استراحة
| بقلم: عبدالرحمن الناهي |
1 يناير 1970
06:07 م
روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، من هذا المنطلق نكتب لكم هذه الأستراحة الأدبية علها تحوز على أعجابكم...
الاستراحة الأولى
بين العيدين
لاشك بأن للعيد فرحة أو نكهة خاصة تختلف عن باقي الأيام والمناسبات حيث أنها ترتبط بمناسبات مقدسة لدى المسلمين وهي شهر رمضان والحج وهما من أركان الاسلام وقد ارتبط بهما المسلمون منذو بداية الدعوة الى أن يرث الله الارض ومن عليها
ولكن هل فرحة العيد في الماضي تساوي فرحته الآن؟
حتما ان هناك اختلاف في المشاعر والكيفية التي يستقبل بها العيد مع اختلاف الزمن ومعطيات الحياة الجديدة والتي تختلف عما سبقها من الزمن الماضي , فمع بساطة الناس والحياة في الماضي بشكل عام قد أعطى للعيد نكهة خاصة من الفرحة والبهحة ربما لبساطة العيش وعدم التكلف في مجاراة الأغنياء التي ترهق الفقراء هي أحد الأسباب في جماله وربما للحرمان دور في ذلك حيث كانت الملابس غالبا ماتفصل من العيد للعيد ووسائل الترفيه لا تتوفر الا في نهار العيد وليس متوفرة كماهي الآن وكذلك التواصل الأجتماعي الحي حيث بتواصل أبناء الفريج والقبيلة مع بعضهم مباشرة بروح تكسوها المحبة والألفة وليس بالاتصال وبذلك يكون الحال عكس مانحن عليه الآن فكل شيء متوفر ولله الحمد ولذا لانحس بفرق بينه وبين الأيام العادية بالتميز أللهم ألا لعظم المناسبة من فرح الصائم بالافطار وعودة الحاج. وفي هذه المناسبات نتمنى مراعاة الأسر الفقيرة والتي لها حق معلوم من زكاة الأغنياء ليعيش الجميع في فرحة العيد وابتهاجه، ومن الأبيات المعبرة عن تفاوت الناس في العيد قصيدة الشاعر الكبير المرحوم باذن الله صقر النصافي حيث يقول من قصيدة له:
العيد هذا عيدهم ياخليفه
اللي نهار العيد يسعون بالكيف
والا أنت عيدك بالدروب الكليفه
نهار عيد الله تغوص الخواليف
أحدٍ يعيّد بالهدوم النظيفه
وأحد نهار العيد لبسه تكاسيف
الاستراحة الثانية
قصة أشهر بيت هجاء عرفته العرب
كان جرير والفرزدق، كفرسي رهان في تنافسهما مع بعض، وكانا حديث المجالس. وكان هناك رجل وجيه من بني نمير يلقب براعي الابل، ويكنى أبا جندل، دائما يميل الى الفرزدق مع ان جرير كان يمدح قومه، بعكس الفرزدق. ثم ان جرير رآه يسير بدابته مبتعداً عن الناس وخلفه ابنه جندل، فمال اليه ليعاتبه بعيداً عن الناس، وبعد السلام قال له جرير: يأ أبا جندل ان قولك يستمع له، وأنت تفضل الفرزدق عليا تفضيلا قبيحا، وأنا أمدح قومك وهو يهجوكم، فلو قلت كلاهما شاعر كريم ولا تحتمل مني ولا منه لائمة، وأبو جندل يستمع اليه لكنه غير مكترث له، حتى أتى ولده جندل واستكثر وقوف أبيه مع جرير (ما ادري ليش طايح من عينهم جرير مع انه وليدة). فقال لأبيه لم تقف معه وكأنك تخشى منه شراً! يعني مو كفو تكلمه... ثم ضرب دابة جرير حتى فزعت ورمت جرير على الأرض ولم يعتذرا له وأكملا طريقهما من دون مبالاة، مما زاد جرير حنقاً عليهما حتى أتى منزله، وقد تملكه الغضب حتى ألهم 80 بيتا يهجو بها بنو نمير، لكنه عندما قال بيت القصيد
