تقرير / كشفت أن «التخلي عن منظومة الأمن الجماعي أدى إلى الحرب الثانية»
الاستخبارات الخارجية الروسية تنشر وثائق سرية عن «تواطؤ ميونيخ» قبل 70 عاما
1 يناير 1970
06:41 م
| موسكو - «الراي» |
نشرت دائرة الاستخبارات الخارجية الروسية، مجموعة من الوثائق السرية التي تخص العمليات السياسية التي شهدتها اوروبا قبل توقيع اتفاقية ميونيخ في 30 سبتمبر العام 1938 وبعدها.
وذكر الموظف السابق في دائرة الاستخبارات الخارجية اللواء المتقاعد والمؤرخ ليف سوتسكوف لـ «وكالة إيتار تاس للانباء»، أن «هذه الوثائق تكشف جوانب المراسلات التي جرت بين سفارات البلدان الأوروبية ووزارات خارجيتها». وقال: «اتضح أن هذه المواد كثيرة للغاية وأنها تدل على أن القيادة السياسية في الاتحاد السوفياتي تلقت معلومات عن الجوانب حول الوضع الناشب في أوروبا وما يجري من لقاءات بين رؤساء الدول. كما تم العثور في الأرشيف على وثائق سرية تضمنت محاولة للتنبؤ بآثار كل ما كان يجري من أحداث على الوضع العسكري السياسي».
وأشار إلى أن «الوثائق تدل على أن السفير البريطاني في وارسو، بعث برقية إلى وزارة الخارجية البريطانية يحذر فيها من أن القيادة البولندية ستقدم على الاستيلاء على مقاطعة تيشين، إذا ما أقدمت ألمانيا على التدخل في تشيكوسلوفاكيا، وهذا ما حدث في الواقع». وتابع: «أما السفير الفنلندي في لندن، فذكر في أحد تقاريره أن فرنسا لن تجازف باتخاذ أي إجراءات فعالة لتقديم المساعدات العسكرية لتشيكوسلوفاكيا، إذا ما دفع ادولف هتلر بقواته ضدها».
ومن المعروف ان الاتحاد السوفياتي كان على اهبة الاستعداد لتقديم هذا الدعم لتشيكوسلوفاكيا، لكن سلطات براغ لم تتجرأ مع ذلك على مفاتحة موسكو في هذا الشأن، بضغط من لندن وباريس.
واشـــار المـــؤرخ، الى ان «الوضـــع الجـــيوســـياسي الذي نشب في أوروبا في أعقـــاب توقـــيع اتـــفاقية ميونيخ، كان موضع اهتمام مـــتنام من جانب عواصم كثيرة، الأمر الذي أكدته في تـــقاريرها الاستخبارات السوفيـــاتــية أيضا... وفي وســـعنا أن نلمـــس جـــيدا فـــي تـــيار الـــتقـــارير الاستـــخـــبارية مقـــولــة تشير الى ان سياسة تهــــدئـــة هــــتلـــر لا تبدو فاعـــلة وأن التنـــازلات لا يمكن أن تـــؤدي إلا إلى زيادة أطماع المعتدي».
وأكد سوتسكوف ان «قصة تواطؤ ميونيخ تنطوي على دلالات بالغة للغاية وينبغي استخلاص العبر الصحيحة منها، ولاسيما على الصعيد السياسي». وقال: «اولا إن هذا الوضع يؤكد مرة أخرى، أنه لا يجوز أبدا تشجيع المعتدي بغض النظر عن كونه كبيرا أو صغيرا لأن التاريخ يدل على أن بمجرد يظهر أحد يرغب في فرض الهيمنة العالمية، فلا مفر من وقوع مصيبة كبيرة ما لم يجري وقفه عند حده في الوقت المناسب. أما الاستنتاج الثاني فإنه يتلخص في أن أوروبا بحاجة إلى منظومة للأمن الجماعي، وأن الموقف المبني على عقلية الأحلاف، لا يبدو فاعلا هنا. وان التخلي عن منظومة الأمن الجماعي بالضبط، هو ما أدى إلى نشوب الحرب العالمية الثانية».
واكد ان «الصفة التي اكتسبها تواطؤ ميونيخ في التاريخ هو أنه كان محاولة لتهدئة هتلر على حساب تقسيم تشيكوسلوفاكيا لكن الأمر ليس كذلك. بل أن البلدان الغربية سعت على هذا النحو لتحويل انظار هتلر إلى الشرق وتأمين نفسها على هذا النحو. وأن ما تم نشره من الوثائق السرية يؤكد ذلك».
وقال: «كان لدينا معاهدة حول المساعدة المتبادلة مع فرنسا وتشيكوسلوفاكيا في حال وقوع عدوان الماني، لكن الاتحاد السوفياتي لم يكن في وسعه تقديم المساعدات إلا بعدما تقوم فرنسا بذلك. لكن وبعدما اخذت تصر مع بريطانيا على ضرورة تسليم مقاطعة السوديت التشيكوسلوفاكية إلى المانيا، فإن منظومة اللوائح الخاصة بالتعاون المتبادل ألغيت واقعيا، من دون مشاركة الاتحاد السوفياتي».
وعما اذا كان في حوزة دوائر الاستخبارات الغربية وثائق مماثلة، قال المؤرخ إن «في وسع الزملاء الغربيين أن يتصفحوا ملفاتهم والعثور على نفس هذه الوثائق».
الجدير بالذكر أن معاهدة ميونيخ وقعت العام 1938 بين كل من المانيا النازية وبريطانيا وفرنسا وايطاليا الفاشية. وأطلقت الوثيقة الحرية لنظام هتلر لكي يقوم بإلحاق جزء من الأراضي التشيكوسلوفاكية، وما تبع ذلك من بداية الحرب العالمية الثانية.