مشهد
أليس الصبح بقريب؟
| د. زياد الوهر |
1 يناير 1970
11:03 ص
أليس منكم رجل رشيد...؟
أليس فيكم أمر حميد...؟
لقد أثرتم الفتنة وأشعتم الفوضى وزرعتم الحقد بين الناس وأفقدتمونا الإحساس بالأمن والأمان... حسبنا الله ونعم الوكيل.
ما يكاد يمضى يوم إلا ودماء المسلمين تراق على قارعة الطريق فلم تميزوا بين عدو حاقد أو صديق مسالم، لم يردعكم دين ولا عقل بل سرتم على نهجكم الذي ابتدعتموه من شياطين أفكاركم فدمرتم كل ما استطاعت أيديكم أن تصل إليه.
لقد بكيت فرحا عندما انطلق الربيع العربي سيئ الذكر مثلي مثل الكثير من المواطنين العرب الذين تمنوا أن يزول الليل الطويل لتشرق بعده شمس الحرية وينعموا بخيرات أوطانهم مثلهم مثل الأمم الأخرى، فحولتم فرحتهم إلى بكاء من الدموع والدماء حسرة على ما رأوه يتهاوى أمامهم كل يوم من مكتسبات الحرية والديموقراطية والأمل بمستقبل زاهر لهم ولأولادهم من بعدهم.
أنا لم أكتب هذا المقال لأستدر عطفكم فأنا على يقين أنكم بلا إحساس أبدا ولا تنتمون للجنس البشري بل أنتم كائنات شيطانية حيوية تمت صناعتها في غرف المخابرات هناك لهدف واحد فقط ألا وهو تحطيم الإنسان العربي المسلم ونزع روح الاستقلالية لديه ليتحول إلى شاة ترعى أينما ساقها الراعي ووقت ما شاء.
حاولت خلال هذه السنوات من عمر الربيع العربي أن أبث روح التفاؤل لدى المحيطين بي وأن الأمل معقود على شباب هذه الأمة للنهوض من كبوتها التي طالت كثيرا، نعم حاولت ولكنكم بأعمالكم الدنيئة زدتم من جرعات فقدان الأمل واليأس لدينا وبثثتم سمومكم في وجوهنا لردعنا عن أبسط حقوقنا ألا وهي أن نحلم بحياة أفضل لنا ولمن يشاركنا العيش على هذا الوطن العربي الكبير. وأعترف لكم أنكم قد نجحتم موقتا في تشويه صورتنا العربية والإسلامية وحولتمونا إلى مشاريع إرهابية انتحارية نرغب في قتل أي شعاع أو بريق من الأمل يظهر هنا أو هناك، ولكن ومع كل هذا النجاح الذي حققتموه فإني أؤكد لكم أن هذا النجاح موقت وسيزول وسنتغلب بقدرة الله والناس الطيبة عليكم وسنسحقكم ونزيل آثاركم التي تقطر دما وحقدا، نعم فسنّة الله في خلقه واضحة لا شك فيها وأن عمركم الافتراضي قصير وإن طال، وأن الحق لابد أن يسود وتعلو رايته خفاقة في سمائنا الجميلة.
سحقا لكم ولمن يساعدكم ويساندكم ويفتي لكم ويدعمكم فكرا ومالا وعلما، فلقد وصل بكم الحال إلى أدنى درجة من الآدمية وأعلى درجة من الهمجية والوحشية حتى وصلت بكم شياطينكم إلى الاعتداء على الناس الآمنين في بيوتهم. حتى المسجد النبوي الطاهر لم يسلم من عبثكم ومخططاتكم الخبيثة، ففي تلك البقعة الطاهرة أزهقتم أرواح الناس وهم صيام قيام ولم يردعكم خلق ولا دين ولا أي منهج إنساني.
إن استهدافكم للمدينة المنورة سيكون بداية النهاية لنهجكم الضال المضل وأفكاركم المهووسة بحب القتل والتكفير، وهذا وعد أستطيع أن أقطعه على نفسي بأن هذه هي نهايتكم وستلقون بعدها حتفكم لأنكم بهذا العمل الدنيء قد كشفتم كل أوراقكم وبانت عورتكم المشينة واتضح للقاصي والداني كم هي سوداء قلوبكم ولمن تعملون وبأوامر من تأتمرون.
لقد أردتم من خلال استهداف المدينة المنورة، مدينة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وفي آخر أيام شهر رمضان المبارك أن تحرمونا فرحة عيد الفطر وتنزعوا من قلوبنا أي بهجة أو سرور، أنتم أعداء الحياة والجمال وأعداء الفرح والسرور، وتحرصون كل الحرص على ألا تفوتوا أي فرصة إلا وتضربون فيها ضربتكم وتسلبون منا الشعور بالأمن والطمأنينة والتي لولاها لما استقامت الحياة ولا قامت، لتوقعوا فينا أكبر عدد ممكن من الضحايا الذين نحتسبهم عند الله شهداء ولا نزكي على الله أحدا.
نحن ندرك تماما فداحة المصاب والألم الذي تعرضنا له ولكننا نتمنى أن نكون من الصابرين الذين قال الله سبحانه وتعالى فيهم في سورة البقرة: «ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون».
هذا الابتلاء والامتحان الذي نتعرض له جميعا سنواجهه بالإيمان والصبر والعمل الجاد ونحن نحتسب أمرنا كله لله إلى أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم، ولابد أن صباحنا قد قارب على الظهور مصداقا لقوله سبحانه وتعالى «أليس الصبح بقريب»... فانتظروا فإنا منتظرون.
عاقبة المفسدين:
أعجبه ماله وأصابه الغرور وقال ان ما أتاه من مال وعلم كان بسبب علمه وجهده فخسف الله به وبداره الأرض وأمسى أثرا بعد عين، وآخر أصابته السلطة بالغرور والهوس وادعى الألوهية وقال للملأ من حوله لا أريكم إلا ما أرى فعاقبه الله بأن نبذه وجنوده في اليم ونجاه ببدنه ليكون آية لنا وعبرة.
نماذج ذكرها الله في القرآن الكريم للمفسدين في الأرض وعاقبتهم الوخيمة والتي تشكل دروسا لكل ذي لب ليحكّم عقله وضميره ويجعل الحياة الدنيا زيادة له في كل خير وأن يتجنب كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى... فهل من متعظ؟
قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
أين الملوك التي كانت مسلطنةً
حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائن في الآفاق قد بنيت
أمست خرابا وأفنى الموتُ أهليها