«انكسار» النظام وسقوط أكاديمياته العسكرية حول حلب وضع موسكو أمام أمر واقع
إيران تفتح مطار همدان للقاذفات الروسية والعراق يُخلي أجواءه... لقصف سورية
| كتب - إيليا ج. مغناير |
1 يناير 1970
07:25 ص
الغارات الإستراتيجية رسالة من موسكو إلى دول المنطقة عن ما تستطيع فعله إذا طالت الحرب
بدأتْ المناورة الجوية - البحرية التي أعلنت عنها روسيا، بذخائر حية وقصف من قاذفات إستراتيجية من طراز «تو- 22 إم 3»، كانت وصلت في الساعات التي تلت بدء القصف الجوي على سورية، إلى مطار همدان - إيران العسكري، كمحطة صيانة وتزويد بالوقود قبل انطلاق العمل العسكري.
لم تكن هذه المرة الاولى التي تقدّم إيران لروسيا مطار همدان العسكري، وذلك بعدما رفضت تركيا العام الماضي، السماح للطائرات الروسية بعبور أجوائها لقصف أهداف داخل سورية.
أما العراق فقد قدّم أجواءه للطائرات الروسية وسمح بالتنسيق الجوي لعبور القاذفات الإستراتيجية وكذلك مرور الصواريخ الروسية العابرة للقارات، من طراز «كاليبر»، في طريقها الى أهداف محددة داخل سورية.
السبب الأهم في هذه المناورة، هو وضْع مدينة حلب، الذي أصبح يمثّل خطراً حقيقياً على النظام السوري وحلفائه، ولا سيما بعد المعركة الاخيرة، التي شارك فيها اكثر من 22 فصيلاً من الجهاديين والمعارضة المسلحة، تحت قيادة مشتركة، استطاعت فكّ الحصار والتقدم، بعد أخذ مواقع عسكرية إستراتيجية مهمة في الراموسة وحول حلب.
وكانت روسيا تعتبر أن معركة حلب هي معركتها، إلا ان انكسار الجيش السوري وأكاديمياته العسكرية حول المدينة، وسقوطها بيد المهاجمين، وضع روسيا أمام أمر واقع، مفاده ان القوى السورية أصبحت منهكة، وان من الصعب الاعتماد على القوى الرديفة، وكذلك، على سلاح الجو السوري.
وهكذا، كثّف طيران الكرملين قصفه لمواقع المسلحين، ليس فقط حول حلب، بل في المواقع الخلفية ونقاط تجمّع المسلحين وقواعدهم واماكن تدريباتهم ومستودعاتهم الإستراتيجية، وكل ما يمكن ان يمثّل إعادة تجميع للقوى، لأن ثمن ذلك هو سقوط حلب، كل حلب.
ودفع «حزب الله» بقوات النخبة لديه المسماة فرقة «الرضوان» الى داخل المجمّعات المعروفة في حلب، ومنها حي «1070 شقة»، واستطاع استعادته بكامله. إلا ان هذه الاندفاعة الجديدة لن تبعد المسلحين عن هدفهم بالسيطرة على حلب، وهذا ما دفع بسلاح الجو الروسي الى تكثيف ضربات طيرانه، وضرب مواقع حول حلب، ومواقع جبهة «فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً) في سراقب وإدلب.
اللافت في الأمر ايضاً، ضرب الطائرات الإستراتيجية الروسية مواقع لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، ليس في قلب العاصمة التي اتخذها التنظيم قاعدة مركزية له في الرقة، بل ايضاً ضربت أهدافاً متعددة له في مدينة الباب الحدودية مع تركيا، والتي من المتوقع ان تكون هدف القوات الكردية و«قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، التي سيطرت على مدينة منبج الاسبوع الماضي، على بعد 50 كيلومتراً عن «الباب»، التي انسحب إليها «داعش».
والمعلوم ان أكراد سورية يتقدمون بدعم جوي اميركي، ما يدل على نوع من التناغم الروسي - الاميركي فيما يختص بتلك القوات، ويفسّر كلام وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي قال إن «روسيا والولايات المتحدة يقتربان من بدء عملية عسكرية ضد المسلحين في حلب». إلا ان هذا «التناغم الروسي - الاميركي» من المستبعد جداً ان يُترجم في حلب، لأن الدولتين العظمييْن لديهما رؤية مختلفة تماماً للمسلحين في حلب خصوصاً. فروسيا تعتبر كل مسلح يعمل مع «جيش الفتح» (الذي يضم جهاديين ومعتدلين) إرهابياً، وهذا توصيف لا توافق عليه اميركا، التي لا تعتبر اي تنظيم لديه حضور قوي على الساحة السورية إرهابياً، غير «داعش».
إن القصف الروسي بقاذفات إستراتيجية انطلقت من ايران، له دلالته ورسائله الخاصة لاميركا ولدول المنطقة. إلا أن هذا القصف لن يقلب الميزان السوري، لأن الحرب لا تزال طويلة. ولكن، تستطيع روسيا ان تقدم نموذجاً على ما تستطيع فعله اذا استمرت الحرب، لتدفع الجميع الى طاولة المفاوضات من جديد.
إن النصر في حرب سورية لن يكون عبر الطيران. ونظراً الى تعدُّد القوى على أرض الشام وسيطرتها على مناطق متعددة، فليس الحل العسكري ما سيُنهي مشكلة الحرب، بل توافُق الأفرقاء، بعد ان يتعبوا من التقاتل.