لعبة «عضّ أصابع» رئاسية في لبنان على وهج العصْف الأمني

1 يناير 1970 05:26 م
جنبلاط:

لو تَوزّع الانتحاريون الـ 8 في البلد لكانوا فجّروه
فرضتْ تفجيرات بلدة القاع الانتحارية بوصْفها «فاتحة لموجة أكثر شراسة من العمليات الإرهابية» واقعاً جديداً في لبنان الذي وجد نفسه أمام حتمية التأقلم مع هذا الحدَث الذي سرعان ما رتّب تداعيات سياسية سواء ذات صلة بالمأزق الدستوري - المؤسساتي الذي يعبّر عنه الفراغ في رئاسة الجهورية او بالاستقطاب «الدائم» حيال سبل احتواء تداعيات الانخراط العسكري لـ «حزب الله» في الحرب السورية وما يستجلبه من تشظيات على شكل هجمات إرهابية او غيرها.

وكان بارزاً ان «الاثنين الانتحاري» في بلدة القاع والذي واجهته السلطة السياسية باستنفار كل المؤسسات الحكومية، أثار نقاشات على خطيْن متوازييْن: الأول يتصل بملف النزوح السوري في ضوء ما استحضرته عمليات مطلع الاسبوع من مخاوف من تحوّل مخيمات اللاجئين بيئة حاضنة للإرهاب وسبل تفادي الانزلاق الى جعل هذه المخيمات تدفع ثمناً مضاعفاً للحرب السورية، واستطراداً بكيفية ضبط الحدود اللبنانية - السورية بما يحدّ من تسلُّل مجموعات إرهابية. اما الخط الثاني فيرتبط بكيفية «تصفيح» الواقع السياسي عبر الضغط لسدّ ثغرة الفراغ الرئاسي بما يساعد في مواجهة المرحلة البالغة الخطورة التي دخلتها البلاد.

وفيما تبدو حكومة الرئيس تمام سلام كأنها تسير في «حقل ألغام» تخشى ان ينفجر فيها فتسقط آخر المؤسسات العامِلة في البلاد ولو بالحدّ الأدنى في لحظةٍ حرِجة، لم يتأخّر «وهج» تفجيرات القاع في ان يصيب الواقع السياسي الذي يختزله الشغور المتمادي برئاسة الجمهورية، وسط رصْد لما اذا كانت التطورات الأمنية ستشكّل حافزاً للخروج من «عنق الزجاجة».

وفي هذا السياق بدأت دوائر سياسية في بيروت تعبّر عن مخاوف من ان يكون الوضع الأمني بات جزءاً من لعبة «عضّ الأصابع» الداخلية في الطريق الى إنهاء الفراغ الرئاسي، بعدما كان رئيس البرلمان نبيه بري رسم «خريطة حل» ترتكز على مفهوم السلّة الكاملة التي تشمل الرئاسة وقانون الانتخاب والحكومة الجديدة رئيساً وتوازنات وبنوداً أخرى، وسط تلويح صحف من «8 آذار» بأن لا مخرج إلا بـ «دوحة لبنانية» على البارد او الساخن.

وفيما أبدت هذه الدوائر عبر «الراي» خشية من ان يشكّل اي وضْع إضافي للمناطق المسيحية في دائرة الاستهداف الإرهابي عامل إحراج وضغطا كبيراً على تيار «المستقبل» في سياق «مَن يصرخ أولا» في الملف الرئاسي وشروطه، فإن «14 آذار» ماضية في التعاطي مع طرْح بري - بما يعنيه من وقوف «حزب الله» وراءه - على انه محاولة للالتفاف على اتفاق الطائف و«قضْمه» داعية لبتّ الرئاسة بمعزل عن «الحمولة الزائدة» للحلّ لأنها تعقيد له.

وفي حين كشف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند فشل في إقناع ايران بالإفراج عن «رئاسية لبنان» كانت المفارقة الأبرز مواصلة النائب وليد جنبلاط الدعوة للسير بالسلّة الكاملة ومطالبة الرئيس الحريري ضمناً بتجرُّع «الكأس المُرة» المتمثلة بالسلّة وعون رئيساً. وهو عاود تأكيد انه «لا يمكننا مواجهة الوضع الأمني المتفلّت بلا استقرار سياسي»، معتبراً ان «8 انتحاريين لو توزّعوا بالبلد كانوا فجّروه. اليوم قضيت بالقاع، بكرا شو؟ ونحنا غرقانين بالنقاش البيزنطي حول الرئيس ومش رئيس، والسلّة ومش سلّة»، داعياً «لانتخاب أي رئيس بأي ثمن، إن كان عون أو غيره»، وسائلاً «المطلوب الإجماع على أيّ كان، أجمع المسيحيون على مرشّح (عون)... شو هالقصة؟ من اجل الاستقرار ليمشوا بعون أو أي رئيس، شو هالأزمة».