة إطلاق النار في الأعراس

في عام 2012 تحول عرس إلى مأتم بعد مقتل المعرس برصاصة طائشة

أكثر من 36 ألف قطعة حصيلة 3 حملات لجمع الأسلحة شهدتها الكويت

امتلاك وإخفاء السلاح مهما كان حجمه ونوعه يضع الشخص في دائرة الشبهات
قبل ثلاث سنوات من اليوم، كانت تعيش الكويت، ولاسيما في عطلات نهاية الأسبوع، حرباً حقيقية عندما تشتعل سماؤها بآلاف الأعيرة النارية التي تنطلق من أمام صالات الأفراح وخيم الأعراس، في مظهر حمل الكثير من الأخطار التي وقع بعضها وذهب ضحيته أبرياء.

فقد كانت الأعراس تتحول إلى ساحة معركة مع الجو عندما ترتفع فوهات البنادق بسيل من النار يطلقه مستهترون فرحاً بالمعرس، في ظاهرة كانت معتادة ولاسيما بالمناطق الخارجية، وقد حوّل بعضها الأفراح إلى أحزان، أو على أقل تقدير زف بسببها المعرس إلى نظارة المخفر بدل بيت الزوجية.

الآن، وبعد تطبيق قانون جمع السلاح الذي أقره مجلس الأمة وأصبح نافذاً، وبعد الحملة الإعلامية الطويلة التي نفذتها وزارة الداخلية لجمع السلاح، ومن ثم الحملات الأمنية بحثاً عن من لم يسلمه، فضلاً عن الأجواء الأمنية المحيطة والخوف من «شبهة» الجماعات الارهابية، اختفت الظاهرة تماما، ولم يعد لها وجود فصارت من الماضي، ليصبح المعرس مطمئنا إلى أنه سيزف في نهاية العرس إلى بيت الزوجية وليس إلى المخفر.

مصدر مسؤول بوزارة الداخلية أكد لـ«الراي» أن ظاهرة اطلاق النار في الاعراس قد اختفت تقريباً من المجتمع، مشدداً على ان الوزارة لاتزال الى يومنا تقوم بشكل دائم ومستمر بمراقبة الأعراس والمناسبات الاجتماعية، حيث توزع عناصرها في كل الاماكن التي تشهد عادة حوادث اطلاق النار بشكل عشوائي في الهواء.

واشار المصدر إلى ان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد ووكيل الوزارة الفريق سليمان الفهد، أعطيا الضوء الأخضر لأفراد وقطاعات الوزارة بأهمية التصدي لهذه الظاهرة وملاحقة من يقوم بمثل هذه الأفعال، وتقديمه إلى العدالة أيا كان، خصوصا أن هذه الظاهرة تشكل خطراً على حياة المواطنين الأبرياء من جهة، ولها أيضا انعكاسات على الوضع الأمني في البلاد من جهة أخرى.

وأرجع المصدر أسباب اختفاء ظاهرة اطلاق النار في الاعراس عن الساحة الاجتماعية الى عدة عوامل، من اهمها التوجيهات الدائمة والمستمرة من قبل الوزير الخالد والوكيل الفهد بضرورة التعامل بكل حزم واتخاذ كل الاجراءات القانونية بحق المتسببين بهذه الظاهرة التي اصبحت محل استياء عام لدى جميع المواطنين والدولة.

وتابع «يجب ان يدرك مطلق النار في الاعراس انه متى ضبط انتهت العملية، ولا يوجد مجال لتهربه او خروجه من هذا المأزق الذي وضع نفسه فيه، لان التساهل الذي كان يحدث في الماضي يجب ان ينساه هؤلاء المتجاوزون الذين سيطبق عليهم القانون بحذافيره».

وذكر ان الحملات التفتيشية الامنية المختلفة التي تشنها عناصر مباحث السلاح ودوريات الامن العام في المناطق التي تشهد عادة حوادث اطلاق النار، بالاضافة الى فرض رقابة أمنية صارمة على الاعراس، خصوصا بعد اخذ تعهدات مكتوبة من قبل المعرس بضمان عدم اطلاق النار خلال حفل الزفاف، لافتا إلى ان قانون جمع السلاح والذخائر والمفرقعات ساهم بشكل كبير بالحد من هذه الظاهرة كون القانون تضمن عقوبات رادعة بحق من يمتلك أسلحة غير مرخصة.

وأضاف «لاشك أن قانون جمع السلاح يساهم بشكل مباشر في تطهير البلاد من جميع انواع الاسلحة التي لم يعتد عليها المجتمع،وتضع في نفس الوقت حداً لمن تسول له نفسه العبث بالأمن مهما كان، ولعل اختفاء ظاهرة اطلاق النار في الاعراس هو احد الادلة الواضحة على وجود حزم بتطبيق القانون والذي يقابله وعي متزايد ومتصاعد من قبل المواطنين حول خطورة مثل تلك الظواهر التي ادت الى وقوع العديد من الضحايا والابرياء».

واشار الى أن الحملات التوعوية التي اطلقتها الوزارة وتضافر جهود جميع قطاعات الوزارة الامنية، ساهمت بشكل مباشر في تحقيق الهدف الرئيسي وهو زيادة الوعي المجتمعي حول مخاطر وتبعات هذه الظاهرة التي وقع نتيجتها العديد من الضحايا الابرياء وتسببت في تحويل الكثير من الافراح الى مأتم.

واعرب المصدر عن خالص شكره وتقديره للدعم الذي وصفه بالـ«لامحدود» الذي يقدمه كل من وزير الداخلية ووكيل الوزارة لرجال الامن من خلال توفير كل الامكانيات والموارد التي تضمن تحقيق كل الاهداف الامنية التي يسعون الى تحقيقها على ارض الواقع انطلاقا من مصلحة البلاد العليا وضمان سلامة وامن المواطنين والوافدين على حد سواء.

وظاهرة اطلاق النار في الاعراس من الظواهر التي برزت وتطورت بشكل كبير بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم، وهي بلاشك ظاهرة دخيلة على المجتمع الكويتي، ولم تكن موجودة في سجل عاداته وتقاليده القديمة، خصوصا ان الطبيعة السلمية وحب السلام والخير كانت احدى الملامح الرئيسية التي تميز بها اهل الكويت منذ القدم.

وهذه الظاهرة عانى منها المجتمع بشكل كبير خلال الفترة الماضية، ولاسيما أن عملية اطلاق النار تتم بشكل علني في الشوارع والطرق السكنية دون أي احترام للقانون وهيبة الدولة أو لسلامة الآخرين، حيث كان يطالب جميع المواطنين طوال السنوات الماضية بضرورة التصدي لهذه الظاهرة وملاحقة ومحاسبة من يقوم بمثل هذه الافعال غير المسؤولة التي تسببت في وقوع العديد من الضحايا الابرياء.

ولعل الطفلة نوير البوص التي وقعت ضحية عام 2008 خير شاهد على المأساة ظاهرة اطلاق النار في الاعراس، حيث أصيبت هذه الطفلة التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها بطلقة نارية طائشة وهي تلهو بكل براءة في مقهى أبوحليفة الشعبي، حيث احيلت انذاك الى مستشفى ابن سينا وهي بين الحياة والموت، ونتيجة لتعذر اجراء عملية اخراج الرصاصة من رأسها خشية من اتلاف الاعصاب والانسجة، تم نقلها في ما بعد الى لندن، لاجراء العملية الجراحية لها التي كتب الله لها النجاح، وخضعت في ما بعد لعلاج في لندن استمر لاشهر طويلة بعيدة عن والدتها واخوتها.

وفي المقابل، شهد شهر اغسطس من عام 2012 مأساة حقيقة، حين انتهى حفلة زفاف باصابة العريس برصاصة طائشة اردته قتيلا، حيث كان احد اصدقاء المعرس يقوم بتجهيز مسدسه فخرجت منه رصاصة بالخطأ استقرت مباشرة في ظهر المعرس وأودت بحياته.

هاتان الحادثتان وغيرهما أكدت انذاك اهمية جمع الاسلحة وايجاد آلية قانونية رادعة لانتشار ظاهرة اطلاق النار في الاعراس المجرمة والممنوعة، وفقاً القانون خصوصاً في المناطق ذات التجمعات القبلية، وأصبحت قضية جمع كل انواع الاسلحة غير المرخصة مطلباً ملحاً من قبل الشعب.

ونتيجة للتخوف الذي بدأ يسطر على الدولة من الانعكاسات الخطيرة والمدمرة لهذا الظاهرة، وقابله رفض واضح من قبل المواطنين بضرورة عدم جعل هذه الظاهرة احدى السمات المستقبلية للمجتمع، كما هي الحال بالنسبة لبعض المجتمعات العربية والمجاورة، مرّت الكويت قبل اقرار قانون جمع السلاح والذخائر والمفرقعات الاخير بتجربتين.

