الأيام الأخيرة في حياتهم

عثمان بن عفان - رضي الله عنه - (5 من 5)

1 يناير 1970 04:42 ص
تحت هذا العنوان نعرض لحلقات يومية متتابعة على مدار أيام الشهر الفضيل، نقدم من خلالها وصفاً للأيام الاخيرة في حياة بعض الشخصيات التي كان لها اثر واضح في تاريخ الأمة الاسلامية، لنتخذ منها العبرة والعظة... والله أسأل التوفيق والسداد.

أقبل على عثمان احد السبئيين ليقتله فقال له: اخلع نفسك من الخلافة وسوف ندعك ونتركك، فقال له عثمان: ويحك، والله ما كشفت امرأة في جاهلية ولا اسلام، ولا تغنيت ولا تمنيت، ووالله ما وضعت يميني على عورتي منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولست خالعا قميصا كسانيه الله عز وجل، وأنا على مكاني هذا حتى يكرم الله اهل السعادة ويهين اهل الشقاء.

فكف الرجل يده عن عثمان، وخرج فقالوا له: ماذا صنعت؟ ولماذا لم تقتله؟ فقال لهم: لقد وقعنا والله في مشكلة لا حل لها، والله ما ينجينا من الناس الا قتله، ووالله لا يحل لنا قتله، ولا ادري ماذا نفعل؟!

ودخل رجل اخر لقتله، فقال له عثمان من اين انت؟

قال: انا ليثي. قال له عثمان: اخرج لست انت الذي تقتلني.

قال له: وكيف؟ قال عثمان: ألست انت الذي دعا لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كذا وكذا وانت في نفر من اصحابك؟ قال: بلى.

قال له عثمان: اذهب يا أخي ولا تضيع دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. فتذكر الرجل وندم على ما فعل، وخرج من الدار، وفارق القوم السبئيين ودخل عليه رجلا قرشيا ليقتله، فقال: يا عثمان اني قاتلك.

قال عثمان: كلا يا فلان انك لن تقتلني. قال: ولماذا؟ قال عثمان: لقد استغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كذا وكذا ولذا لن ترتكب دما حراما، فتذكر الرجل وندم على ما فعل واستغفر ربه وغادر الدار وفارق القوم.

ودخل عليه محمد بن أبي بكر فأخذ بلحيته فجذبها فقال له عثمان: دع لحيتي لقد اخذت مأخذا وقعدت مني مقعدا ما كان أبوك أبو بكر رضي الله عنه ليفعله يا ابن أخي ويلك، أعلى الله تغضب؟ ماذا فعلت بك؟ لقد ارتكبت جرما فأقمت عليك حكم الله. فندم محمد بن أبي بكر، وقام عن عثمان وخرج من الدار نادما... - الطبري.

عند ذلك قرر ثلاثة من قادة السبئيين ان يدخلوا على عثمان جميعا وان يقتلوه معا وكان الوقت بعد عصر يوم الجمعة، فضرب احدهم عثمان بحديدة كانت معه وضرب المصحف الذي امام عثمان برجله فاستدار المصحف واستقر بين يدي عثمان وسال الدم من وجه عثمان واستقرت قطرات من دمه على قوله تعالى: (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) البقرة - 137 - وجاء الثاني وأهوى بسيفه على عثمان فدافعت عنه زوجته «نائلة بنت الفرافصه» واتقت السيف بيدها فقطع اصابع يدها ثم ضرب عثمان بسيفه عدة ضربات فقتله، ولما تم قتل عثمان رضي الله عنه وكان ذلك قبل مغيب شمس يوم الجمعة نادى منادي السبئيين قائلا: انه لم يحل لنا دم الرجل ويحرم علينا ماله الا ان ماله حلال فانهبوا ما في البيت. فنهبوا كل ما في البيت حتى نهبوا ما على النساء، وبعدما أتم رعاع السبئيين نهب دار عثمان تنادوا وقالوا: ادركوا بيت المال واياكم ان يسبقكم احد اليه وخذوا ما فيه واقتحم السبئيون بيت المال وانتهبوا ما فيه - الطبري.

وكان عمر عثمان رضي الله عنه وأرضاه عند استشهاده حوالي ثلاث وثمانين سنة وفي جوف الليل جاء مروان بن الحكم الى بيت عثمان فقال: ان تركتم عثمان حتى الصباح فإن القوم سيمثلون به، فاجتمع نفر من الصحابة منهم علي وطلحة وكعب بن مالك وغيرهم فأخرجوا جثة عثمان وغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ثم حفروا قبره في بستان له يسمى بستان كوكب بجانب البقيع كان عثمان قد اشتراه وزاده في البقيع فكان اول من دفن فيه رضي الله عنه وأرضاه.

ذلكم هو عثمان بن عفان أمير المؤمنين احد السابقين، وذو النورين وصاحب الهجرتين الى الحبشة والمدينة، وزوج الابنتين الشريفتين الطاهرتين، حامل القرآن، القوام به في الليالي والهواجر، الصوام.

فرضي الله عن أمير المؤمنين ذي النورين بأيامه المشرقة وأعماله السابقة وأولياته الفائقة التي استحق بها شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم».