الصندوق الاسود / «طفولتي كانت حزينة... وعشتها بعيداً عن عائلتي»

رولا حمادة: كنت تلميذة مشاغبة جداً... ولا أصدقاء لي من أيام الدراسة

1 يناير 1970 05:26 م
«الصندوق الأسود»!

كلمتان تثيران الفضول والفزع في وقت معاً!

الفضول إلى اكتشاف مجهولٍ مفعمٍ بالغرابة والتوتر يقبع هناك، في جوف طائرة منكوبة، أو سفينة غارقة، والفزع الذي يصاحب التنقيب عن أسرارٍ غامضة ومعتمة تقف وراء المشهد، وتتوارى في الجانب المظلم من الصورة!

الإنسان أيضاً يملك «صندوقاً أسود»، يرافقه طوال الوقت، يسجل عليه حركاته وسكناته، ويحتفظ بآلامه وآماله، ويختزن ما يحب وما يكره، ويخبئ أفراحه وإحباطاته، والأهم من كل ذلك أنه يفيض بملايين الأسرار التي قد يحرص الإنسان أن يخفيها عن الآخرين، حتى الأصدقاء والأحبة!

«الراي»، التي تدرك جيداً أن أغلب البشر يرفضون فتح «صناديقهم السوداء»، مهما كانت المغريات، قررت المغامرة - في هذه الزاوية - بأن تفتش في أعماق كوكبة من الفنانين والإعلاميين، وتطل على الجانب الأكثر غموضاً في حياتهم، والذي يمثل لهم «مجهولاً» طالما هربوا منه... لكن «الراي» تجبرهم الآن على مواجهته!

? في البداية، كيف كانت طفولتك؟

- حزينة، وذلك لأنني عشتها في مدرسة داخلية بعيداً عن عائلتي وإخوتي، طفولتي كانت صعبة وواجهت خلالها الكثير من المشاكل.

? ما هي الألعاب التي كنتِ تفضلينها عن سواها خلال تلك الفترة؟

- لعبة الـ X والحبلة واللقيطة والغميضة.

? في رأيك، هل الجيل الحالي أوفر حظاً لكونه يحظى بالألعاب الإلكترونية الحديثة، على عكس الألعاب القديمة كألعاب الدمى أو الغميضة أو حي الميد وغيرها؟

- لا، أسعدني ابني في أحد الأيام عندما أخبرني أنه لعب «الغلّة» مع رفاقه في المدرسة. في المقابل، يمتلك هذا الجيل فرصاً أكبر فهو منفتح على العالم، لكن هذا لا يعني أن يكون محظوظاً أكثر في طريقة اللعب. هذا الأمر يتحدد نتيجة التوازن في المنزل حيث يجب أن يعرف الأهل متى يسمحون لأولادهم باستخدام الألعاب الإلكترونية ومتى يتعلمون كيفية تشغيل مخيلتهم عبر الرسم مثلاً.

? ما هي الرسوم المتحركة التي كنتِ تحرصين على متابعتها بشغف كبير؟

- كان من غير المسموح لنا في المدرسة الداخلية متابعة البرامج التلفزيونية، وفي المقابل لم يكن يوجد سوى تلفزيون لبنان.

? مع تقدمك في العمر، هل حرصت على متابعة الرسوم المتحركة بسبب حرمانك منها في الطفولة؟

- لا، أبداً شاهدت الرسوم المتحركة مع ابني عندما كان صغيراً في السن، لكن فقط بهدف معرفة المواد التي يشاهدها والمعلومات التي يتلقاها، وهنا اكتشفت أن الرسوم المتحركة تغيرت كثيراً عن السابق، فأصبحت أذكى وتتضمن معلومات كثيرة ومفيدة.

? أيهما الأقرب إليك والدتك أم والدك؟

- لم يكن هناك والدي ولا والدتي ولا حتى أخوتي، فقد نشأت في مدرسة داخلية بعيدة عن عائلتي.

? إلى أي درجة كنت طفلة محرومة؟

- في البداية كنت محرومة من عاطفة الأهل، كما عايشت الحرمان من أشياء كثيرة، لأنه عندما لا يكون لديك أهل أو سند فإن «الناس اللي قاعد عندهم بالمدرسة ما بيشعروا فيك وبيحرموك كمان لأنهم مش منتبهين لوجودك أساساً».