الاولى كانت بعد تحرير البلاد من الغزو العراقي الغاشم المتمثلة بصدور المرسوم بقانون 94 /‏‏1992، حيث كانت تهدف تلك الحملة الى مواجهة ظاهرة انتشار الاسلحة غير المرخصة وكل القطع النارية والمخلفات العسكرية باعتبارها احد الاثار الخطيرة والضارة التي نتجت عن الغزو العراقي، حيث تقدر كمية الاسلحة التي سملها المواطنون خلال الحملة التي استمرت عامين ما يقارب من 19 ألف قطعة.

في حين انطلقت الحملة الثانية بعد ان وافق مجلس الامة على القانون 4 /‏‏2005 نتيجة ما شهدته تلك الفترة من بعض الجرائم الارهابية واكتشاف كميات كبيرة من الاسلحة التي تهدد امن واستقرار البلاد، فانطلقت عام 2005 وكانت «استكمالاً» للحملة الاولى نتيجة وجود قناعة لدى الدولة بأن هناك اسلحة كثيرة لاتزال موجودة لدى المواطنين، وبلغت كمية الاسلحة التي سلمت لوزارة الداخلية قبل انقضاء المهلة التي استمرت 3 اشهر 10437 قطعة سلاح.

وما يبعث على الدهشة في تجربة البلاد الثالثة في جمع السلاح، هو نوعية الاسلحة التي تسلمتها وزارة الداخلية خلال مهلة الاربعة اشهر التي منحها القانون للمواطنين لتسليم اسلحتهم غير المرخصة، والتي بلغت 6730 قطعة سلاح، ومن يرى نوعية تلك الاسلحة التي تنوعت ما بين مسدسات وكلاشنيكوف وقنابل يدوية وألغام وآر بي جي، يعتقد للوهلة الاولى اننا في ساحة حرب او في احدى الدول التي لا يوجد فيها قانون ولا دولة، والسؤال الذي يطرح، أنه إذا كان هناك مبرر لامتلاك المسدسات الصغيرة والآلية فما الهدف من امتلاك قاذف آر بي جي؟!

وكان مجلس الأمة قد اقر في فبراير من العام الماضي قانون تنظيم جمع السلاح والذخائر والمفرقعات بعد تعديله في المداولة الثانية، ليصبح قانوناً دائماً مع اعفاء من يسلم الأسلحة التي بحوزته لوزارة الداخلية خلال اربعة اشهر من صدور القانون من العقوبة. وقرر القانون معاقبة من حاز سلاحاً دون ترخيص بالحبس مدة لا تزيد على 5 سنوات والغرامة بما لا يزيد على 10 آلاف دينار، وترفع العقوبة الى الحبس بما لا يزيد على 10 سنوات والغرامة 50 ألف دينار لمن تعاقد مع منظمات وخلايا ارهابية ببيعها أو شرائها مع مصادرة المضبوطات.

وأكد حينها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد انه لا خلاف على قانون جمع السلاح، وان الحكومة مع التشدد في العقوبة، لافتا الى ان الوزارة ستتعامل مع تنفيذ القانون بكل شفافية مع المحافظة على عاداتنا وتقاليدنا في دخول المنازل.

ولفت إلى ان الإدارة لديها أجهزة تفتيش قادرة على رصد المعدن المدفون بالارض لمسافة 100 متر، واجهزة قادرة على اكتشاف الاسلحة المعدنية حتى إن كانت مخبأة داخل ديكور المنازل او داخل الحائط الاسمنتي، وكذلك اجهزة استشعار بحثية وأشعة سينية ترسم صورة للمعادن المخبأة.

وقد اكدت المذكرة الايضاحية للقانون والمتضمن 8 مواد، انه رغبة من المشرع في مواجهة ظاهرة انتشار حيازة الاسلحة النارية والذخائر والمفرقعات بغير ترخيص، باعتبارها احد الآثار الضارة التي خلفها الغزو العراقي الغاشم للكويت، والذي ادى الى وقوع كميات هائلة منها في ايدي العديد من الاشخاص الذين يصعب حصرهم او التعرف سلفاً على اماكن اخفائهم لها. واشارت المذكرة انه نظرا لما كشف عنه وقوع العديد من الجرائم من وجود كميات كبيرة من الاسلحة التي تهدد أمن الوطن والمواطنين، فان صدور هذا القانون يأتي للحفاظ على الطمأنينة داخل المجتمع بما يؤثر على مصالح الكويت مع المجتمع الدولي، والتوفيق من جهة أخرى قدر الامكان بين ضمانات حماية حريات الافراد وحرمة المساكن وبين اعتبارات المصلحة الوطنية.

