الراعي: النواب يحرمون بلادنا من رئيس منذ 26 شهراً مشرّعين الأبواب أمام الفساد والفوضى
لبنان المتروك... هل «يقلع شوكه بيديْه»؟
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
07:15 م
يتّجه المشهد السياسي في لبنان نحو مرحلةٍ قد تكون الأشدّ غموضاً والتباساً في ظلّ تطوراتٍ إقليمية متسارعة وانشغالٍ دولي لا يُبقي أيّ مجال للرهانات على مساعدة خارجية للبنانيين في تَجاوُز أزماتهم.
وجاءت التطورات الأخيرة في تركيا لتشكّل إحدى العوامل الإضافية التي دفعتْ بأوساط سياسية واسعة الاطلاع الى التخوّف عبر «الراي» من وضْع لبنان على رفّ الانتظار الطويل وترْكه «يُقلع شوكه بيديْه» من دون أدنى أوهامٍ بإمكان التوصل قريباً الى مخارج محتملة لأزمته السياسية والرئاسية.
وقالت هذه الأوساط إن ما جرى تَعاقُباً بين الحدَث الارهابي الذي استهدف مدينة نيس الفرنسية ومن ثمّ محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا وتداعياتها الكبيرة إقليمياً ودولياً، شكّل في العمق خلاصاتٍ شديدة السلبية بالنسبة الى لبنان الذي يعيش موجاتِ المدّ والجزر في الحسابات المتعثرة حيال إمكان خروجه من الأزمة الرئاسية وكل ما يتفرّع عنها من أزمات خانقة.
ذلك ان الوسط السياسي الذي بالكاد خرج بخلاصاتٍ سلبية من زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت لبيروت، يعتبر ان فرنسا، الدولة الوحيدة التي تبذل جهداً موصولاً للتأثير على اللاعبين الاقليميين لمساعدة لبنان، عادت الى الغرق الصعب في حربها مع الإرهاب ولن تكون بعد الهجمات على نيس متفرّغة إلا لهذه الحرب.
كما ان الحدَث التركي وإن لم يكن ذا صلة او تأثير مباشر على لبنان، فإنه يعنيه من زاوية مراقبة المشهد الاقليمي الذي يزداد غموضاً وتعقيداً ولا سيما لجهة تداعيات هذا الحدَث على مجريات الحرب السورية. وبذلك، تضيف الأوساط، فإن الواقع اللبناني سيذهب باضطراد نحو مزيدٍ من التراجع والانتظار الذي لا أفق زمنياً له، بما يستتبع الإمعان في إدارة الفراغ الى وقتٍ مفتوح.
ولاحظتْ الأوساط نفسها في هذا السياق ان مجمل المواقف والاتجاهات اللبنانية الداخلية تبدو واقعياً أمام انزواء سائر الأفرقاء في تموْضعاتٍ جامدة لا تقدّم ولا تؤخّر شيئاً في تحريك الأزمة السياسية والرئاسية. وحتى موجات الرهانات على تعزيز فرص انتخاب زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون التي يدأب الفريق العوني على إطلاقها في كل مناسبة، باتت أشبه بترداد معزوفاتٍ لا ترقى الى أيّ جدية ما دامت دوامة الأزمة الرئاسية لا تشهد حقيقةً أيّ خروج عن الخطوط الثابتة التي تَحكمها.
وتشير الأوساط الى ان المحاولة المتقدّمة التي ستجري في جولة الحوار الوطني المقبلة المحدَّدة لثلاثة أيام متعاقبة ابتداءً من 2 اغسطس المقبل، لا تبدو أمام فرصةٍ واقعية لتحقيق اختراقٍ سياسي في جدار الأزمة، اذ ان هذه الجولة التي ستُخصَّص للبحث في ملف قانون الانتخاب الجديد تصطدم بحساباتٍ جامدة لمجمل الأفرقاء من التمسك بطروحاتهم حيال هذا الملف، كما ان ما استعصى على اللجان النيابية المشتركة التي يتمثّل فيها جميع الأفرقاء السياسيين لن يكون حلّه متاحاً لمجرد نقل الملف الى طاولة الحوار الوطني.
وتلفت الأوساط عيْنها هنا الى ان السلّة الكاملة للحلّ بما يشمل قانون الانتخاب والاتفاق على الحكومة الجديدة كمنطلق للتوافق على رئيسٍ للجمهورية، وهو الطرح الذي قدّمه رئيس البرلمان نبيه بري وسيكون محوراً رئيسياً في «خلوة اغسطس» الثلاثية، قد يكون شكل عامل نقزة اضافية لدى أطرافٍ يرفضون منطق فرْض السلة شرطاً لانتخاب رئيس الجمهورية. وكانت للعماد عون قبل أيام إشارة لم تلق استحساناً لدى الأفرقاء المعارضين لانتخابه، اذ جزم بان انتخاب رئيس للجمهورية سيحصل فور انتهاء الانتخابات النيابية المقبلة في ما فُهم منه انه إمعانٌ في فرض معادلة انتخاب عون حالياً وإلا الانتظار الى ما بعد الانتخابات النيابية في مايو ويونيو 2017. كما ان حديثاً للسفير الفرنسي في بيروت إيمانويل بون أيّد فيه منطق التوصل الى تسوية كاملة قبل البحث في أسماء المرشحين الرئاسيين أثار ضمناً تساؤلات عما اذا كانت فرنسا تسلّم لمنطقٍ يخدم الاتجاهات التي يفرضها الفريق العوني وحليفه «حزب الله»، وهو امر تتوقّع الأوساط ان يستتبع مزيداً من التعقيدات لا الحلحلة في المرحلة المقبلة.
وفي هذه الأثناء، أطلق البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مواقف من الوضع الداخلي خلال قداس ترأسه في عنايا (الشمال) بمناسبة عيد القديس شربل، اذ اعلن ان «نواب الأمة الذين مدّدوا ولايتهم مرّتيْن مخالفين الدستور، يكشفون يوماً بعد يوم عجزهم وفشلهم، ويفقدون مبرِّر وجودهم بل الحاجة إليهم، فيما يعطّلون بنفسهم البرلمان وسلطتهم التشريعيّة، ويحرمون بلادنا من رئيس منذ سنتين وشهرين، مشرّعين هكذا الأبواب أمام الفوضى والفساد والتعثّر في المؤسسات».
وأشار الى «الغصّة والألم من جراء الحالة السياسيّة والاقتصاديّة المذرية التي نعيشها في لبنان، فالحالة الاقتصادية في تراجع مخيف، ويقابلها دَينٌ يتآكل الخزينة، وسرقةٌ للمال العام في كل مشروع تقرّه السلطة الإجرائية، وفقرٌ متزايد يشد على خناق الشعب اللبناني ويدفع به إلى الهجرة، ولاسيما بعد إغراق البلاد بالنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين».
وأضاف: «تؤلمنا الحروب الدائرة في سورية والعراق وفلسطين وسواها وتنامي الحركات الأصوليّة والتنظيمات الإرهابيّة التي تهدم وتقتل وتشرّد المواطنين الآمنين. أما الأسرة الدولية فلا تبالي، ومنظّمة الأمم المتّحدة لا تقوم بواجب وقف الحروب والعمل الجدّي والضامن لعودة جميع النازحين واللاجئين والمخطوفين إلى بيوتهم وأراضيهم».