حوار / اعترفتْ بأنها تنتمي إلى «حزب الكنبة»... وتتمنى تجسيد ملكة فرعونية

بوسي لـ «الراي»: «اللخبطة» العبثية تسود الواقع المصري!

1 يناير 1970 07:18 ص
الفن وحده «يداويني»... وبيتي «خط أحمر»!

مي وسارة صديقتاي... وقد أنصحهما لكن من دون أن أُسبب لهما جُرحاً

موافقتنا على عمل عن نور الشريف مرهونةٌ بأن يكون مدروساً مع توافر الإمكانات

شركة الإنتاج في يد سارة ومي الآن ونحن نعيد ترتيب أوراقها وستظل تحمل اسم نور الشريف

ابتعدت عن السينما لأني لا أجد نفسي في نوعية الأفلام الموجودة حالياً ولا أريد أن أشوه تاريخي

المسرح مُرهق جداً ويحتاج إلى تفرغ وهو مثل «الفريك لا يحب الشريك»

مسرح وتياترو مصر «مجرد اسكتشات»... والفخراني أعاد إلى «المسرح» رونقه

التكريم دفعة إلى الأمام خصوصاً إذا استطاع الفنان أن يحفر بأعماله تاريخاً يستحق عليه التكريم
«المشهد المصري يعاني حالة من العبثية واللخبطة»!

هكذا، وفي ما يشبه «منشوراً سياسياً» غاضباً، أعربت الفنانة المصرية الشهيرة بوسي عن استيائها مما وصفته بـ «الواقع المصري في السنوات القليلة الماضية، حيث صار المصريون يتربص بعضهم ببعض، ويقف كل منهم للآخر على الغلطة، كما يقال»!

«الراي» تحدثت مع بوسي التي قالت: «لطالما كانت حياتي مع زوجي الراحل الفنان الكبير نور الشريف كتاباً مفتوحاً للإعلام»، مستدركةً «ان هذا لا يعني أن يكون بيتي أنا وابنتيّ مي وسارة محوراً لأحاديث الصحافة والتلفزيون»، معلنةً موقفها من هذه القضية بقولها: «بيتي خط أحمر»، ولافتةً إلى أن الفن هو الذي يداويها من مشاكل الحياة وأزماتها وضغوطها!

رفيقة درب نور الشريف وضعت شروطاً لموافقتها وابنتيها على أي عمل عن سيرة الراحل الكبير، «أهمها أن يكون العمل مدروساً وأن تتوافر له الإمكانات الإنتاجية التي تجعل منه جديراً بالنجم الذي لم تمضِ على وفاته سوى بضعة شهور». وفي اعتراف جريء، أوضحت بوسي أنها لم تنزل إلى الشارع في ثورة 25 يناير 2011، رغم تأييدها للدوافع التي أشعلتها، ومتابعةً: «أنا من حزب الكنبة»، ومشيرةً إلى «أن نور الشريف أيضاً لم ينزل مع الجمهور، لأنه كان يفضل دائماً التريث، وعدم إصدار أحكام سريعة»!

بوسي أفاضت، خلال حوارها مع «الراي»، في الحديث عن رؤيتها لكثير من القضايا الفنية والشخصية والمجتمعية، متطلعةً إلى مستقبل أفضل لمصر والفن... وهنا التفاصيل:

• في البدء، كيف ترَين آخر أعمالك مسلسل «حالة عشق»؟

- الحقيقة أنني سعدتُ به جداً، والحمد لله فقد حقق نجاحاً كبيراً، لأن فكرته جديدة، وقد جذبتني بالفعل، وإلا ما كنتُ شاركتُ فيه منذ البداية. ولعلكِ ستتعجبين عندما تعلمين أنني كنت سأعتذر عن عدم مشاركتي فيه بسبب وجودي مع نور في رحلة علاجه، لكن قرار الأطباء بعودتنا إلى مصر جعلني أتراجع عن قرار الاعتذار، ووافقتُ عليه.

• أنتِ ابتعدتِ عن السينما منذ سنوات طويلة... فما السبب وراء هذا الابتعاد؟

- لأنني، بصراحة، لا أجد نفسي في نوعية الأفلام الموجودة حالياً على الساحة، وأنا لديّ رصيد سينمائي كبير ومتميز، لذلك لا أريد أن أشوه هذا الرصيد بعمل لا يليق بأن يُدرَج في قائمة أعمالي، خصوصاً أنني وصلتُ إلى مرحلة لم أعد فيها أحتاج إلى أن أقدم أي شيء لمجرد الظهور، من دون أن يكون مقروناً بالتميز والإضافة إلى المتلقي، وأيضاً إلى مسيرتي.

• تملكين رصيداً مسرحياً كبيراً، لماذا ابتعدتِ عن خشبة المسرح في السنوات الأخيرة؟

- لأن المسرح مُرهق جداً ويحتاج إلى تفرغ، فهو مثل «الفريك لا يحب الشريك» (كما يقولون)، بجانب أنني لم أجد النص الذي يفتح شهيتي ويجتذبني لكي أعود إلى خشبته، خصوصاً أنني قدَّمت تجارب مسرحية لاقت نجاحاً ملحوظاً في أوقات عرضها مثل «روحية اتخطفت» و«بيت الدمية» وغيرهما.