واليوم أصبح المواطنون يدركون مدى خطورة امتلاك سلاح ناري غير مرخص،خصوصاً في ظل الاوضاع الملتهبة التي تعيشها المنطقة والمتمثلة بقضايا الجماعات الارهابية التي تستهدف امن واستقرار شعوب ومجتمعات المنطقة، لان الاستمرار في امتلاك وتخبئة الاسلحة مهما كان حجمها ونوعيتها يضع الشخص في دائرة «الشك» من قبل الدولة والسلطات الامنية التي تسعى الى مواجهة كل من تسول نفسه للعبث بامن البلاد والمواطنين خصوصا بعد حادثة تفجير مسجد الصادق الارهابية وخلية العبدلي وغيرها من الخلايا التي تم ضبطها.

قانون وفرص



باب الترخيص مفتوح



الحكومة لم تغلق باب حيازة الأسلحة، حيث أبقت باب منح التراخيص للاسلحة مفتوحا لكل من تنطبق عليه الشروط، والتي منها ان يكون كويتي الجنسية وموظفا ويبلغ من العمر 21 عاما، ولم يسبق عليه الحكم بقضية مخلة بالشرف والامانة وان يكون لائقا صحيا، ولديه فحص طبي يثبت سلامته العقلية والصحية اضافة الى ان يتقدم بالطلب بنفسه.

الأسلحة المسموح ترخيصها



الاسلحة القابلة للترخيص هي بنادق الصيد والشوزن والخرازة 22 والمسدسات، ومدة الترخيص عام كامل قابل للتجديد، علما بان «الداخلية» لها صلاحية إلغاء الترخيص في حال تم استخدام السلاح في اماكن غير مصرحة، مثل استخدامه بالاعراس او داخل المناطق السكنية، وكذلك في حال إعطاء السلاح لشخص لا يحمل صفة قانونية، وفي حال حمل السلاح في أماكن غير مخصص فيها حمل السلاح بها مثل الاسواق والطريق العام.

ترخيص بتفتيش جميع الأماكن



المادة الأولى من قانون تنظيم جمع السلاح والذخائر والمفرقعات أجازت للنائب العام أو من يفوضه بناء على طلب من وزير الداخلية أو من يفوضه، بأن يأذن كتابة لرجال الشرطة بتفتيش الأشخاص والمساكن والأماكن ووسائل النقل العام والخاص الكائنة في موقع معين خلال فترة زمنية محددة اذا ما دلت التحريات الجدية على حيازة أو إحراز أسلحة نارية أو ذخائرأو مفرقعات بالمخالفة لأحكام القوانين الأخرى.

وفي المادة الثانية يلتزم القائمون بالتفتيش، تنفيذاً للاذن الصادر طبقاً لحكم المادة السابقة، بجميع القواعد والاجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 17 لسنة 1960

حبس حائزي الأسلحة



في المادة الرابعة من القانون يعاقب كل من حاز أو أحرز أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات غير مرخصة أو محظور حيازتها بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة مالية لا تزيد على عشرة آلاف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين بعد انقضاء المهلة المقررة في المادة السادسة. وفي المادة الخامسة يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على عشر سنوات وبغرامة مالية لا تزيد على خمسين ألف دينار كل من يتاجر في سلاح ناري غير مرخص او ذخائر او مفرقعات او مكونات تصنيعها او تهريبها او تخزينها او التعاقد مع المنظمات او الخلايا الارهابية لبيعها لها او شرائها منها، وبمصادرة المضبوطات في جميع الاحوال.

42 قضية حيازة



وفق احصاءات رسمية منذ عام 2005 الى 2014 فان عدد القضايا المسجلة ضد احداث وبها السلاح الناري بلغ 42 قضية عبارة عن قتل خطأ وحيازة سلاح من دون ترخيص واصابة بالخطأ وهذه من سلبيات الأسلحة ووصولها إلى يد الاحداث بطريق الخطأ.