قرار «غير شعبي» ... ولكنه مستحق!
|?كتب محمد الحايك?|
1 يناير 1970
08:21 م
أن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي أبداً. حسناً فعلت الحكومة الكويتية أمس باتخاذها قرار رفع أسعار البنزين، ولو أن القرار جاء متأخراً بعض الشيء.
ربما كان القرار مستحقاً قبل أشهر طويلة في ظل أزمة هبوط أسعار النفط إلى مستويات قياسية، وفي ظل تسجيل الموازنة عجوزات بمليارات الدنانير على وقع التراجع الكبير في موارد وإيرادات الدولة.
قد يكون القرار «غير شعبي» على الإطلاق، وهو كذلك بالفعل، ولكن الكويت ليست استثناء في «الزمن الصعب»، فقد سبقتها كل دول مجلس التعاون الخليجي في عملية تحرير أسعار البنزين، نظراً لأن القرار لم يعد يحتمل التأجيل بأي حال من الأحوال.
اقتصادياً، ضربت الحكومة بقرارها أكثر من عصفور بحجر واحد، فهي أثبتت جديتها لوكالات التصنيف العالمية، والتي لوّح بعضها بخفض تصنيف الكويت السيادي، على اعتبار أن الإصلاحات الاقتصادية تأخرت كثيراً في البلاد، بيد أنه وبعد اتخاذ قرار رفع أسعار البنزين، معطوفاً على رفع تعرفتي الكهرباء والماء (القرار الذي كان قد اتخذ قبل فترة وجيزة) لن يكون لهذه الوكالات حجة أو ذريعة على الأقل في المدى المنظور.
أما العصفور الثاني الذي ضربته الحكومة، فهو بطبيعة الحال سدّ فجوة الجزء الأكبر من العجز المترتب على بند الإنفاق على دعم البنزين تحديداً، والذي يكبّد خزينة الدولة ما يربو على مليار دينار خلال 5 سنوات (وذلك وفق تصريحات سابقة لوكيل وزارة المالية خليفة حمادة)، أي ما يعادل 3.3 مليار دولار تقريباً، وهو رقم ليس بسيطا بالنسبة لعجز الموازنة الضخم.
أما ثالثاً والأهم، فهو أن الحكومة سلكت أقصر الطرق وأبسطها لخفض العجز، إذ إن دفع بضعة دنانير إضافية لدى كل مرور على محطة الوقود، لا ولن يشكّل عبئاً كبيراً لا على المواطن ولا على الوافد، فمن كان «يفوّل» سيارته على سبيل المثال بأربعة أو خمسة دنانير، قد يدفع بحلول الأول من شهر سبتمبر (موعد تنفيذ القرار) 7 دنانير أو ربما أكثر بقليل وذلك على أبعد تقدير، أي أن كل مواطن أو وافد قد يضطر بعد الزيادة التي أقرت لدفع ما بين 10 إلى 15 ديناراً شهرياً، وهذا الملبغ ليس كبيراً، ولن يرهق ميزانية أي فرد، ولكنه في المقابل سيزيح عبئاً هائلاً عن كاهل الدولة المثخن بشتى أنواع ... الدعوم.