• وما تقييمكِ لحال المسرح المصري الآن؟

- أعتقد أن هناك تجارب مهمة أُنجزت في الفترة الأخيرة واستطاعت أن تحصد نصيباً كبيراً من النجاح، من بينها «ليلة من ألف ليلة» ليحيى الفخراني التي لا زالت تحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً.

• وما رأيكِ في تجربة عودة مسرح التلفزيون من خلال «تياترو مصر» و«مسرح مصر»؟

- لا أعتبرها مسرحاً، بل أراها مجرد اسكتشات، وشاهدتُ بعض حلقاتها ولم تعجبني.

• لماذا؟

- المسرح فن عظيم له قواعده المعروفة، وهو قائم على النص، وأنا لم أجد في العروض التي رأيتها أي نص، وفي المقابل شاهدتُ حلقة من برنامج «مفيش مشكلة خالص» للفنان محمد صبحي، وأُعجبت به، لأنه يقدم المشكلة من دون أن يضغط على أعصاب الجمهور.

• سبق أن قدمتِ الشخصية الصعيدية مرةً واحدة في حياتك، عندما جسدتِ شخصية «صفية» في مسلسل «خالتي صفية والدير»، لماذا لم تكرري التجربة مرة أخرى؟

- هذا المسلسل من الأعمال القريبة إلى قلبي، لأنني فوجئت بأن المخرج إسماعيل عبدالحافظ رشحني لهذا الدور الصعب، خصوصاً أن معظم المخرجين يلعبون على المضمون ويختارون الفنان في الدور الذي نجح فيه من قبل، خوفاً من الوقوع في المغامرة غير المحسوبة، وهذا الأمر تسبب في محاصرتي بعض الوقت في نوعية معينة من الأدوار، لذلك عندما عرض عليّ عبدالحافظ هذا المسلسل وجدتها فرصةً ذهبيةً، وبادرتُ باغتنامها، وهي من الشخصيات الصعبة، وتكمن صعوبتها في حالة التناقض الذي كانت تتصف به، فهي شخصية انتقامية وعاشقة في الوقت نفسه. وبالمناسبة، هناك مصادفة طريفة حدثت مع هذه الرواية، حيث سبق أن عرضها المخرج الراحل عاطف الطيب على الفنان الراحل نور الشريف، لكي نقدمها في فيلم سينمائي، لكن نور قال إنها لن تصلح، وتدور الأيام ووأُفاجَأ بترشيحي لها مرة أخرى، لذلك أتمنى أن أجد النص الصعيدي الجيد الذي يعيدني إلى هذه المنطقة الخاصة.

• تلقيتِ تكريماً في الفترة الأخيرة في أكثر من محفل سينمائي، وآخرها مهرجان الأقصر وكذلك في المركز الكاثوليكي... كيف تصفين دور التكريم في حياتك؟

- بالتأكيد، أعتبره دفعة إلى الأمام، خصوصاً إذا كان الفنان قد استطاع أن يحفر بأعماله تاريخاً فنياً يستحق عليه التكريم... فمثلاً مدينة الأقصر أعشقها، وسبق أن زرتُها أكثر من مرة، وأشعر براحة نفسية فيها، وعندما زرتها أخيراً حرصتُ على القيام بجولة في معبد الكرنك ومعبد حتشبسوت ومعبد هابوا. ومن أمنياتي أن أقدم عملاً تاريخياً يتناول حياة إحدى ملكات الفراعنة، وقد وجدت في مهرجان الأقصر فرصةً لكي أشاهد أفلاماً ذات جودة فنية عالية لن تأتي إلى مصر بسبب اهتمام الموزعين أكثر بالنواحي التجارية.

• ومن الشخصية التي تهدينها تكريمك؟

- أمي، كنتُ أتمنى أن تكون واقفةً بجواري في هذه اللحظة، لأنني مدينة لها بكل ما وصلت إليه، فقد كانت الداعم لي في حياتي، ويكفي أنها أقنعت والدي بأن أعمل في الفن، وظلت لا تفارقني حتى وفاتها، وكانت أيضاً الناقد الأول لأعمالي.

• وهل تتبعين طريقتها نفسها في علاقتك بسارة ومي؟

- إلى حد ما، فلا بد أن نعترف بالتفاوت والاختلاف بين الأجيال، فأنا ومي وسارة صديقات، وإذا وجدتُ شيئاً لا يعجبني أنصحهما من دون أن أجرحهما.

• هل هناك منطقة تحرصين على ألا تتحدثي عنها في حياتك؟

- أنا ونور طوال عمرنا حياتنا كتاب مفتوح للجميع، خصوصاً الإعلام، لكن هناك جزء أحتفظ به في حياتي وأعتبره «خطاً أحمر»، وهو بيتي وعلاقتي بزوجي وابنتيّ، ولا أسمح بأن تكون محوراً لحديث «صحافي» أو «تلفزيوني»، وأعتقد أن هذا حقي.