فغض الطرف أنك من نمير
فلا كعبا بلغت ولا كلابا
كبر وقال أخزيته ورب الكعبة ثم انه في الصباح أتى المجلس وكان يسمى المربد حيث يجتمع به الوجهاء ومن ضمن الجالسين راعي الأبل والفرزدق ولم يسلم، ألا انه قال يا عبيد وهو راعي الابل والله لترجعن لقومك بسوء لايسرهم أبد الدهر ثم أنشد قصيدته وهي من 80 بيت وهذا مطلعها:
أعــد الله للشعـراء مني
صواعـق يخضعون لها الرقابا
أنا البازي المطل على نمير
أتيح من السماء لها انصبابا
فلا صلى الإلـه على نمـير
ولا سقيت قبورهم السحابا
ولو وزنت حلوم بني نمير
على الميزان ما وزنت ذبـابا
فغض الطرف إنك من نمير
فلا كعبا بلغت ولا كـلابا
إذا غضيت عليك بنو تميـم
حسبت النـاس كلهم غضـابا
ففضحهم بهذا البيت، حتى أصبح ابا جندل وابنه مصدر للشؤم بما جلبه على قومه من هجاء جرير حتى بدأوا ينتسبون لعامر بدل نمير من قوة انتشار البيت فلو ساير جرير لما حصل له ما حصل. والطريف ان بعد انتشار هذا البيت مرّت أمرأة بقوم من بني نمير فأداموا النظر إليها، فقالت: يا بني نمير واللّه ما أخذتم بواحدةٍ من اثنتين:
لا بقول اللّه: «قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم».
ولا بقول جرير:
فغضّ الطّرف إنك من نميرٍ... فلا كعباً بلغت ولا كلابا
فلما سمعوها قالوا ايغربلك الله يا بوجندل خليتنا مسخرة للعجايز...
الاستراحة الثالثة
آن لأبي حنيفة أن يمدّ رجليه
قد يغلب المظهر أحياناً على المضمون فتخيب فراسة الرائي وتتحطم على أسوار المظهر والهندام والهيئة .وذلك ما حصل مع الامام أبي حنيفة النعمان حيث كان يجلس مع تلامذته في المسجد وكان يمد رجليه بسبب آلام في الركبة قد أصابته على كبر و قد استأذن طلابه أن يمد رجليه لأجل ذلك العذر وبينما هو يعطي الدرس مادّاً قدميه الى الأمام. إذ جاء إلى المجلس رجل عليه أمارات الوقار والحشمة فقد كان يلبس ملابس نظيفة ومرتبة فجلس بين تلامذة الإمام فما كان من أبي حنيفة إلا أن استعدل في جلسته ولم رجليه إلى الخلف ثم طواهما وتربع تربع الأديب الجليل أمام ذلك الضيف الوقور كما يظن حسب هيئته و هندامه على مابه من الألم وقد كان يعطي درساً عن دخول وقت صلاة الفجر و التلامذة يكتبون ما يقوله الإمام و الضيف الوقور يراقبهم ويستمع للشيخ فقال لأبي حنيفة دون سابق استئذان: يا أبا حنيفة إني سائلك فأجبني فشعر أبو حنيفة أنه أمام عالم ذو علم واسع واطلاع عظيم فقال له : تفضل واسأل فقال الرجل: أجبني، متى يفطر الصائم ؟. ظن أبا حنيفة أن السؤال فيه مكيدة معينة أو نكتة عميقة لا يدركها علم أبي حنيفة. فأجابه على حذر: يفطر إذا غربت الشمس.
فقال الرجل بعد إجابة أبي حنيفة وكأنه وجد على أبي حنيفة حجة بالغة وممسكاً محرجاً:
«اشهالكلام الله ايهداك»، يمكن اليوم ما غربت الشمس نبقى مستمرين بالصيام؟ بالله هذي فتوى؟ فعرف ابو حنيفة أنه انخدع في مظهره وقال قولته المشهورة آن لأبوحنيفة أن يمد رجليه، ثم مد رجليه من دون حرج
فيا ترى كم واحد في هذا الزمان قد غرنا بمنظره وهندامه وعند مناقشته تجد عقلا فارغا حجته الشتم وبرهانه السخرية.
الاستراحة الرابعة
هاجس الأعشى
دائما ما نستمع للشاعر وهو يخاطب هاجسه فما هو الهاجس؟
الهاجس هو الالهام والخيال الذي يلهم الشاعر قصيدته. هذا المتعارف عليه عند الشعراء ولكن لشعراء الجاهلية لهم رأي آخر في الهاجس، حيث ينسب لكل شاعر علم هاجس من الجن يلهمه الشعر، وللأعشى قصة مع هاجسه حيث يقول على لسانه:
انه خرج ذات يوم الى قيس بن معد يكرب في حضرموت ليمدحه فضل الطريق وكان اليوم ممطرا حتى رأى خباء أي بيت شعر فعرج عليه ليحتمي من المطر، ووجد رجلا عند الباب فسلم عليه ورد عليه السلام. وبعد أن جلس سأله من يكون وعن وجهته، فأخبره أنه الشاعر الأعشى وأنه ذاهب لقيس بن معد يكرب. فقال له حياك الله أكيد امتدحته في شعر أعرف سوالفكم يالشعراء هات ماعندك، فأنشده مطلع قصيدته:
رحلت سمية غدوة أجمالها
غضبا عليك فما تقول بدالها
فقال له حسبك هذي القصيدة لك؟ فقال له نعم لي واذا تبي احلف لك باللات احلف لك.
فقال له: ما يحتاج لكن من هي سمية اللي ذكرتها؟
فقال: ما اعرفها بس اسم جاء بخاطري وذكرته. فنادى الرجل ياسمية تعالي ما من غريب، فجاءت سمية وهي بنت صغيرة، وقال لها: أنشدي عمك قصيدتي في قيس بن معد يكرب، فأنشدت القصيدة من أولها لآخرها ثم انصرفت. وبقى الأعشى مبهوت غير مستوعب لأنه لم يخبر بها أحد، فكيف حفظتها سمية ثم قال له، عندك غير هالقصيدة؟ فأجابه لدي قصيدة هجوت بها ولد عمي يزيد بن مسهر أقول فيها:
ودع هريرة ان الركب مرتحل
وهل تطيع وداعا أيها الرجل!
فقال له حسبك من هريره هذي اللي ذكرتها؟ فقال الأعشى والله ما ادري بس نفس سميه أسم طرى على بالي وذكرته في القصيدة. ثم أنه نادى على ابنته هريرة ولما مثلت بين يديه، قال لها يا هريرة انشدي عمك قصيدتي التي هجوت بها يزيد بن مسهر، فأنشدت القصيدة من أولها لآخرها ثم ذهبت. أما الأعشى فأوجس في نفسه خيفة، وقال للهاجس، أنت شسالفتك بالله عليك انت ما انت الساحر شبروح؟ فقال له هون عليك يا أبا بصير أنا هاجسك مسحل بن أثاثه الذي ألقى على لسانك الشعر تراك بدوني ولا شي وان غبت غبت من الرجوم الطويلة، والحين ابدلك على الطريق خل الشمس على حجاجك الايسر وشمل ولا تروح لا يمين ولا شمال حتى تصل بلاد قيس. فشكره وسلم على هريرة وسمية وانصرف.
وطبعا تلك القصص في الأدب العربي قد تكون صحيحة أو من نسج الخيال، فلا أحد يستطيع الجزم بها وربما تكون صحيحة في العصر الجاهلي لقلة الناس ووسع الفيافي والقفار التي تسكن بها الجن وعدم ذكر الله. ومع ذلك تبقى من الغيبيات التي نجهلها ونحيل علمها الى الله سبحانه وتعالى.
يا كويت
الدار مثل مل الفرض والدين الجار
تحشم غلا والا ترى الله كفلها
زين المدينة بالمباني والاشجار
والارض يحسب طيبها طيب اهلها
ياكويت ياوردة بها الشوك يندار
والشوك لاعداها وكل من خذلها
مديتي جسر الخير في كل الاقطار
خيرج وصل لديار محد ن وصلها
انتي خذيتي من الفخر حلوالاذكار
اسمك يصنف في مطالع دولها
درة بحر ماطالها كل بحار
يهنا بها اللي للسلامة حملها
نتمنى أن نكون قد قدمنا في هذه الاستراحة ما يسركم ويسعدكم