حملتها الناقلة البريطانية «بريتش فوسيلير»

70 عاماً على تصدير أول شحنة نفط

1 يناير 1970 07:06 م
كونا - 70 عاماً مرت على تصدير أول شحنة نفط كويتية، شهدت العديد من الإنجازات في هذه الصناعة التي تعد المصدر الأساسي للدخل القومي للبلاد، فيما ينتظر الوصول إلى إنتاج 4 ملايين برميل يومياً بحلول 2020.

ستحل اليوم ذكرى مرور 70 عاماً على انطلاق الناقلة البريطانية «بريتش فوسيلير»، وعلى متنها أول شحنة نفط كويتية، في حدث تاريخي غير واقع الكويت ومستقبلها ومكنها من تبوؤ مكانة مرموقة بين المنتجين العالميين.

وفي تمام الساعة 7 من صباح يوم 30 يونيو 1946 شهدت الكويت احتفالا مهيباً بتصدير أول شحنة من النفط الكويتي، برعاية وحضور المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت آنذاك، وحضور عدد كبير من المسؤولين في البلاد، والحاكم السياسي البريطاني في منطقة الخليج والمعتمد السياسي لدى الكويت الكولونيل هارولد ديكسون وجمهور غفير.

بداية التصدير

ولأن تاريخ الشعوب والأمم يحوي أياما حولت مجرى التاريخ وكتبت بأحرف من نور بداية عصور جديدة نقلتها من عالم إلى آخر، نجد في تاريخ الكويت أياماً لا تنسى لعل أهمها 30 يونيو عام 1946 عندما أدار الشيخ أحمد الجابر الدولاب الفضي لأول عملية تصدير للنفط الخام بالكويت، معلناً تحولها إلى دولة مصدرة للنفط.

وبدأ تصدير أول شحنة نفط كويتي خام بالبحرعبر الأنابيب وصولاً إلى الناقلة «فوسيلير» التي حملت بـ 10.5 الاف طن من النفط في غضون 11 ساعة و13 دقيقة بمعدل 950 طناً في الساعة.

وجاء تصريح الشيخ أحمد الجابر ليوثق هذا التاريخ بقوله «ما من فرد من شعب بلادي وأصدقائي إلا وسيبتهج معي بهذا الحدث السعيد الذي يصب في صالح مستقبلنا ورفاهنا، وأشكر الله الذي منحنا هذه الفرصة للاستمرار في تنفيذ مختلف الإصلاحات التي ننشدها من أجل سعادة ورفاهية الشعب الكويتي».

وتبدأ قصة النفط في الكويت مع تأسيس شركة «نفط الكويت» المحدودة عام 1934 في عهد الشيخ أحمد الجابر حاكم الكويت العاشر (1921 - 1950)، وتأسست في ذلك الحين كشركة مساهمة خاصة بين شركة النفط الإنجليزية المحدودة المعروفة حاليا باسم «شركة البترول البريطانية - بي بي»، وشركة «غالف» للزيت المعروفة حالياً باسم «شيفرون».

وخلال العامين 1935 - 1936 تم إجراء أعمال مسح «جيوفيزيائي»، وحفر أول بئر تجريبية في منطقة بحرة بعد توقيع إتفاقية بين الشيخ أحمد الجابر وشركة نفط الكويت المحدودة في 23 ديسمبر 1934، وفي فبراير 1938 تم اكتشاف النفط بكميات تجارية في بئر برقان لكن الكويت لم تستفد من هذه الثروة إلا بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ليتم تصدير أول شحنة من النفط إلى الخارج في 30 يونيو 1946.

اكتشاف النفط

وتبين أن النفط المكتشف موجود تحت ضغط وبكميات ضخمة فجرت معها رأس البئر بقوة، ولم يكن بالإمكان السيطرة عليها مما فرض البحث عن وسائل أخرى لوقف التدفق وبالفعل قام رئيس الحسابات في الشركة دونالد كامبيل بسد البئر بـ 60 قدما من الخشب بصورة موقتة.