? كم لديك من الأشقاء، ومن يشبهك منهم في الملامح أو الطباع والصفات؟

- لدي ثلاثة أخوة «صبيان» وأخت وحيدة، ونشبه بعضنا كثيراً من ناحية الشكل الخارجي. لم نقض طيلة حياتنا في المدرسة الداخلية، لكن عندما خرجنا منها كانت طفولتنا قد انتهت. صفاتنا وطباعنا تختلف، لكن عدنا وعرفنا كيف نكوّن عائلة، لأن أمي سيدة استثنائية ومميزة جداً واستطاعت أن تجمعنا. تعرفت أكثر إلى أخوتي مع الوقت وأدركت في ما بعد أنهم الباقون لي في الحياة.

? كيف هي طباعك داخل المنزل وخارجه؟

- بالتأكيد طباعي خارج المنزل أفضل، لأنني أسيطر على نفسي أكثر. يمكنك أن تفلت نفسك أمام الناس التي تستوعبك وتحتويك وتسامحك، فالإنسان بحاجة دائماً إلى سند في حياته، لكن الشخص الغريب غير ملزم بتحمل ردود فعلك.

? هل كنتِ تلميذة هادئة ومتفوقة في الدراسة، أم كسولة ومشاكسة؟

- لا، لم أكن تلميذة هادئة أبداً، بل مشاغبة جداً جداً جداً. أعتقد أنني فهمت الآن لماذا كنت بهذه الطباع في الطفولة، فقد كنت أدافع عن نفسي لأنه لم يكن يوجد من يدافع عني. فأذكر عندما كانوا يضربونني أو يعاقبونني، كنت أُظهر ردّ فعل عكسي وكنت أتحداهم بدلاً من أن أصبح تلميذة عاقلة. أما من ناحية الدراسة، فقد كنت بمستوى جيد وأحياناً جيد جداً.

? هل تتذكرين زملاء الدراسة؟

- لا، ليس لدي أي أصدقاء من أيام الدراسة.

? وهل تعمدت هذا لنسيان تلك الحقبة؟

- لا لم أتعمد ذلك، لكنه حصل بسبب ظروف الحرب التي وقعت في ذلك الوقت، خصوصاً أنني عملت على تغيير المدرسة.

? اذكري لنا موقفاً طريفاً لا يزال عالقاً في ذاكرتك؟

- هذا أصعب سؤال يمكن أن يُوَجه لي، أكيد هناك مواقف عديدة طريفة حصلت في حياتي، لكن لا أستطيع تذكرها.

? ما هي الشهادات الدراسية والمؤهلات العلمية التي في حوزتك؟

- حصلت على ماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة اليسوعية، ودرست علم اجتماع وعلم نفس، إلا أنني لم أتابع دراستهما.

? لو تحدثنا عن أحلام الطفولة التي تحققت وما لم تتحقق؟

- كنت أريد أن أصبح ممثلة، وهذا ما حصل وهذا كان حلمي الوحيد.

? لو عاد بك الزمن إلى الوراء وأنت في نضجك الحالي، فهل كنتِ ستحترفين الفن؟

- إذا كان لدي الإحساس الذي رافقني منذ أن قررت خوض هذا المجال فأكيد سأحترف الفن، لأن هذا الإحساس أقوى منك ولا تستطيع أن تقاومه.

? ما هي القرارات التي اتخذتها وندمتِ عليها الآن؟

- في بداية عملي في مجال التمثيل، وهنا كنت في بداية عمر الشباب، لم يكن هناك أحد إلى جانبي ليعطيني النصائح ويدعمني، فضمن عائلتي لا يعمل أي شخص في الوسط الفني. لو كان هناك أحد يعطيني النصائح في ذلك الوقت، ربما مشواري الفني كان أغنى. وما أقصده أنني تعلمت بالطريقة الصعبة.

? إلى أي مدى تتأثرين بمشاهدة الأطفال المحرومين والمشردين؟

- كثيراً، فهذا مشهد مرعب. إذا فكرت ولو للحظات أنك ستصبح مشرداً على الطرقات، فسيصيبك انهيار فكيف الحال إذاً وأنت ترى أطفالاً يأكلون وينامون على الطرقات.

? ما هي نصيحتك لكل الأطفال؟

- النصيحة لا تتوجه إلى طفل، والجمعيات والجهات المسؤولة في لبنان لا تستطيع القيام بأكثر من قدرتها، وذلك بسبب كثرة عدد النازحين. في لبنان فاق الوضع قدرتنا.