بعد قول السفير قطان «شعب لبنان هو في عينيْ خادم الحرمين الشريفين»

بيروت في القمة العربية ... فرصة لتطبيع العلاقات مع دول الخليج!

1 يناير 1970 07:15 م
تشكّل القمة العربية التي تستضيفها موريتانيا غداً، أول إطلالة عربية على هذا المستوى لرئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام بعد «الغيوم» التي تلبّدت في سماء العلاقات اللبنانية - الخليجية منذ فبراير الماضي على خلفية خروج بيروت عن الإجماع العربي المتضامن مع السعودية بوجه الاعتداء على سفارتها في طهران والقنصلية العامة في مشهد، لتتحوّل «غضبة» الرياض آنذاك «كرة ثلج» مع القرار غير المسبوق في سياسة المملكة تجاه لبنان والذي قضى بإجراء «مراجعة شاملة للعلاقات» بين البلدين كان «أوّل الغيث» فيها وقْف هبة الـ 3 مليارات دولار لتسليح الجيش من فرنسا وما تبقّى من هبة المليار دولار التي خُصصت لقوى الأمن الداخلي.

وستكون قمة موريتانيا مناسبة للبنان «لتلميع صورته» وتأكيد العودة الى الحضن العربي، بعدما كان استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس سلام ومعه الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري
في المملكة صبيحة عيد الفطر الأخير أعطى إشارة الى بداية صفحة جديدة على قاعدة فصل المملكة بين رعايتها الاستراتيجية للبنان وبين موقفها من «حزب الله» الذي سبق ان اتهمته بـ «مصادرة إرادة الدولة» قبل ان تصنّفه ومعها دول مجلس التعاون الخليجي ثم جامعة الدول العربية «إرهابياً».

والواقع ان هذه النقطة ستظلّل قمة نواكشوط حيث سيكرر لبنان موقفه الرسمي المتحفّظ عن تصنيف «حزب الله» إرهابياً وفق ما ورد في مشروع قرار بعنوان «التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية»، وهو ما عبّرت عنه بيروت خلال اجتماع مندوبي الدول الاعضاء لدى جامعة الدول العربية (الخميس) في العاصمة الموريتانية وكرّسه امس على مستوى مؤتمر وزراء الخارجية العرب.

ووسط تقارير رجّحت ان يُقابَل الموقف اللبناني من «حزب الله» برفْض خليجي للسير ببند «التضامن مع الجمهورية اللبنانية»، فإن أوساطاً سياسية توقّفت باهتمام بالغ أمام ما أعلنه المندوب السعودي لدى جامعة الدول العربية السفير احمد قطان في الاجتماع الذي عُقد على مستوى مندوبي الدول الأعضاء في الجامعة الخميس وتحديداً لجهة التمييز بين محبة المملكة للبنان من جهة، وبين الموقف من الحزب وقوله «شعب لبنان هو في عينيْ خادم الحرمين الشريفين، وإن المملكة لن تتخلى عن لبنان، إنما هي تنأى عمن يخطفونه».

وقد جاء موقف قطان بعد مداخلة لمندوب لبنان الدائم المناوب لدى جامعة الدول العربية انطوان عزام أثار فيها ملف اللجوء السوري الذي يدفع لبنان فاتورته غالياً مستشهداً بعبارة السفير الراحل غسان تويني المدوّية «دعوا شعبي يعيش» ومطالباً بتضامن الأشقاء العرب خصوصاً الدول الخليجية وعدم عزل لبنان عن محيطه العربي، بالقول: «وما زلنا نتمنى ان تتضامنوا مع لبنان حيث إنك لا تعاقب ابناءك كلهم اذا اختار واحد مساراً آخر لا تتفق معه».

وذكرت تقارير في بيروت ان الخارجية اللبنانية زوّدت عزام بتعليمات جوهرها السير بكل ما سيصدر عن القمة العربية بما في ذلك البند الذي يدين الاعتداءات على بعثات المملكة في ايران وإدانة أي تدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وحصْر التحفّظ بوصف «حزب الله» بالإرهابي.

ويُنتظر ان تركّز كلمة رئيس الحكومة، الذي يتوجّه اليوم على رأس وفد وزاري وإعلامي الى الدار البيضاء في المغرب لتمضية ليلة قبل ان ينتقل غداً الى نواكشوط لحضور القمة، على حاجة لبنان الى ان يقف بجانبه العالم العربي لمواجهة العبء الثقيل الذي يشكّله ملف اللاجئين السوريين، مع التشديد على رفضه الكامل للإرهاب على أشكاله، وتأكيد ان «بلاد الأرز» كانت بالأمس واليوم وغداً جزءا لا يتجزأ من التضامن والإجماع العربي وتلتزم قضاياه.

ولن تحجب القمة العربية ما يواجهه سلام في بيروت من سلسلة أزمات سياسية باتت تضع مجلس الوزراء في مهبّ الفراغ المتمادي في رئاسة الجمهورية والذي ينذر بتحويل الحكومة «خرطوشة تعطيل» اي ورقة ضغط في الملف الرئاسي ولا سيما من فريق العماد ميشال عون الذي برزت إشارات ومخاوف من ان يكون على مشارف إمكان الإطاحة بالحكومة او شلّها بالكامل باعتبار ان ذلك قد يسرّع في مسار وصول عون الى قصر بعبدا متكئاً على اتساع رقعة مؤيّديه داخلياً (مع انضمام النائب وليد جنبلاط الى حزب الله وحزب القوات اللبنانية في دعم عون) وعلى اعتبار المجتمع الدولي ان استقرار لبنان «خط أحمر».

وقد أعطى وزير التربية الياس بو صعب اشارة بالغة الدلالات في هذا المعنى بعد زيارته رئيس «القوات» سمير جعجع اذ حذّر من ان «عمل مجلس الوزراء وصل الى مراحل صعبة جداً ولا يمكن أن نتكهن مدى عمر الحكومة الذي لن يكون طويلاً وفقاً للطريقة التي تسير بها الأمور داخلها، ومن هنا ضرورة التوجُه الى انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت لإنقاذ البلد».

على ان دوائر سياسية قريبة من«14 آذار»، كرّرت عبر «الراي» ان اي إطاحة بالحكومة من بوابة ملف التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي (تنتهي خدمته أواخر سبتمبر) او غيره، «ستكون بمثابة«إطلاق رصاصة في الرأس»في سياق حظوظ عون الرئاسية، إلا اذا كان الأمر يحصل بدفع من«حزب الله»لتنفيذ«الانقلاب الناعم»على النظام واتفاق الطائف في توقيت يريده الحزب».