3 عوامل تُعاكِس التفاؤل بتقدُّمه في السباق الى قصر بعبدا
لبنان: حركة عون الرئاسية ... علاقات عامة أم «كاسحة ألغام»؟
|?بيروت - «الراي»?|
1 يناير 1970
03:39 م
وسط الجمود السياسي الذي أمْلته عطلة عيد الفطر على مجمل المشهد الداخلي، اختار زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون هذه المناسبة ليطلق من خلالها حركة يريد لها ان تعزز حملة الترويج لتنامي فرصة انتخابه رئيساً للجمهورية.
وتحوّلت حركة عون محور رصْد سياسي دقيق ولا سيما الخطوات الثلاث التي قام بها في اول ايام العيد، وأوّلها زيارته مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان حيث هنّأه بالعيد، قبل ان تحمله زيارة مماثلة الى عين التينة حيث استقبله رئيس البرلمان نبيه بري في لقاء هو الأول بين الرجلين منذ فترة طويلة، ليكمل زعيم «التيار الحر» حركته باتصالٍ أجراه بالسفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري مستنكراً فيه الاعتداءات الإرهابية التي طاولت المملكة العربية السعودية عشية عيد الفطر.
وتفيد المعلومات المتوافرة غداة هذه الحركة ان لقاء عون مع المفتي دريان حُصر بالتهنئة بالفطر وتَداول الأوضاع العامة من دون التطرق تفصيلاً الى الملف الرئاسي، وإن كان «الجنرال» أكد من دار الفتوى ان التواصل لم ينقطع ابداً مع «تيار المستقبل» والرئيس سعد الحريري رغم الخلافات السياسية. اما في لقائه والرئيس بري فطُرح ملف التنقيب عن النفط وبرْمجة الأولويات المطروحة على طاولة الحوار الوطني وكذلك ملف قانون الانتخاب فيما لم يتم التعرض تفصيلاً للملف الرئاسي إلا من باب العموميات. ولكن اللقاء اتسم بمودّة حرص بري على إحاطة زائره بها.
وأياً تكن حقيقة المداولات التي تخللها اللقاءان، فإن أوساطا سياسية واسعة الاطلاع أبلغت الى «الراي» ان عون يبدو ماضياً في حملة «علاقات عامة» متقدّمة تهدف الى تحقيق اختراقٍ سياسي في واقع كونه مرشحاً أساسياً للرئاسة استناداً الى قراءاتٍ خاصة به وبفريقه للمعطيات الداخلية والاقليمية تَعتبر ان لحظةً ملائمة جداً لتَقدُّمه في السباق الرئاسي قد لاحت بجدّية.
ولا تخفي الأوساط المعنية بمتابعة الحركة العونية ان هذه الاندفاعة شغلت الكثيرين وخصوصاً انها تتكئ على حملةٍ إعلامية وتسريبات متواصلة حول اقتراب مواعيد من شأنها ان تشكل مفاصل ايجابية لمصلحة انتخاب عون. كما ان زعيم «التيار الحر» استغل ورقة جديدة تتمثل في اتفاقه مع بري على الملف النفطي ليثير الإيحاءات حول ان هذا الاتفاق يمهّد الطريق لموافقة بري على القبول به رئيساً، ولو ان الاخير لا يزال يفصل بين الملفيْن.
ومع ذلك فان الأوساط نفسها أبدت شكوكاً واسعة في حقيقة المعطيات التي يجري تسويقها من منطلق ان أيّ معطياتٍ جدية في ملف الأزمة الرئاسية لم تتبدّل اطلاقاً لا لدى اللاعبين المحليين الذين يُفترض انهم يشكلون حجر الأساس في الرهانات العونية، ولا لدى اللاعبين الاقليميين الذين يمسكون بقرار الإفراج عن الأزمة الرئاسية وتحديداً ايران.
وتورد هذه الأوساط ثلاثة مؤشرات حسية تعاكس الحملة العونية وهي تباعاً:
اولاً: ان كل الحديث او التركيز على القول ان الرئيس الحريري هو في موقع ضعف بحيث قد يقبل بالتراجع عن ترشيح النائب سليمان فرنجية والقبول بعون رئيساً مقابل صفقة تحمل الحريري الى رئاسة الحكومة مجدداً، أثبت عقمه في ظل التأكيدات الجازمة باستمرار من جانب الفريق الحريري بأنه ليس في وارد اي تبديل في موقفه.
ثانياً: ان على الفريق العوني وكذلك على حلفائه، وتحديداً «حزب الله»، ان يعيدوا حساباتهم بهدوء ومن دون انفعال حيال مغزى تطوريْن حصلا في الأيام الأخيرة حيث استقبل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الرئيس الحريري مرّتين في أقل من أربعة أيام، الاولى مع عدد من كبار الزوار والأمراء يوم السبت الماضي والثانية مع الرئيس تمام سلام في يوم عيد الفطر الى صلاة العيد ومائدة الإفطار. وهذان استقبالان لا يتّصلان فقط بالمناسبة الدينية، بل يكتسبان دلالات سياسية ستظهر ترجمتها تباعاً وخصوصاً لجهة تبديد الكثير من الرهانات على تَراجُع وضع الحريري لدى المملكة.
ثالثاً: ان الإعداد لزيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت لبيروت في 12 و13 يوليو الجاري يحمل معطيات غير متفائلة ابداً بإمكان ان يؤتي التحرك الفرنسي اي نتائج عملية ايجابية لجهة إقناع ايران بتسهيل الإفراج عن الازمة الرئاسية ودفْع «حزب الله» وحلفائه الى تأمين النصاب لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية. ولكن فرنسا تريد تثبيت دورها الاستثنائي في استمرار إيلائها الوضع اللبناني اولوية دائمة وستكون لقاءات ايرولت مع مختلف القوى اللبنانية بمثابة تحذير اضافي من مغبة ترْك الأزمة في ايدي القوى الاقليمية فيما باتت المخاوف الفرنسية على الواقع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان في ذروتها. وتسعى باريس لاستعمال هذا الخوف الواقعي في تحفيز القوى اللبنانية على التوافق وإخراج الأزمة من الحلقة الإقليمية المقفلة.