وجاء اكتشاف النفط في الكويت في وقت عصيب حينما تمكنت صناعة زراعة اللؤلؤ الصناعي من السيطرة على سوق اللؤلؤ في النهاية، وشكلت منافساً لمورد رئيسي للعيش في الكويت وهو الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، وبالرغم من هذا ومن التدهور العالمي في التجارة الذي شهده عقد الثلاثينات، بقي إيمان الشيخ أحمد الجابر كبيراً بالمستقبل نظراً لتلك البقع السوداء الغريبة لمواد جيرية قاسية التي كان يلاحظ وجودها منذ فترة طويلة في أجزاء مختلفة من الصحراء.

وعلى مدى العقود الثلاثة اللاحقة لتصدير أول شحنة نفط حدثت تطورات واسعة، وبدأت «نفط الكويت» عمليات التكرير بمصفاة ميناء الأحمدي عام 1949، وأسست شركة ناقلات النفط الكويتية عام 1957، في حين تأسست شركة البترول الوطنية الكويتية عام 1960 كشركة مملوكة للقطاعين العام والخاص وبدأت عملياتها في مصفاة الشعيبة عام 1968.

وتأسسات شركة صناعة الكيماويات البترولية في عام 1963 كمشروع بين الحكومة والقطاع الخاص، وبدأت في السنة التالية عمليات تصنيع المشتقات النفطية، وفي تلك الأثناء حدث تطور أيضاً في المنطقة المحايدة التي تشترك فيها الكويت مع السعودية، وبنيت مصفاة ميناء عبدالله نتيجة لهذه الشراكة.

وأممت الكويت صناعة النفط يوم 6 ديسمبر 1975 لتبدأ مرحلة مهمة، حيث بدأت في وقت مبكر من السبعينيات مفاوضات لإعادة السيطرة على الصناعة النفطية، وباتفاقيات متبادلة مع شركتي «بريتش بتروليوم» و«نفط الخليج» المتشاركتين في ملكية «نفط الكويت» فازدادت أسهم الدولة تدريجياً في «نفط الكويت» حتى تم إحكام السيطرة الكاملة عليها.

تملك كامل

وكان الحدث الأهم في مارس 1975 حينما تملكت حكومة الكويت «نفط الكويت» بالكامل إضافة إلى وضع الشيخ صباح السالم في نوفمبر 1976 حجر الأساس لمشروع الغاز في ميناء الأحمدي، وخلال عهد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح تم تدشين مشروع الغاز بميناء الأحمدي في فبراير 1979، وتأسيس الشركات النفطية المتخصصة التي انضوت تحت مظلة مؤسسة البترول الكويتية إلى أن جاء الثاني من أغسطس عام 1990 لتتوقف العمليات النفطية بسبب الغزو العراقي للكويت.

وتعرضت الكويت لأكبر محنة يشهدها قطاع النفط في العالم في فبراير عام 1991، حين دمرت القوات العراقية وفجرت أكثر من 700 بئر نفطية، لكن وبفضل سواعد أبناء الكويت وبمعاونة الدول الشقيقة والصديقة بدأت في شهر مارس 1991 عمليات إخماد الآبار النفطية ليتم في 27 يوليو تصدير أول شحنة من النفط الكويتي بعد التحرير، وفي 14 سبتمبر 1991 تم استئناف عمليات الحفر في حقل المقوع وقام الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد بإطفاء آخر بئر نفطية مشتعلة في 6 نوفمبر عام 1991.

وبدأت الكويت بالعودة من جديد لتكون إحدى أهم الدول المنتجة للنفط تدريجياً، ولتشهد صناعة النفط محطات مهمة أخرى خلال مشوارها من أبرزها الاعلان عن اكتشافات غاز جديدة لترفع احتياطيات الكويت إلى 35 مليار قدم مكعبة في مارس 2006 بعهد سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.