• وما حقيقة وجود عمل فني عن حياة الفنان الراحل نور الشريف؟

- حالياً ليس هناك مشروع محدد فعلي لتقديم حياة نور في فيلم أو مسلسل، لكن بالنسبة إلينا (كأسرة نور الشريف) موافقتنا على الفكرة مرهونة بشروط مهمة، منها أن يكون العمل مدروساً جيداً، وتتوافر لإنتاجه كل عوامل النجاح من ميزانية وكتابة وإخراج وتمثيل، بحيث يكون لائقاً بنور الشريف ومكانته في تاريخ الفن المصري والعربي.

• وما مصير شركة الإنتاج التي تمتلكينها أنت والفنان نور الشريف؟

- هذا الأمر في يد سارة ومي الآن، ونحن نعيد ترتيب أوراق الشركة حالياً، وستظل تحمل اسم نور الشريف، وهناك مجموعة من السيناريوهات من الممكن أن نختار واحداً منها لنبدأ به.

• وكيف ترين المرحلة التي نعيشها الآن؟

- نعيش حالة من العبثية، فكل الأشياء أصبحت تشوبها «اللخبطة» التي تطغى على المشهد في مصر، وأصبح بعضنا يبحث عن عيوب بعضنا الآخر، ونركز على هذه العيوب، وصرنا «واقفين لبعض على الغلطة». فقد أنتقدك بهدف الإصلاح، ومن منطلق حبي لكِ، وأختار الطريقة التي لا تجرحك، حتى يكون النقد بنّاء، لكن هناك أيضاً حالة تعميم للسلبيات، فإذا أخطأ شخص فهذا لا يعني بالضرورة أننا جميعاً سيئون، وهذا ينسحب على مستوى الفئات والمهن.

• وهل انتقلتْ حالة التخبط إلى الوسط الفني؟

- بالتأكيد، لأننا جزء من هذا المجتمع.

• وكيف سنخرج من هذه الحالة في تقديرك؟

- أعتقد عندما تهدأ الدنيا وتستقر الأوضاع ويختفي الإرهاب من حولنا، بحيث لا ننام ونستيقظ على شهداء، وقتها سيخرج المجتمع كله من حالة «اللخبطة» التي نعيشها.

• هل ترين المرحلة التي نمر بها أشبه بفترة ما بعد نكسة 1967؟

- إلى حد ما، لكن الفرق كبير. فبعد نكسة 67 خرجت لنا أصوات مثل أحمد عدوية، وكان شيئاً غريباً علينا لأنه كان هناك عبدالحليم وشادية وصباح ورشدي وغيرهم، وكان أحد من يكتبون لعدوية هو صلاح جاهين، فهذا جيل ما بعد 67، وعدوية بالنسبة إلى الجيل الحالي هو محمد عبدالوهاب.

• ولماذا تأخذين موقفاً من المواقع الإعلامية الحديثة؟

- لأن كل واحد يتحدث من خلالها وهو يختبئ وراء قناع، ويخاطب أسوأ ما فينا، لذلك أعتبر «فيس بوك» و«تويتر» وغيرهما عودة إلى الخلف وليس تقدماً إنسانياً كما يزعمون.

• وكيف رأيتِ القضايا التي تُرفع ضد الفنانين؟

- أعتقد أن هذه القضايا «فشنك» والهدف منها هو البحث عن الشهرة. فالأعمال التي يقاضَى الفنانون بسببها سبق أن عُرضت على جهاز الرقابة، وكان من الأولى له أن يمنعها من البداية، بجانب أنه لا يوجد وصي على الفن.

• كيف تقيمين ثورة 25 يناير بعد مرور خمس سنوات عليها؟

- لا نستطيع أن نقول إن كل المشاركين فيها كانوا متآمرين، فلو لم تكن الأرض خصبة، وهناك أسباب قوية لقيامها لما حدثت وهزت العالم كله، فلا بد أن نعترف بأنه كان هناك فساد وظلم دفع الملايين إلى النزول للشوارع والميادين.

• وهل شاركتِ فيها والفنان نور الشريف؟

- لا، لم أشارك، وتستطيعين أن تقولي إنني من «حزب الكنبة»، أما نور فكان يحب أن يقيّم الأشياء والأحداث بعد مرور وقت، فلم يكن سريع الحكم، ويحب أن يأخذ وقته قبل أن يقيّم شيئاً.

• عندما تمرين بأزمة في حياتك كيف تخرجين منها؟

- الفن هو العلاج الوحيد الذي يداويني، لأنه يجعلني أعيش حياة أخرى غير حياتي الطبيعية، وأسافر مع شخصية أخرى غير شخصيتي، وهذا يجعلني أنفصل عن الواقع.

• وأخيراً... هل هناك أعمال تعاقدتِ عليها؟

- كان هناك مسلسل من 60 حلقة عُرض عليّ، لكنه تم تأجيله.