الدولة أمام خياريْن: إما الفراغ القاتل وإما الصفقة الشاملة
سلام يحذّر من أن حكومته قد تكون الأخيرة في لبنان
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
03:37 م
الحريري رداً على «حزب الله»: يعتبرون سحب جنسية شيخ مجنّس بحريني جريمة فيما هم يشاركون بسحب أرواح الآلاف
رفع رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام الصوت عالياً في كلامٍ انطوى على ما يشبه «الصرخة الاخيرة»، حين حذّر من ان حكومته قد تكون آخر الحكومات وان البرلمان الحالي قد يكون آخر المجالس التشريعية في لبنان، عاكساً بقرْعه ناقوس الخطر عمق المأزق السياسي - الدستوري الذي تعيشه البلاد وسط انعدام أي ملامح لإحداث كوة في جدار الأزمة.
وثمة انطباع في بيروت بأن التمادي في تعطيل الانتخابات الرئاسية وما ينجم عنه من شللٍ للحكومة والبرلمان، الهدف منه تحويل المأزق من مجرّد أزمة في السياسة الى أزمة نظام، وهو ما بدأت مؤشراته من خلال الترويج الى استحالة تحقيق اي اختراق بمعزل عن سلّة متكاملة للحلّ على طريقة صفقة تشتمل على مقايضة كشرطٍ للإفراج عن الدولة المعلقة.
وفي تقدير أوساط سياسية في بيروت ان الحياة السياسية في لبنان بدت وبرمّتها في «إقامة جبرية» ويتم اقتيادها بفعل الأمر الواقع من فشل الى فشل، كما هو الحال مع تعطيل الانتخابات الرئاسية وقفل الابواب امام الاتفاق على قانون انتخاب جديد، ومن ثم الذهاب تالياً الى ما بات يُعرف بـ«دوحة جديد»، وهو الاسم الحرّكي للصفقة الشاملة.
وكان لافتاً ان طاولة الحوار التي انعقدت اول من امس، أفضت الى ما يشبه اعلان اليأس من إمكان الاتفاق على قانون جديد للانتخابات بعدما كانت استسلمت لتعذُّر انتخاب رئيس للجمهورية، ولم يعد امامها سوى «المخرج الاخير» الذي كانت تضمّنته مبادرة مدير «الطاولة» رئيس البرلمان نبيه بري، اي السلة المتكاملة.
وتشتمل السلة المتكاملة، كما بات معروفاً على التفاهم على قانون الانتخاب والرئاسة والحكومة (رئاسة وتوازنات)، اضافة الى قطب مخفية على شكل أفكار اصلاحية، وهو المخرج الاضطراري الذي ينطوي على محاولةٍ لتعديل قواعد اتخاذ القرار وآلياته في مجلس الوزراء على طريقة معاودة توزيع «كعكة السلطة»، وهو هدف غالباً ما يجاهر به «حزب الله».
ومن المرجّح ان يصار الى تظهير خيار «السلة المتكاملة» على نحو اوضح في ثلاثية طاولة الحوار التي دعيت الى عقد اجتماعات في 2 و3 و4 اغسطس المقبل، وهي جلسات أقرب ما تكون الى ورشة مفتوحة لن تؤدي بالضرورة الى رسم معالم الحل بقدر ما يمكن ان تفضي الى الدفع في اتجاه وضع البلاد امام خيارين: إما السقوط في الفراغ القاتل وإما الصفقة الشاملة.
ويحظى هذا الاتجاه بمعارضة قوى وازنة، لا سيما في صفوف «14 آذار» كـ«تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية»، وهو ما حاول الرئيس سعد الحريري سابقاً قطع الطريق عليه عندما تحدث عن ان اي سلة متكاملة يجب ان تشمل سلاح «حزب الله»، وهو ما يعني عملياً الذهاب الى مواجهة سياسية اكثر حدة في البلاد.
وفي موازاة ذلك، ارتفع منسوب الاستقطاب السياسي بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» عشية الحوار الثنائي بينهما، وذلك على خلفية البيان غير المسبوق في حدّته الذي أصدره «حزب الله» ضدّ حكومة البحرين على خلفية سحب الجنسية من الشيخ عيسى قاسم، اذ ردّ الحريري مستغرباً التدخل في شؤون البحرين الداخلية «على خلفية قرارها السيادي بسحب الجنسية من الشيخ عيسى القاسم»، وتساءل عبر موقع «تويتر»: «هل أستطيع أن أفهم ما دخل إيران و(حزب الله) إذا قررت البحرين سحب جنسية مواطن لديها، كائناً من يكن، أكان شيخاً أو غير شيخ؟»، مضيفاً بتعجب: «يعتبرون أن سحب جنسية شيخ مجنّس بحريني يدعو للفتنة هو جريمة، فيما هم يشاركون بسحب أرواح آلاف الأبرياء وتدمير المدن والبلدات على من فيها بسورية».
وفي هذه الأثناء انعقد مجلس الوزراء في جلسة عادية غابت عنها الملفات الخلافية التي تُبحث في جلسة يوم غد الجمعة وسط توقّعات بأن يحضرها وزير العمل سجعان قزي الذي تم فصله من حزب «الكتائب» لرفضه التزام قرار الاخير بالاستقالة من الحكومة ووقف اي تصريف للأعمال. وجاء انعقاد مجلس الوزراء على وهج الكلام التحذيري الذي أطلقه رئيس الحكومة تمام سلام في إفطارٍ غروب الثلاثاء من ان «تكون حكومتُنا آخرَ الحكومات ومجلسُنا النيابيّ آخرَ مجالسِ التشريع في الجمهورية اللبنانية».
وخاطب المسؤولين أن «اذهبوا فوراً الى انتخاب رئيس للجمهورية لنعيد النصاب الى المؤسسات والروح الى الحياة السياسية، وننصرف الى بناء بلدنا وحمايته من آثار ما يجري في منطقتنا»، معتبراً ان «المشهد الوطني الراهن يدعو إلى القلق» و«الدولة مستضعفة وهيبتها مستباحة وقرارها مخطوف»، وموجهاً تحيتين للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي ولقطاع الأعمال والمصارف والمصرف المركزي الذي يتولى بكفاءة عالية حماية الاستقرار النقدي والمالي، «وعليهما تتوقف حماية الهيكل الوطني من السقوط بوصفهما الحارسان الأمينان: المؤسسات العسكرية والأمنية والمنظومة الاقتصادية والمالية»، مضيفاً: «لم أتردد في القول إن الحكومة فاشلة وعاجزة، وأن ما يمنعني من التصرف بما عليه الوضع (أي الاستقالة) هو فقط المسؤولية الأخلاقية والوطنية، والخشية من دفع البلاد إلى هاوية الفراغ».