هل سألنا أنفسنا في يوم، لو وجهنا الكاميرا للمصور الذي يلتقط لنا صور مؤثرة من قلب الأحداث، ماذا سنرى؟. هل ستشغلنا عندها الصورة أم معاناة المصور؟ وهل الصورة التي أحزنتنا أو أبكتنا، هل أبكته قبلنا؟
الذي أعرفه أن هناك الكثير من الصور التي اضطر مصورها لالتقاطها، جعلته لا ينام لقساوة المشهد، أو ظلت تطارده لبشاعة المنظر، وبقيت المشاعر المؤلمة حبيسة في صدره.
فكم كاميرا حطمت لأنها التقطت شيئاً من الحدث؟ وكم مصور اعتدي عليه بالضرب لأنه اكتشف ما لم يكتشفه العامة من الناس؟ وكم مصور صوب أو جرح او قتل، بسبب نقل الحقيقة والأدلة التي تدين أهل الظلم والظلام؟
من قال ان الصورة خرساء لا تتكلم ؟. بل الصورة عن ألف كلمة وألف معنى... ولو كانت كذلك ما وصل إلينا الشعور المختلف من خلالها، فهي عندما تنقل لنا الحقيقة، تنقلنا إلى عالم آخر وفهم جديد، ومعلومة لا يمكن إثباتها إلا عن طريق مصور شريف أحب عمله وآمن بما يقدمه للبشرية.
اعتدنا في حياتنا اليومية أن نتعامل مع الأدوات والأشياء التي أمامنا من دون تفكير عن كمية الوقت الذي صنع منه هذا الشيء، أو الجهد الذي قام به الآخر، أو المخاطر التي تعرض لها حتى تصل إلينا وإلى آخرها من أسئلة دقيقة تجر بعضها بعضا كسلسلة عربات القطار. فالصور التي ينشرها لنا المصورون الذين يتجولون العالم في كاميراتهم، ويعرضونها علينا، لم تأت بتلك السهولة واليسر الذي نعتقده. فالمصور حتى ينقل إلينا صورة حقيقية، سواء كانت من منطقة حرب ودمار أو نزاع واضطرابات أو جوع وفقر أو لحيوانات برية أو بحرية أو حتى حياة القبائل والمهجرين، تأكد أنه تعرض لكثير من المشاكل والمضايقات والمخاطر والمعاناة من أجل الحقيقة، ما يجعل لها أهمية عند كثير من وكالات الأنباء التي تتسابق في استخدامها، وأحيانا تتصدر الصفحات الأولى من الصحف، ثم توضع في أرشيف خاص لتحفظ في ذاكرة الزمن.
خلاصة ما أريد أن أقوله، إن المصور عندما يكون صاحب رسالة، فإنه سيضع أهدافه لخدمة البشرية، ففي زمن كثر فيه الزيف واستخدام «الفوتوشوب»، فإن الإيمان بنقل الحقيقة كما هي والشغف الذي يحركه، يجعل منه بطلاً مقاتلاً حتى لو واجهته معوقات ومنغصات، ولم توجه إليه الكاميرا لنعرف كم قاسى حتى تصل إلينا تلك الصورة!
[email protected]