وسط مدار إقليمي أكثر تأزمُّاً وانسداد داخلي متعاظم

لبنان يخشى فقدان «الرافعة الأوروبية» بعد «زلزال»... بريطانيا

1 يناير 1970 03:44 م
وضعت بيروت أمس، جانباً «الانسداد» السياسي الكامل الذي تعيشه في ظل أزمتها الرئاسية المتمادية، لتنضمّ الى عواصم العالم في «الانشداد» الى الحدَث التاريخي الذي شكلته النتائج التي خرجت من الصناديق في المملكة المتحدة لمصلحة خروجها من الاتحاد الاوروبي.

واذ كان العالم يقوّم التحوّل الذي عبّرت عنه نتائج الاستفتاء التاريخي في المملكة المتحدة من زاوية انعكاساته الاقتصادية والسياسية السلبية المحتملة على مستقبل البلاد وصولاً الى مصير الاتحاد الاوروبي نفسه وسط مخاوف من ان يكون لما حصل «تأثير الدومينو»، فإن لبنان قارب هذا «الزلزال» على «مقياس» مأزقه الداخلي الذي بات «ترياقه» محصوراً إما بـ «حاضنة خارجية» تستولد حلاً يراعي حسابات التوازنات الاقليمية ويسير «بين نقاط» التطاحن الايراني - السعودي خصوصاً، او بـ «خريطة طريق» من «حواضر البيت» اللبناني رسم رئيس البرلمان نبيه بري خطوطها العريضة.

والواقع ان الوقْع المدوّي لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي والذي اعتُبر الأهمّ في «القارة العجوز» منذ سقوط جدار برلين، شكّل عاملاً مقلقاً للبنان باعتبار انه يعني دخول أوروبا ودول القرار في العالم في مرحلة «خلط أوراق» على مستوى اهتماماتها بما يضيّق حتى «نافذة الأمل» التي كان ثمة رهان على «النفاذ» منها لملء الفراغ الرئاسي من خلال إدارة فرنسا محركات اتصالاتها مع ايران بالدرجة الاولى كما السعودية في محاولة لإنهاء الأزمة اللبنانية، وهو ما كانت عبّرت عنه المعلومات عن محادثات وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف وما رافقها من تقارير عن تَفاهُم بينهما على متابعة البحث في مبادرة لتسهيل حل الأزمة الدستورية في لبنان بعد زيارة ايرولت لبيروت في 11 و12 يوليو المقبل. علماً ان باريس تستقبل اليوم ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الآتي من واشنطن حيث عقد لقاءات لم يغب عنها الملف اللبناني من زاوية ضرورة الحفاظ على استقرار لبنان ووقف تَدخُّل «حزب الله» في سورية وتنفيذه سياسة إيران في المنطقة وموقف القيادة السعودية المطالب بالضغط على طهران لإلغاء الفيتو الذي وضعتْه الأخيرة على الانتخابات الرئاسية اللبنانية.

وما رفع منسوب التشاؤم حيال مناخ تمديد المأزق اللبناني ان «الطبقة الاقليمية» من الحلّ عالقة بدورها في «ملعب النار» السعودي - الايراني الذي لا يشي بأنه مُقبِل على اي مهادنة في المدى المنظور، ولا سيما في ضوء التطورات العسكرية المفصلية في سورية وعودة رياح التسخين من البوابة البحرينية.

أمّا «المخرج اللبناني» للأزمة الذي عبّر عنه اقتراح رئيس البرلمان نبيه بري بـ «دوحة لبنانية» يولد من رحمها رئيس للجمهورية من ضمن سلّة كاملة تشمل الى الرئاسة الاولى قانون الانتخاب ورئاسة الحكومة وتوازناتها وبيانها الوزاري، فيبدو بدوره محكوماً بأفق مسدود نتيجة اشتمام قوى وازنة في لبنان ولا سيما من فريق «14 آذار» محاولات لتحويل هذا المسار الى ما يشبه «المؤتمر التأسيسي» الذي لطالما غمز «حزب الله» من قناته بما يمنح الحزب مكتسبات في النظام وذلك على وهج الحدّين اللذين وضعهما رئيس البرلمان للواقع اللبناني وأحلاهما مُر: الاول اعتباره مايو 2017 موعداً لا رجوع عنه للانتخابات النيابية ولو في غياب رئيس للبلاد، الأمر الذي يدفع البلاد الى «ازمة نظام»، والثاني رسمته صحف قريبة من فريق «8 آذار» تحدّثت عن «ان المعادلة صارت محصورة بين سلة متكاملة على «البارد» أو انهيار سياسي يمهد للسلة المتكاملة «على الحامي».

وفيما عقدت الحكومة امس، جلسة مرّت بهدوء وتركّزت على عمل مجلس الإنماء والإعمار، شخصت الأنظار على إطلالة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في ذكرى اربعين قائده الأمني مصطفى بدر الدين الذي سقط في سورية والتي تطرّق فيها الى الملف السوري وخسائر الحزب الموجعة في ريف حلب الجنوبي اضافة الى ملف البحرين والعقوبات الاميركية عليه وتعاطي القطاع المصرفي معها والتي تنذر بموجة تشدُّد جديدة.

كما خطفت الأضواء الزيارة التي بدأها الرئيس سعد الحريري للشمال والتي تستمر حتى الأحد واستهلّها بإفطار حاشد في طرابلس التي توجّه اليها للمرة الاولى منذ خسارة اللائحة التي دعمها من ضمن «التحالف السباعي» في الانتخابات البلدية امام اللائحة التي أيدّها وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي.