محطة / في ندوة أقامها اتحاد الكتاب المصريين
جمال الغيطاني: شعر الفصحى ضعيف في مصر والعالم العربي
1 يناير 1970
06:52 ص
|القاهرة - من إيهاب كامل|
أعلن الروائي رئيس تحرير أسبوعية «أخبار الأدب» المصرية جمال الغيطاني.. أنه نادم على عمله في الصحافة الثقافية وقال: «إن الصحافة الثقافية قد أضرت بي ولو لم أعمل بها لقرأت وكتبت أكثر بمرتين، فأنا أعتبر أن خطأ حياتي هو أنني قبلت العمل فيها.. فقد أصبحت هدفا وواجهت حملات ضدي الواحدة منها كفيلة بأن تقضي على كتيبة من الأدباء».. ولم يكن رأي الغيطاني - في اللقاء الثقافي الذي أقيم له ضمن ليالي رمضان الثقافية التي يقيمها اتحاد الكتاب - في علاقته بالصحافة الثقافية وحده هو المفاجأة التي ألقاها على جمهور الحاضرين بل أعلن عن ضعف مستوى شعر الفصحى في مصر والوطن العربي كله.
قائلا: لاحظت في السنوات الأخيرة ضعف النصوص الشعرية المكتوبة بالفصحى، وقد وصل الأمر إلى حد الظاهرة المزعجة، ولاحظت في المقابل حيوية في شعر العامية وهذا ما دعانا في «أخبار الأدب» إلى تخصيص صفحة خاصة بشعر العامية، كما لاحظت أن هناك طرقا كثيرة في شعر العامية لم تدرس.. وهذا يرجع لأن الواقع الأدبي «أعرج»، فيه إبداع كثير ولا يوجد نقد، وأعتقد أن مصر لم تكن أخصب مما هي عليه الآن إبداعيا، فنحن تصلنا إبداعات نعجز عن متابعتها ولكن الحركة النقدية ضعيفة، ونحن مازلنا نبحث عن قصيدة فصحى جيدة، ولهذا فقد اتخذت قرارا بإعادة نشر قصائد الشعراء الكبار حتى يحتذي بها الكتاب الشباب.
وأرجع الغيطاني السبب إلى التعليم، وقال: هناك تدهور عام سببه تدهور التعليم فما هي النصوص التي تدرس اليوم في المدارس؟ لو أننا اطلعنا عليها لوجدنا عجبا، فحتى نجيب محفوظ لم يعد يدرس.. كما أن النصوص الموجودة فيها كفيلة وحدها أن تنسينا اللغة العربية، وأضاف: هناك خطر آخر يهدد اللغة العربية، وهو أن الوظائف الآن لمن يتعلم اللغة الأجنبية.. والمشكلة التي أخشاها أن ننسى العربية بعد مئة عام.
وأضاف: من يقول إن القرآن سيحميها.. أقول لهم إن هناك من يقرأ القرآن ولا يفهم معانيه، والآن هناك أسر مصرية كثيرة لا تتحدث العربية، لذلك أعتقد أن اللغة العربية في خطر وقد انعكس ذلك على الإبداع فالشعراء الذين يكتبون الفصحى حصيلتهم من الشعر القديم قليلة، وأنا أقول هذا الكلام من واقع غيرتي على اللغة العربية والتراث.. وهذا الواقع ليس في مصر فقط بل موجود في البلاد العربية أيضا.. وقد فكرت في حملة لإحياء الشعر العمودي وكل ما وصلني هو شعر مناسبات، أعتقد أن هناك أزمة حقيقة في التعبير بالشعر.
تحدث الغيطاني خلال الندوة عن تكوينه وبداياته قائلا: خمسون عاما تمر في العام المقبل على اللحظة التي شعرت فيها بالرغبة في الكتابة.. كان ذلك العام 1959 عندما بلغت سن الرابعة عشرة وبدأت النشر في العام 63،
فقد نشر لي مقال في مجلة أمين الحولي وقصة بعنوان زيارة، وبين عامي 63و 69 نشرت لي في الصحف ثلاث روايات لم تطبع وأكثر من مئة قصة طبع منها خمس قصص.
وأنا أعتبر وصولي لكم اليوم معجزة.. فقد نشأت في أسرة فقيرة.. «الوالد» كان يتقن فن الحكي رغم أنه ليس لديه غرض في الكتابة، وكان كل همه أن يعلم أولاده، وقد دونت في كتاب التجليات سيرة الأب كما هي، وأعتقد الآن أنني في اللحظة نفسها التي بدأت فيها الكتابة، فحتى الآن رغبته في القراءة والكتابة أكثر، فمنذ بدأت في السابعة أقرأ بشكل تلقائي ولم أتوقف حتى الآن.. وأنا مدين بتكويني للقاهرة القديمة، وخصوصا المكتبات التي كانت تخدم الأزهر الشريف، فقد كنت أقرأ ما أجده من كتب روايات مترجمة وعربية وكتب الأدب العربي القديم والملاحم الشعبية كلها من على الرصيف، وعندما بدأت في الكتابة كان طموحي أن أكتب شيئا لم يكتب مثله أي مبدع لديه هذه الرغبة.
وأضاف: لفت نظري لماذا لا يتبع الأدب الحديث.. طرائق